|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  3  / 10 / 2021                                 د. مهند البراك                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عن بيان سماحة المرجع الاعلى حول الانتخابات

د. مهند البراك
(موقع الناس)


لعبت مرجعية النجف الشيعية ادواراً تاريخية هامة في تأريخ العراق القريب، و كانت داعمة للمطالبين بالتحرر و التقدم و السلام ـ عدا فترات لا يتسع المجال هنا لها ـ، حتى صارت مرجعية عليا تحترمها الاطياف العراقية باجمعها و صارت بياناتها مرجعاً لكل من ناضل من اجل خير العراق و استقراره و امنه، و لعب سماحة المرجع الاعلى السيد علي السيستاني، ادواراً هامة في توحيد كلمة العراقيين باطيافهم، و في الدفاع عن ارواحهم و ممتلكاتهم، و لا تُنسى بيانات المرجعية بضرب الفاسدين بيد من حديد، و فتواه في الجهاد الكفائي لحماية البلاد من داعش الاجرامية الإرهابية، و نصائح المرجعية بان يتفرغ رجال الدين للارشاد و النصيحة . .

و تتالي نصائحها بانصاف الشعب و فقرائه و معدميه . . حتى وصل عدم اهتمام الحاكمين (الشيعة) بنصائحها، الى تعبيرها بأن "جفّت اصواتنا" من النصح و اغلق المرجع الأعلى ابوابه بوجه حاكمي الاسلام السياسي الظالمين.

الاّ ان الكتل الحاكمة ـ بديل دكتاتورية صدام ـ سارت على طريق المحاصصة الطائفية و العرقية و ثبّتته بكذبها و باجنحتها المسلحة و باتخاذها زوراً المرجعية العليا ستاراً لها . . على ان المحاصصة هي الطريق الدستوري، و خضعت تلك الكتل لمصالح دول الجوار القوية و مصالح الدوائر الأميركية و الاقليمية و غيرها من القوى العظمى التي لا تهتم الاّ لمصالحها هي . . لتحقيق مصالحها الانانية الضيّقة، دون التفكير بحال الشعب و اوسع فئاته الفقيرة و المعدمة التي صارت تزداد سوءاً حتى صارت تأكل من المزابل، بل و خالفت حتى ادعاءاتها هي بأنها من "شيعة علي" ، و خالفت قواعد الإمام علي في مقولته الخالدة "لو كان الفقر رجلاً، لقتلته".

حتى صار الشعب لا يثق بهؤلاء الحكام لأنهم لم يجلبوا الاّ الدمار، و العار لبلادنا بين الامم بإسم (العقيدة و المذهب)، الذي ادىّ الى رفع شعار بارز في انتفاضة تشرين البطولية "بإسم الدين باكونا الحرامية" . . الحرامية الذين ظلموا حتى ابناء حشد السواتر الذين دافعوا عن البلاد بدمائهم و حموا كراسيهم، و سرقوا حقوق عشرات الآلاف منهم، و اكتنزوا اموالاً فلكية هائلة من عمليات (فساد عابر للطوائف) و صارت تلك العمليات هي التي تحكم، بالكذب و الحيل و الديماغوجيا الايمانية.

و فيما يرى قسم بأنه لابد للمرجعية المحترمة من مسوّغات لدعوتها للمشاركة في الانتخابات و كونها بعيدة عن اي مرشح او قائمة، رغم اشارات واسعة لسياسيين و برلمانيين و خبراء على انواع الفضائيات و وسائل الإعلام، بأن ما يجري هو تدوير للوجوه الكريهة التي حكمت ذاتها، بأشكال الحيل و الماكياجات و عسل الوعود و الكلام المنمق، و بالسلاح و المال السياسي . .

و وسط ذهول و تساؤلات اوسع الاوساط و بتجاربها المرّة طيلة ثمانية عشر عاماً، لماذا نطقت المرجعية الآن ؟ و هي تعيش و ترى المشاركة الفعالة للاحزاب ذات الاجنحة المسلحة، حيتان الفساد،

الدور الهائل للمال السياسي، استمرار و تصاعد مطاردة الناشطين و اعتقالهم و اغتيالهم . . و طالبت تلك الاوساط المرجعية منذ انطلاقة تشرين باصدار فتاوى بحقهم لأنهم لا يلتزمون بالدستور، و لكن لا جواب و لا استجابة من المرجعية . .

الامر الذي جعل اوساطاً متزايدة ترى بأن المرجعية و كأنها تقف الى جانب الكتل الحاكمة التي ينخرها الفساد علناً، و كأنها تبتعد عن المطالبات الشعبية الواسعة بعد ان تراكم الفساد و السرقات و خربت البلاد من جهة، و تراكم الفقر و البطالة و العدم و ازدادت اعداد و نسب من هم دون خط الفقر زيادة رهيبة من جهة اخرى . . ليتكوّن قطبان متناقضان لا وسطية بينهما.

و يتصاعد سؤال من اوساط تحبُّ و تحترم المرجعية و تتمناها حلماً يوعد بالتحقق . . هل تخاف المرجعية العليا من الميليشيات ؟؟ و هل تخاف من غدر الكتل الولائية الحاكمة، لها ؟؟ بعد ان ضاعت المقاييس القانونية و الأخلاقية و الدينية، و هل تحرص على مواردها اكثر من حرصها على الشعب و على فقرائه وكادحيه ؟؟ الذين هم اصحاب الحق و اصحاب البلاد، في هذه المحن القاسية، و يحرصون على الوقوف وقفة الإمام الحسين الخالدة، التي مرّت الآن اربعينيّته و تمر الذكرى الثانية لإنتفاضة تشرين الشبابية الجريئة التي اعادت للشعب وعيه و وحدته، و ذكرى شهيداتها و شهدائها الثماني مئة الابرار، و ابرز ناشطيها بين عشرات آلاف المعوقين، المختفين، الملاحقين، و الذين يعانون الفقر و الحرمان . . فيما يترنّم بوقاحة بها العديد من الفاسدين و الحرامية و القتلة و المدّعين !!


1 /تشرين1 / 2021


 




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter