| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الخميس 21/7/ 2011



"التيار الديمقراطي" نحو الدولة المدنية الإتحادية !
(3)

د. مهند البراك 

و في الوقت الذي اخذت تزداد فيه نزعة " لنعمل معاً " ، القائمة على ادراك اهمية ذلك، كما يجسدها " التيار الديمقراطي " بقيامه على اساس تحالف سياسي يضم : الحزب الشيوعي العراقي، الحزبين الوطنيين الديمقراطيين، الحركة الاشتراكية العربية، اضافة الى شخصيات ديمقراطية مستقلة، لمواجهة مهام اليوم الصعبة . .
تنتظر اوساط ان يبادر اليسار الماركسي الديمقراطي الى توحيد نفسه، ليس كبديل للتيار و انما في هدي تلك الروحية، و استكمالاً له كتحالف (1) . . في ظروف يرون فيها، كيف تتسارع قوى متنوعة من مستفيدين و نفعيين لتوحيد صفوفها في جبهات مؤثرة تحت راية القومية الضيقة و الطائفية، رغم حجم الاختلاف الكبير بينها الذي وصل مرارا حد الاقتتال الدموي. لأخذ نصيب من السلطة السياسية و لترسيخ مكانة في المجتمع، بتوظيفها المحاصصة الطائفية و العرقية لذلك . . و بدعم و اسناد من النظام الإقليمي و الدولي، الذيّ دعم و عزل و ضغط و يواصل الضغط في محاولات لتحديد طريق محدد للمسار بعد سقوط الدكتاتورية، بما يخدم مصالحه . .
ففي الوقت الذي خاض فيه عضو تحالف " التيار الديمقراطي " الحزب الشيوعي العراقي ـ اكبر قوى اليسار و اكثرها تنظيماً ـ و مؤازريه و القوى الديمقراطية، منظمات و شخصيات . . نضالاً صعباً لم يعرف المهادنة ضد الدكتاتورية، سياسياً و مسلحاً كما مرّ . . و ادى الى خسارته اعداد كبيرة من كوادره و ناشطيه شهداءً، لا يمكن تعويضهم بسهولة، و الى تحطيم و تشريد و شلّ الآلاف من عوائل مناضليه . . بعشرات الأجهزة المتخصصة تخصصاً شيطانياً بتحطيم المعارضة اليسارية الديمقراطية فكرياً و جسدياً طيلة ربع قرن . .
التي ادّت من جهة اخرى و بسبب ظروف العمل السري الشاقة، الى تجاوز الديمقراطية الداخلية في الحزب و اعاقة نموها و تطورها و غلبة الطابع الستاليني على منظماته في تلك الحقبة، بسبب مخاطر الإندساس و التدمير و الحذر من الوقوع في قبضة الأعداء . . وادّت مقاومة الحزب لحماية نفسه اضافة الى عوامل اخرى، الى تكريس نواقص تنظيمية عشعشت فيه و اخطاء . .
و بذلك قامت الدكتاتورية و اساليب بطشها بمعارضتها ـ و خاصة اليسارية ـ التي لم تلق دعماً دولياً و اقليمياً بمستوى ما واجهته طيلة عقود، وسط شعب يزداد تكبيلاً و مذلّة و مهانة . . قامت بكل ما ادىّ الى تدمير و شلّ اجيال، فكرياً و سياسياً ، و الى هبوط الوعي المجتمعي هبوطاً مريعاً . . حيث أزهقت الكثير من الأرواح البريئة و المكافحة لأجيال، وتعطلت عقول متنورة كان بالإمكان أن يكون لها شأناً عظيماً في البلاد اليوم . . التي لو سايرت الدكتاتورية لكانت في مواقع علمية و اجتماعية لاتقاس بما تعيش عليه الآن، الاّ انها رفضت و قاومت و ضحّت بالكثير الكثير .
منها اعداد كبيرة اضطرت لترك الوطن و هامت على وجهها و ضاعت، و اخرى تاهت بعد محاولات لمواجهات و لتصحيح مسارات و آليات، بعضها اعتقدت على نبلها انها بنشاطها لوحده قادرة التغيير في وقت انعدم فيه ايّ ضوء في نهاية نفق تلك العقود . . اضافة الى تواصل الترديّ حتى بعد سقوط الدكتاتورية رغم انجازات، الأمر الذي لم يؤديّ بالتالي الاّ الى عزوفها عن السياسة و عن الوطن الذي احبّته و قدّمت له اغلى ماتملك . .
على ذلك يرى قسم كبير بانه قد لم يعد من العملي الآن سياسياً و جماهيرياً (2)، ألمطالبة بألإنطلاق من الماضي ونبشه و محاولة معرفة (أسبابه الحقيقية) في تنظيمات اليسار، لمحاولة تشخيص كيف و من، لمعاقبته و لتنتهي (المأساة )؟! (3) و كأن المسؤول عن ذلك هو شخص او بضعة اشخاص بعينهم، عن احداث جسام جرت خلال اربعة عقود، تغيّر خلالها العالم و المنطقة الإقليمية و البلاد و شعبها و منطقها السياسي و وعيها، تغييراً هائلاً حتى صار يبدو الماضي و كأنه منقطعاً عن متطلبات آليات تفكير و نشاط اليوم . .
و يرون باختصار، المطلوب تقييم الماضي باتجاه بناء حركة تواجه الواقع القائم للسير نحو آفاق افضل و أن تؤخذ الأخطاء بسياقاتها التأريخية ـ و يرى البعض بأن يعهد تقييم ذلك الى لجنة يتفق عليها من ذوي الكفاءة في سياق نشاط يساري مشترك و ليس كشرط قبله ـ .
و يرى آخرون بكونه غير مجدي، لأن البقاء بالدوران في فلكه و في دائرة ( كنّا و كانوا ) فقط، و الأحداث و التغييرات و اعادة التكوّن و الإصطفاف تسير بسرع عالية لاتنتظر، و لأن ذلك لايمكن ان يؤديّ الى نشاط فعلي من مستوى جديد منتظر لابد منه لخدمة قضية الشعب و كادحيه اليوم . . فالأمور لاتسير بالتمنيات الطيبة و الرغبات الفردية كما يبيّن توالي الأحداث، و انما بكيفية مواجهة الواقع القائم موضوعياً الآن، رغم صعوبة ذلك لمن عاش المرارات و تكوىّ بها . . فيما شباب اليوم بطبعه ينظر و ينشط الى الأمام و لاينتظر، و لايريد ان يعيش مآسي السابقين و تعقيداتهم التي تربكه، و يرى قسم منهم بأن صيغة و كينونة احزاب الأمس لا تلبي مطالبه و آماله . .
و من جهة اخرى، لأن الأسباب الأساسية بالنتيجة النهائية (عدا التفاصيل) تكمن في نفس اسباب محنة شعبنا الموروثة من الدكتاتورية و تواصل المحن بعد سقوطها، و تكمن في محن الحركة الشيوعية العالمية و في ان عملية التجديد الحزبي قد بدأت متأخرة ترابطاً بالأحداث، و انها تسير ببطء مؤسف قياسا بسرعة تتالي الأحداث . .
في وقت يلاحظ كثيرون فيه بانه حتى التكتلات التي خرج قسم منها من الحزب الشيوعي
(4) بالتوالي طيلة عقدين و استمرت بحمل اسمه (5) ، بقيت اسيرة الماضي و اسيرة اشخاصها و لم تقدّم بديلاً واقعياً غير اساليب اطلاق فضائح رنّانة و تسقيط و تهجم على الحزب، سياسة و ناشطين و وجوهاً معروفة، رغم جهود تبذل مع بعضها . . بدلاً من توجهها الى الجماهير بوجهة افضل و تبني مطاليبها و الدفاع عنها، لتكوين تنظيم افضل و حزب افضل ـ برأيها و كما تروّج ـ ، افضل من الحزب المتواصل الحضور على الساحة مع الجماهير . . حيث فيما انضم بعضها بعدئذ بشكل مؤسف تحت خيمة الدكتاتورية مختاراً، انضم بعض آخر الى (المقاومة) الطائفية و الشوفينية و استمر آخر بالإنشطار او بانتظار تكوّن تجمّع جديد . . (باختصار لابد منه في مقال)
و يرى كثيرون ان تحرك القوى اليسارية و الديمقراطية اثر سقوط الدكتاتورية لم يكن بطيئا الاّ لأفتقارها للدعم الإقليمي و الدولي اسوة بالقوى الأخرى التي صارت به متنفذة، في الظروف التي عاشتها و لا تزال تعيشها البلاد منذ اكثر من عقدين . .
اذ رغم سقوط الدكتاتورية بحرب خارجية اعلنت جهاراً الأهمية الستراتيجية للعراق في سير المصالح و الموازنات الدولية و الإقليمية، في زمان العولمة الرأسمالية . . جاء نظام المحاصصة الطائفية و العرقية و كأنه مسعى لابعاد القوى اليسارية الديمقراطية عن المساهمة في اختيار و رسم مسار البديل المدني الفدرالي . . و جاءت معه مشاريع معدة سلفاً و بالتعامل مع افراد منها و باغرائهم و تشجيعهم على الإنضمام الى احدى الكتل الكبيرة لكفاءاتهم و خبرهم او تكوين تجمّع ضمن اطار تلك الكتل، كاشفة عن دور المال السياسي و الدور الإعلامي الفائق الأهمية في عالم و مجتمع اليوم . . الذي غطّى حتى على التحالفات التي ناضلت بكل الوسائل لإسقاط الدكتاتورية و قدمت آيات التضحيات من اجل البديل الديمقراطي الفدرالي المدني . .
الأمر الذي ادىّ الى تبعثر تجمعات ديمقراطية و يسارية كانت موجودة اصلاً، و اعلان و نشوء جديدة متنوعة ليست سياسية و انما عدد كبير منها مهنية، شبابية، اصلاحية، خيرية و منظمات مجتمع مدني متنورة و متفتحة عديدة . . فيما توزعت اخرى على كتل برلمانية داخلية و خارجية للحصول على مقعد او دعم مالي ، سواء لإنشاء مشاريع اعلامية و سياسية و اجتماعية ناشطه او لغير ذلك، و نشطت وجوه اكاديمية و اجتماعية قام و يقوم عدد واضح منها بخدمات و بجهود جليلة داعية و داعمة لليسار و الديمقراطية، و من اجل الدولة المدنية الفدرالية . .

(يتبع)


14 تموز / 2011


1. و يرى البعض بانها أهم من التيار الديمقراطي .
2. رغم تواصل اهميته الستراتيجية سياسياً و حزبياً و تأريخياً، و الإستفادة من دروسه في النشاط الحالي و توضيحها للأجيال اللاحقة .
3. على حد تعبير اوساط يسارية غير قليلة .
4. اضافة الى تشكّل منظمات و مجاميع حملت اسمه معدّلاً، منها من يعلن و يناضل من اجل اهداف اكثر راديكالية في عدد من المدن، و اخرى في الخارج بدعم من الأممية الرابعة و غيرها . . و تعاني اكثرها من انشطارات متتالية، لأسباب يغلب عليها الطابع الشخصي و المنافع، بتقدير مطلعين و مراقبين . .
5. لاحظ مغزى اهمية الإسم .

 

"التيار الديمقراطي" نحو الدولة المدنية الإتحادية !(2)
"التيار الديمقراطي" نحو الدولة المدنية الإتحادية !(1)

 

 


 

free web counter