| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 12/7/ 2011



"التيار الديمقراطي" نحو الدولة المدنية الإتحادية !
(2)

د. مهند البراك 

و فيما انعش " الربيع العربي " النزوع الى الحرية و الديمقراطية و الأنظمة المدنية و الدستورية و التمدن في المنطقة، و انعش الفكر القومي التحرري فيها ، و اخذت تتوضح اكثر مواقف عدد من الحكومات و القوى المتأسلمة و الشوفينية المعيقة و المقيّدة للتطورات التقدمية الداعية الى الحرية و الكرامة و العدالة الإجتماعية، كحكومة احمدي نجاد في ايران، قوات درع الجزيرة . . و عدد يتزايد من الأجهزة الحكومية العراقية و طريقة تصديها العنيف و المخادع للمتظاهرين الشباب السلميين، و التنكيل بهم، الذي وصل الى سن قوانين لايفهم منها الاّ استعداد لمواجهة الطلبة .

حتى صارت كل تلك الظروف المعقدة و المتشابكة، تفرض تلاقي قوى التحرر و اليسار و الديمقراطية في عموم بلدان المنطقة التي منها بلادنا، لتلاقي الأهداف وفق ظروف كل بلد  . . حيث صارت الحاجة تزداد للعمل معاً على اساس درجة و حجم وجودها و تقبّلها في الساحة، و درجة تقبّل الآخر من جهة، و على اساس الإلتزام بالإتفاقات التي تبرم للعمل المقبل ـ سواء على صعيد البلاد او المحافظة و المدينة ـ من جهة اخرى . . لمواجهة المخاطر المتفاقمة، التي تهدد بارجاع البلاد و كيانها الإجتماعي الإقتصادي اكثر فاكثر، بعد ان تغيّر المنطق والذهنية الشعبية، وتغيّر بناء مجتمعنا تغيّراً متنافراً لكل الأسباب التي مرّ ذكرها، منذ زمان الدكتاتورية و الحروب .

و يرى كثيرون في وثائق و اطر عمل " التيار الديمقراطي " مجالاً مفتوحاً لأنضمام التنظيمات و الشخصيات الناشطة المتفقة على الخطوط الأساسية الداعي لها . . على اسس التنسيق و العمل المشترك المنطلق من الشارع، من تظاهرات المطالبات و الإحتجاجات السلمية، و التبني و الدفاع عن المطالبات الشعبية، بعد ان اثبتت تلك الفعاليات الشبابية قدرتها في تبيان المطالب و مواجهة الظلم، اضافة الى وعيها العالي بعزلها للجماعات المغرضة، التي تحاول الإيقاع بها . .

و يرى حريصون و مؤيدون للحزب الشيوعي من جانب آخر . . انه اضافة الى مواقف الحزب، و تمسكه بالموقف الوطني القائم على اساس الإنتماء للهوية الوطنية و دفاعه المتواصل عن حقوق المرأة، و نزاهة كوادره و وجوهه في هذا الخضم السياسي الإجتماعي المعقد، التي اكسبته موقعاً افضل بين الناس، رغم افتقاره للكثير من الإمكانيات المالية و الأعلامية المتوفرة للمتنفذين . . فإن ذلك الموقع قد ازداد رغم الصعوبات، بدفاعه عن فعاليات الإحتجاجات السلمية و مطالبات الأمن و الكرامة و الخبز التي وُجهت بالنار و بسقوط عدد كبير من الشهداء، و التي لاتزال تواجه بأنواع العنف و التضييق و الهراوات ضد شباب و شابات عزّل  . . 

و إن نجاحه في استيعاب تلك الروح الشبابية لمنظماته و عضويته، سيزيد و يصوّب التغييرات التي اجراها في بنائه و في خطابه السياسي منذ مؤتمره الخامس مطلع التسعينات ثم في مؤتمراته اللاحقة، حيث عدّل قسم من الذي تراكم و خفي بسبب العمل السري و ظروف مواجهة الدكتاتورية و قساوتها الفائقة في محاولاتها المتواصلة لتحطيمه . . سواء في آليات نشاطه، او في نوعية كادره و قيادته، التي لاقت استحساناً و ترحيباً، رغم بطئها في التحوّل الى واقع عملي اكثر ملموسية، برغم الجهود المبذولة . .

الأمر الذي يصفه قسم بكونه ان عاد الى ارث ثقيل لنضال قاسٍ مفعم بالتضحيات الغالية استمر بلا هوادة طيلة ثمانية عقود، و دلل على حاجة المجتمع اليه كحزب و على اصالة وجوده و عمقه فيه، فإنه يدلل على ان ذلك يشكّل مرشداً ـ و ليس نقلاً ميكانيكاً ـ للنضال في سبيل قضية الشعب في الظروف الوطنية و الإقليمية الجارية في عالم اليوم . . .

و يرى قسم آخر ان تطبيق قسم كبير من الآليات السابقة ذاتها في مجتمع تغيّر تكوينه و منطقه و وعيه بالحديد و الدم و الحروب و الإرهاب و الديماغوجيا و الى الآن . . صار يعيق اموراً ليست قليلة . . و خاصة في مجالات التمييز بين السياسة و الآيديولوجيا ـ التي تغيّر الكثير من مفرداتها ـ و تطبيقاتها التنظيمية (*)، الإنشداد الى الطريقة السابقة المتبعة في تحليل الماضي و سبل معالجاته اكثر من سبر اغوار الواقع المتحرّك سريعاً و النظر الى المستقبل القريب لأجل تحقيق نجاحات ملموسة، قضية استيعاب واقع و لغة و طموح شباب اليوم، في مجتمع مستمر في تشوهاته التي لا تدفع الاّ الى تحقيق مكاسب ذاتية، و الى تغييب المُثُل الفاضلة، رغم صحوات ضمير لأخيار تظهر هنا و هناك . .

و لكل ماتقدّم يرى كثيرون ان الإعلان عن قيام تحالف " التيار الديمقراطي " الذي يمكن ان يتوسع و ان تتطور آلياته . . بكونه بداية لتجسيد عملي واعي للدعوات المتصاعدة الى " العمل معاً " ـ كتعاون و تنسيق، جبهة انتخابات، فعاليات مطالبة شعبية في محلات السكن و العمل و الدراسة، فعاليات مطالبة سياسية . . لعدم قدرة طرف لوحده من الأطراف المطالبة بالديمقراطية المدنية نحو الدولة المدنية الفدرالية، و عدم قدرته على تحقيق نجاح على طريق طموحه دون العمل و التعاون مع من يشاركه الهدف في هذه المرحلة . . الذي لايعني نكران تاريخ و حاضر مهما كان ناصعاً . .

(يتبع)

11 / 6 / 2011
 

(*) غيّرت عديد من الأحزاب الشيوعية و العمالية آليات عملها و تنظيمها، متمسكة بهدف " العدالة الإجتماعية" و بكل الأساليب التي تقرّبها من الجماهير الكادحة بالدفاع عن مطالبها على طريق ذلك الهدف، مسترشدة في ذلك بالمنهج الماركسي العلمي و بروحه .

و للتدليل على التبدلات العاصفة الجارية في عالم اليوم لابد من ذكر بانه حتى الفاتيكان الكاثوليكي المتشدد و عدد من المرجعيات الإسلامية ـ كما في تركيا، اندونيسيا، ماليزيا، السودان . . ـ غيّرت و تغيّر و تبدل في آليات اعتمدتها طيلة قرون و قدّمت بها آيات من التضحيات و حققت انتصارات كبرى لملايين البشر كالغاء الرق و العبودية، التساوي بين البشر، السلام، المحبّة، و آليات لمواجهة الفقر و الأيدز و غيرها . بل و حتى المرجعية اليهودية التي افتت قبل سنوات بحق زواج اليهودية من المسلم و المسيحي . . . و لاتزال آليات و مواقف تتغيّر و تتبدل على اصعدة الموقف من البحوث الطبية و الإنجاب و غيرها، رغم ارتباطها ارتباطاً مقدّساً بكتبها المقدّسة . .

و ذلك، لأجل التمكن من مخاطبة الأجيال الجديدة و محاولة كسبها و للتعويض عن خسائر كبيرة لحقت بها بسبب تخلفها عن مواكبة مجتمعاتها التي تتغيّر و تتطوّر تطوّراً معقداً في عصرنا الذي يشهد تحولات و تحولات عالمية في العلوم و المعرفة و الفكر و الوعي و المجتمع . . التي تفرض من جهة اخرى تغيير آليات و نوعيات الخطاب السياسي و الفكري و آليات النشاط، في مجتمعات اليوم، لمن يسير و يناضل على طريق " العدالة الإجتماعية " . .

 

"التيار الديمقراطي" نحو الدولة المدنية الإتحادية !(1)
 

 


 

free web counter