| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الأحد 17 / 12 / 2006

 

 

المشروع السياسي الوطني كبديل للطائفية والمحاصصة !

(2-2)


د. مهند البراك

ولما لم تكن للمسألة الطائفية دوراً بنّاءاً في مسيرة البلاد سواءاً في العهد الملكي او في النظام الجمهوري المتعاقب ـ رغم وجود تمييز وتجاوز في هذا المفصل او ذاك بالقدر الذي كان يحمي الحكام ـ فلابد من التذكير ان الزعيم عبد الكريم قائد ومؤسس اول جمهورية، والذي حاز على شعبية لم تتكرر بعد في تاريخ العراق . . كان من اب عربي سني وام كردية فيلية شيعية . . وان انقلاب شباط الدموي عام 1963 الذي قام به البعث عليه كانت قيادته ـ قيادة البعث ـ شيعية في الغالب، في حين ان من قاوم الأنقلاب وقدم اكبر التضحيات لأيقافه ومحاولة افشاله كانوا على الأغلب من مناطق الطائفة الشيعية الشعبية ايضاً . . في دلالات كبيرة على ان القضية العراقية تتمحور بشكل اساسي على الصراع السياسي الأجتماعي الفكري والتحرري . . وليس الطائفي .
وفيما تحير اوساط عراقية واسعة انطلاقاً من معاناتها اليومية المرعبة، هل ان الغزو الذي جرى في 9 نيسان 2003 هو تعديل لمسيرة الدكتاتورية واستمرارا على نتائجها لتلبية مصالح الأدارة الأميركية الحالية ـ على غرار انقلاب 18 تشرين الذي كان لتعديل مسيرة انقلاب شباط الدموي في 1963 بعد ان اوغل بدماء العراقيين حتى انقلب العالم عليه ـ . . في تكرار لمسألة ان ما عاناه ويعانيه العراقيين جراّء كلّ ذلك هو شأنهم باعتباره قضيتهم الداخلية . . ؟!
وتتساءل اي منطق شيطاني هذا ؟! هل فعلا لاتفكر الأدارة الأميركية الاّ بدوام كرسيها فقط مهما اريقت دماء الشعوب ؟ فيما تتساءل اوساط اخرى هل يعقل ان ماجرى ويجري امر لم تفكر به الأدارة الأميركية او لم تسعَ هي او اطراف متنفذة فيها جاهدة اليه . . لتصل الى ان يكملها مشروع بيكر ـ هاملتون (المتعقّل) وكأن ماحدث في العراق كان امراً عابراً او نتيجة نزوة في لحظة تأريخية لم يكن فيها سيد البيت الأبيض في مزاج جيد ؟؟ !
ان الأمر يلح وبشدة على الحاجة الى دعم وتفعيل الأحزاب، دعم وتفعيل التيارات السياسية والفكرية واعادة الأعتبار لها باعتبارها هي التي مثّلت وتمثّل المكونات العراقية وتستجيب لحاجاتها بشكل جرّبه واقع العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية، وهي التي ساعدت وتساعد على لحمتها، وتستهدف الأرتقاء بالبلاد باطيافها، على اساس الأعتماد على الكفاءات العلمية والثقافية والتكنوقراطية القادرة على طرح وتنفيذ المشاريع السياسية والأقتصادية ـ الأجتماعية التي تخدم مصالح اوسع الفئات الأجتماعية، والتي تدفع القوى والطبقات والفئات الأجتماعية لكل المكونات العراقية الى تحقيق نجاحات على طريق السلم والرفاه والأزدهار . .
والى اطلاق ودعم وتفعيل النقابات والمنظمات الشعبية ومنظمات الطلبة والشباب والمرأة، اتحادات المهن والحرف، المؤسسات الصناعية والتجارية، وتشجيع الطبقات والفئات المتوسطة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، بغض النظر عن مكوّنها العراقي، بدون الوصاية عليها بل بالقيام بتنظيم مباراتها وتنافسها من اجل الأحسن لفئاتها.
الذي يتطلب من جهة اخرى من الأحزاب والقوى السياسية، التغيير والتفعيل . . للسير بالواقع القائم نحو الآفاق الرحبة للحياة والسلم والتحرر والتقدم بتحديث منطقها وعدم ابقائه على منطق سنوات النضال ضد الدكتاتورية، في الواقع الدموي المعقّد الجديد. الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الدينية والروحية وكما اكّد سماحة المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني، ان تلعب ادوارها الهامة من خلال دورها التربوي والرقابي، وتعزيزه على ذات الدرب الذي اختطه علماؤها لدورها في مسيرة البلاد في تأريخها المعاصر.
وفيما ترى اوساط كبيرة عشية وخلال مؤتمر القوى السياسية، ايجابية الدعوة الى ضرورة التمييز وعزل مجاميع الطائفية السياسية الرافضة باعمالها المشينة التي تستهدف المدنيين ـ بسنتها وشيعتها ـ ، ترى اوساط اخرى ان التفكير بتعديل حكومي تنفيذي على اساس تحقق وحدة الأرادة والعمل والكفائة والنزاهة لايتحقق بالتمسك الأصم بنهج المحاصصة، فيما يمكن ان يكون مجلس النواب مكوناً من قوى حكم وقوى معارضة، على اساس المبادئ الأساسية للدستور . . من اجل تصويب الأداء وتحسينه، على ان يتحرر من نهج المحاصصة . .
ذلك النهج الذي باستمراره على هذه الطريقة، فانه قد لا يؤدي الاّ الى شرذمة وبعثرة جديدة لقوى وطاقات المجتمع الممزقة اصلاً . . باعتمادها من جديد على نهج اثبت فشله ومأساويته بعد مسيرة قاربت اربعة اعوام من الأعتماد عليه، وكانت نتائجه انه جعل العراقيين يتقاتلون ويساقون الى التقاتل والهجرة والتهجير بينهم باسم الطوائف والأديان والأنتماء العرقي. فيما تتساءل اوساط تتسع عن مغزى الأصرار على المحاصصة الطائفية وعن مدى مايخفى من اتفاقات لم تعلن خلفها، في ظروف اقليمية ودولية كثيرة التقلب في اصطفافاتها.
وترى ان الأصرار عليه في ظروف البلاد الملموسة وما يحيطها، قد يؤدي الى ولاية فقيه عراقية الطابع، او الى نظام شمولي من نوع جديد، والا فلن يكون البديل الا استمرار الأحتلال واستمرار مسيرة التجزئة والصراعات الدموية بلانهاية، بعد ان تغيّرت القضية العراقية من مشروع لأنهاء الدكتاتورية واقامة بديل ديمقراطي . . . الى مشروع لحقن الدماء وتحقيق الأمن والسيادة الوطنية على اساس تحقيق استقرار، بالترابط مع توالي تساقط مسؤولين اميركيين وبالتالي توالي تساقط دوائر مشاريعهم .
ويؤكد مراقبون دوليون وخبراء سياسيون واجتماعيون، ان وحدة القوى العراقية الفاعلة، على اساس البرامج السياسية التي كشفت مدى صحتها وعمليتها سنوات قاربت الأربع، كفيلة بتأشير اية اصطفافات تحتاجها البلاد لضمان الأمن، ولتلبية الحاجات الملحة لأوسع الأوساط وخاصة الكادحة منها على اساس توفير مستلزمات انهاء الأحتلال . . وضمان الحياة والسلم للعراق بكل مكوناته، العراق الواقع بين فكوك رحى متعددة متداخلة ومترابطة، لايمكنه الصمود والمواصلة الاّ بوحدة قواه الفاعلة .
وحدتها على اساس حكم برلماني يضمن وحدة البلاد وحكم ذاتي على اسس فدرالية لكوردستان، وانهاء نهج المحاصصة الطائفية لأنقاذ البلاد والمساهمة الفاعلة في استقرار المنطقة بعيداً عن اندلاع الحروب، وتعديل الدستور بما يضمن قيام نظام مدني يضمن حل القضية العراقية على اساس التقدم الأجتماعي، وتفعيل الكفاءات الوطنية على اساس النزاهة ، وضمان حقوق الأديان والطوائف . . ويؤسس لمصالحة فاعلة على اساس حل البعث الصدامي والميليشيات الطائفية وتقديم المجرمين للقضاء، واحترام كل التيارات الفكرية والسياسية العراقية بشرط ان تكف الدوائر الخارجية عن تشجيع الطائفية وعن تحريض كل طرف من اطرافها وتزيّن له ليكون هو القائد !


16 / 12 / 2006

¤ الجزء الأول