|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  16 / 11 / 2014                                 عبدالمنعم الأعسم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تبريد..
على نقطة تماس ساخنة

عبد المنعم الاعسم 

الاتفاق المعلن عن لقاء وزير النفط الاتحادي عادل عبدالمهدي ورئيس حكومة اقليم كردستان نيتشرفان بارزاني لجهة حل الخلاف حول واردات نفط، وميزانية، الاقليم خطوة الى تبريد الموقف على نقطة تماس ساخنة ومعقدة، طريقا الى حلحلة جدية على نقاط تماس اخرى، بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان كانت تهدد بأعمدة دخان ومواجهات وحرب مواضع، إذا ما شئنا ان نستخدم اللغة العسكرية الشائعة هذه الايام.

على نقطة التماس هذه، ونقاط أخرى، لعلعت اصوات كثيرة خارج الانضباط وروح المسؤولية، وأطلقت تهديدات لم تكن لتحصد غير تهديدات مقابلة ومخاوف وتعميق الخندقة واساءة لروابط الشراكة بالوطن الواحد، فضلا عن تدخلات من قوى واطراف ليست وطنية غذّت موقد التوتر بالكثير من الحطب والتأليب والغُل، وبالنتيجة، عادت التوترات والقطيعة وانعدام الثقة بالضرر على الجميع، والاخطر، ان سوء ادارة هذا الملف وتضاعيفة واجواء الافعال وردود الافعال اعطى قوى الارهاب والتكفير والشوفينية فرصة توجيه ضربات خطيرة الى دولة الشراكة ومستقبلها على الخارطة.

وكان الامر سيزداد تعقيدا، وربما سينجم عن كوارث تحلّ بالجميع، لو استمرت العلاقات بين المركز والاقليم في مسارها المتوتر، على مشارف ما حدث من غزو خطير ومذابح واعمال سبي وتدنيس وتنكيل جماعية ارتكبها العصابات الارهابية، وصارت تهدد الاقليم والعاصمة بغداد بعد ان احتلت مناطق شاسعة من البلاد، وشاءت الكابينة الحكومية الجديدة في بغداد وقيادة الاقليم ان تتداركا المخاطر الجديدة وتفتحا معبرا الى التفاهم بترشيد لغة الخلاف، وإعادة نشاط الجسور والاتصالات المباشرة بين الجانبين، وصار واضحا بان حل المشكلات المستعصية بين المركز والاقليم يتمثل بتقريب الرؤى وتقديم بدائل عن المقترحات والشروط المطروحة، غير المقبولة.

ويمكن القول ان المبدأ الذي سهل اتفاق عبدالمهدي- البارزاني المستند الى الحوار والبحث في الحلول الوسط المقبولة من الجانبين بصدد آليات تصدير نفط الاقليم يصلح كوصفة لحل بقية الملفات العالقة ذات الصلة بالنصوص والتفسيرات الدستورية وصلاحيات حكومة الاقليم وقضية المناطق المتنازع عليها والشؤون المالية والتعامل مع الثروات وعائداتها، وكلها أشبعت نقاشا وجدلا وقدمت حيالها تصورات ومقترحات، ونقائض، وادخلت في اكثر من مرة في مطابخ الخلافات السياسية والريب التي غذتها، الامر الذي وصل مفترقا حساسا بحيث أصبح كل طرف يعرف هواجس وسقوف الطرف الاخر، والمفترض، ان يكون هذا عاملا ايجابيا لإنهاء الدوامة التي استمرت اكثر من اربعة اعوام، غير ان الافتراض الصحيح وُضع جانبا وحلت محله فروض الهروب من الحل.

في كل الاحوال، ستسجل خطوة التبريد هذه في رصيد حكومة حيدر العبادي، سوية مع قيادات الاقليم، كونها شقّت واحدة من الطرق غير الآمنة لحلٍ كان يبدو مستحيلا، لتجد نفسها على طرق اكثر اماناً لحلول ممكنة.. وبين ما كان مستحيلاً واصبح ممكناً كانت خسائرنا فادحة.

"عجبت لمن يغسل وجهه عدة مرات في النهار، ولا يغسل قلبه مرة واحدة في السنة". ...
ميخائيل نعيمة

 

(*) نشر في جريدتي (الاتحاد) و(طريق الشعب)

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter