|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  16  / 8 / 2016                       د. مؤيد عبد الستار                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

متى يرفع المواطنون رئيس الوزراء على اكتافهم

د. مؤيد عبد الستار
(موقع الناس)

مر العراق بحقب تاريخية مختلفة ، اشهرها الحقبة التي حكمت فيها الدولة العثمانية العراق لعقود عديدة ، واشتهرت بفرض الضرائب ونهب ثروات البلاد .

وكان الولاة العثمانيون من اشد الحكام ظلما على المواطنين ، فاشتهرت القصص التي تفضح هؤلاء الولاة بنهب الاموال واخذ الرشوة .

وكان لقرار حسن باشا اللجوء الى شراء الصبيان من القفقاس ومن مدينة تفليس / جورجيا ، التي كانت مشهورة ببيع الصبيان ، من اجل تاسيس جيش خاص به يعتمد عليه بدلا من الانكشارية سببا في تكاثر عدد المماليك الذين اصبحوا قوة لا يستهان بها استطاعت ان تسيطر على مقاليد بغداد في القرن الثامن عشر واشهر ولاتهم سليمان باشا المعروف ببغداد بكنيته ( ابو ليلة ) .

حتى ان الزهاوي قال قصيدة في السلطان العثماني عبد الحميد جاء فيها :

تأن في الظلم تخفيفاً وتهوينا
فالظلم يقتلنا والعدل يحيينا

يا مالكاً امر هذي الناس في يده
عامل برفق رعاياك المساكينا

لهوت عنا بما اوتيت من دعه
فابيض ليلك واسودت ليالينا

استبشر البغداديون خيرا عند قدوم الانجليز الذين زعموا انهم جاءوا محررين لا فاتحين حسب مقولة الجنرال مود حين دخل بغداد عام 1917 ، ما جعل الزهاوي وعلية القوم يستقبلون الجنرال مود ويلقون القصائد بين يديه .

وفتح السيد عبد الرحمن النقيب- نقيب الاشراف - داره لاستقبال المسز بيل التي اختارته لرئاسة اول وزارة ملكية بعد تنصيب الملك فيصل الاول القادم من بوادي الجزيرة اثر فشل الانجليز بفرضه على الشام بعد اتفاقيات سايكس بيكو الشهيرة ،وهو القائل - النقيب - ما معناه ان للانجليز حقوقا في حكم البلاد لانهم قدموا الضحايا والشهداء في تحرير العراق .

رغم هذا الترحيب والامل في ان يحقق الانجليز احلام العراقيين في الحرية والتحرر الاقتصادي ، الا انهم وجدوا انفسهم يغرقون في لجة المؤامرات البريطانية من اجل سرقة ثرواتهم من نفط ومنتوجات زراعية وثروات طبيعية ، وكبلوا العراق بمعاهدات استرقاق جعلت المواطن يحمل وزر حروب بريطانيا العظمى ويدفع بعض تكاليف الحرب العالمية الثانية ، ويفتح اراضيه للقوات البريطانية التي كانت تحارب المانيا الهتلرية .

ولم يجد العراقيون رغم تعاونهم مع بريطانيا العظمى ، والخدمات الجلى التي قدمها رجل بريطانيا الاول نوري السعيد ، اي فائدة تعود عليهم من تصدير ثرواتهم الطبيعية ونفطهم ، بل حتى جلود الاغنام والحبوب التي كانت تستولي عليها بريطانيا لتزدهر صناعاتها النسيجية والجلدية والنفطية ، لم تسلم من النهب والسلب لتتحول الى رافد يصب في جيب الاحتكارات البريطانية .

وهكذا اشتهرت في العالم شركات شل وبريتش بتروليم وغيرهما من امهات شركات النفط والصناعات المختلفة التي ازدهرت على حساب قوت الشعوب الفقيرة .

وبعد ان اشتهرت اسماء لورنس العرب والمسز جيرارد بيل و كوكز والمستر فيلبي وغيرهم ، لم يحصد الشعب العراقي سوى البؤس والفقر والامتهان على ايدي احفاد الجنرالات الذين وعدوا العراقيين بالخير والبركات .

وهكذا كان الوضع السياسي المتدهور والاحلاف الدولية التي كبلت العراق مثل حلف السنتو وحلف بغداد ، والشركات التي تنهب ثروات البلاد النفطية وحبوبها وتمورها مثل شركة بريتش بتروليم وشركة بيت اللنج وشركة بيت اصفر لتصدير التمور في البصرة وغيرهما كثير .

تحالفت بريطانيا الدولة الصناعية المتقدمة في اوربا صاحبة النهضة الصناعية قبل اكثر من مائتي عام ، مع الاقطاع الرجعي في العراق ، فنصبت الاقطاعيين على رقاب الفلاحين لكي تحصد خيرات البلاد عن طريقهم ، في اخس عملية تخادم بين الاقطاع المتخلف وبريطانيا العظمى التي كان الشعب العراقي يعول عليها في بناء حياته الجديدة بعد الاستعمار العثماني الذي استمر عقودا طويلة . ولكن للاسف لم يحصد من بريطانيا سوى السجون والقتل في التظاهرات والاعتقال الكيفي وممارسات الشرطة السرية والتحقيقات الجنائية . بل الانكى من ذلك حتى تسقيط الجنسية عن اليهود العراقيين وارسالهم الى اسرائيل تم ابان الحكم الملكي التابع لبريطانيا ولم يكن ذلك دون تخطيط من الدوائر السياسية البريطانية وحكومة نوري السعيد .

وبعد ان تحرر العراق من الاستعمار البريطاني عام 1958 بثورة تموز المجيدة ، استشنق العراقيون لاول مرة نسمات الحرية ، وحصلوا على ثروات بلادهم كاملة وشعروا باهمية الاستقلال والتحرر الاقتصادي من ربقة عجلة الاستعمار والاقطاع ، فتم تحرير الثروة النفطية بقانون رقم 80 الشهير وتحرير الفلاح من قبضة الاقطاع بقانون الاصلاح الزراعي وتحرير المرأة بقانون الاحوال الشخصية .. وغيرها من القوانين الهادفة لسعادة المواطن العراقي .

ومن خلال ما لمسه المواطن العراقي من اهتمام حقيقي من لدن رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم انذاك بحياة المواطن ، وحرصه على اسعاده والتفاني في خدمته والتضحية من اجله .

لم يتوانى المواطن العراقي من حمل الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء على اكتافه اينما التقى به ، حتى سيارته التي انغرزت في الشارع الطيني ، رفعها المواطنون الفقراء على اكتافهم .

لذلك يجب ان يسأل اي وزير او رئيس وزراء عراقي نفسه لماذا يرفعون الزعيم عبد الكريم قاسم على اكتافهم في الوقت الذي يخاف الوزراء ورؤساء الحكومات الذين جاءوا بعده من السير في الشارع مع المواطنين ، دع عنك حلم ان يحملهم المواطن على الاكتاف .
بل انهم على ثقة من ان المواطنين سيرمونهم في سلة المهملات ، وبعد مماتهم سيجدون انفسهم في مزابل التاريخ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter