|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  13  / 5 / 2015                       د. مؤيد عبد الستار                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الممارسات السياسية مزقت البلاد فذهب القوم ايادي سبأ

 د. مؤيد عبد الستار

من بين البدهيات المعروفة ان العصابة الصدامية وحزبها البعثي المشؤوم تسلطوا على رقاب العباد و البلاد اكثر من ثلاثة عقود ، ارجعوا فيها العراق الى مستويات من التخلف والخراب لاتوصف ، ليس على مستوى الارض وانما على مستوى البشر ايضا ، فحرموا المواطنين من فرص التعليم والثقافة والحياة الاجتماعية السوية ، بل اوغلوا في عسكرة المجتمع وبث روح الهمجية في النفوس الغضة منذ سوقهم لمخيمات الطلائع سيئة الصيت وفيما بعد لمعسكرات الجيش الشعبي المجرمة. ونشروا الخرافة والجهل في حملات منظمة تحت اسماء براقة مثل الحملة الايمانية ، ونفخوا في النزعة العشائرية في المجتمع واحياء الثأر وممارسة الجرائم التي لا تعد ولا تحصى .

كل تلك كانت حصيلة النظام السابق ، فاستبشرنا خيرا بسقوطه في مزبلة التاريخ ، ورجونا بزوغ غد مشرق وعملنا على مساندة القوى السياسية عسى ان تضع برنامجا ينهض بالبلاد اعمارا والمواطنين سعادة ورفاها .

ولكن تسلق قوى سياسية حزبية ضيقة الافق سلم المسؤولية ، واعتمادها سياسة توزيع المناصب على الابناء و الاعمام والاخوال رغم عدم اهليتهم وافتقارهم الى الكفاءة ، ساهم في السير بالعملية السياسية نحو دهاليز سرقة المال العام ونهب ممتلكات الدولة دون اي وازع ديني او اخلاقي لدى احزاب كانت تدعي الايمان وتزعم الاقتداء بالانبياء والاوصياء واتباعهم وال بيتهم .

وما زاد الطين بلة لجوء المسؤولين في اعلى هرم السلطة الى اعتماد سياسة البحث عن الكسب الرخيص في استمالة العشائر من خلال تقوية شوكة القيم البدوية والعشائرية البالية وتوزيع الاسلحة والاموال على كل من يضمن حشد بضع مئات من قومه ليساند المسؤول في الانتخابات كي يحصد اكثر الاصوات ، اضافة الى الوعود في منح الاراضي والامتيازات والمناصب لكل من يستطيع القيام بما يشاء المسؤول من اعمال بهلوانية كالهوسات والاهازيج وقرع الطبول ورفع الرايات الخضراء والسوداء والصفراء لترفرف عاليا فوق رأس المسؤول الساذج الذي لا يعرف للسياسة لا راس ولا اساس ، وانما حفظ مجموعة تمائم يقرّع بها رؤوس الحضور حتى حين يحضر في مؤتمر او لقاء في 10 داوننغ ستريت او في البيت الابيض .

حروب داخلية وخارجية
قبل ان تجتاز القوى الظلامية الحدود العراقية ، وتهاجم الموصل وبقية مدن البلاد من الشمال والشمال الغربي ، كانت الارض مهيأة لفقدان ليس فقط المحافظات الشمالية والغربية وانما حتى العاصمة بغداد .

فالتشرذم الذي ادار دفته سياسيون بائسون لا يعرفون ( الجك من البك ) بلغ اوجه ، فكانت العلاقة مع اقليم كردستان متوترة لدرجة ان الحكومة منعت تسليح البيشمركة وقطعت رواتب الموظفين وحاربت الاقليم في لقمة عيش المواطنين ، وراحت تضع العراقيل المختلفة في عجلة الاتفاقات النفطية ، وتحاسب الاقليم على عقود ومبيعات نفطية لا تساوي عشر ما يحصل عليه العراق من اموال طائلة ومليارات اضاعوها في تحويلات الى بلدان الشرق والغرب في اكبر عملية نهب منظمة تحت واجهات دينية ومنظمات سياسية وبيوتات شهيرة اصبحت ضليعة وخبيرة في النهب والسرقة والاحتيال ، حتى تفاقمت ازمة البنك المركزي و تم اقصاء رئيسه بحجج واهية لا نعلم حتى اليوم مدى صحتها رغم مرور سنوات على تشكيل لجان التحقيق ومحاكم القضاء النزيه جدا جدا !!

حلول غير مجدية
ان تغيير رئيس الوزراء مع بقاء المسؤولين السابقين في مراكز المسؤولية العليا لم يؤتي ثماره ، لسبب بسيط هو فشل الاسلوب الذي يتحكم في العملية السياسية ، فالمحاصصة قسمت مراكز النفوذ بين الاحزاب دون حساب لكفاءة او اخلاص منتسبيها الذين ظهروا على حقيقتهم ، فاي منصب فيه نصيب من اموال الدولة ينهب دون رحمة ، حتى اصبح المواطن العراقي لا يجد عملا ، وما زال يعيش على فضلات البطاقة التموينية الصدامية .

ان مستقبل البلاد لا يمكن ان يكون مشرقا ما دامت القوى السياسية هي نفسها التي تتحكم بالعملية السياسية لذلك برز هاجس التقسيم في الخارج والداخل ، فالكونغرس الامريكي لم يجد بدا من الاخذ بتوزيع الاسلحة دون المرور بالسياسي الجالس ببغداد متصورا انه قارون زمانه لانه يتحكم باموال النفط وانه هو الذي يدفع قيمة السلاح ، وكذلك في الداخل استشرى هوس التقسيم لقناعة المشاركين في العملية السياسية عدم جدوى الرهان على شركائهم لما وجدوه من نهب للمال العام ومحاولة لي الاذرع والاستئثار بالمراكز والمناصب العليا ، فما زالت العديد من المؤسسات تدار بنظام الوكالة كي لا تكون من حصة الاخرين ، وقس على ذلك بقية المناصب والحقوق والواجبات .

وجاءت ثالثة الاثافي ، تسليح القوى العراقية حسب التقسيم الطائفي ، فهنا الحشد الشعبي وهناك البيشمركة وفي الانبار العشائر و الحرس الوطني ، والجميع يحاول اخذ ما يستطيع قبل غروب شمس بلد اسمه العراق ، واختفاء حدوده المعروفة حتى اليوم ، وان كانت اصبحت ( خان جغان ) فلا هي تمنع غاديا ولا رائحا .

لذلك فان حل التقسيم اصبح مطلبا علنيا وكل له اسبابه التي يعدها وجيهة لان العملية السياسية التي بدأت بالشهادات المزورة ونهب المال العام والاستئثار بسلطة القرار ، نتيجتها هو الواقع الحالي والتشرذم الذي ادخل البلاد في متاهة لا يمكن النجاة من فخها.

الحل يكمن في الاتفاقات الدولية والمحلية
جدير بالذكر ان العراق مركز اقتصادي مؤثر في السياسة النفطية الدولية ، ولطالما كانت لشركات النفط ارادتها في رسم الواقع السياسي العراقي ، ومثلما صرح يوما السيد مسعود برزاني قائلا- وهو محق - ان شركة اكسيون النفطية تعادل قوة سبع فرق عسكرية .

ولما كانت اكبر الشركات التي تستثمر اموالها وتنتج النفط وتسوقه في العراق امريكية ، من المفروض الاستعانة بها من اجل وضع سياسة حكيمة قد تجد اذانا صاغية في البيت الابيض والاتحاد الاوربي من اجل اخماد لهيب المعارك الداعشية في العراق وتهدئة الساحة السياسية وفسح المجال لتطوير العملية السياسية الكسيحة التي لايستطيع اصحابها النهوض بها ، على ان تتفق الحكومة على تشكيل مجلس عموم في العراق من ابناء المحافظات ، يمثل الجميع بنسب عادلة حسب تعداد نفوس المحافظات ، وتجري الانتخابات لعضوية المجلس في كل محافظة ومن ابنائها دون شروط انتماءات حزبية وانما تعتمد الكفاءة والخبرة والنزاهة . عسى ان يتوصل الساسة الى طريق يهتدي به الجميع ويجمع الكلمة بعد ان تفرق القوم ايادي سبأ .


 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter