|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  9  / 11 / 2016                                 لطيف نعمان سياوش                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من دفاتر طفولتي 

تعلمت الدرس من لسعات السوط

لطيف نعمان سياوش
(موقع الناس)

ابان الستينات في مدينة كركوك لم تكن هناك أبسط وسائل تسليه أو لهو للاطفال ، ولما كنا صغارا نفتقر الى اهم حلقه مهمه نقضي خلالها بعض المتعه كنا نلتجئ الى المشاكسه والعبث ونثير الفوضى في البيت والمدرسة والمحلة ..

في يوم صيفي وفي منطقة شاطرلو مرقت عربة في الشارع العام يجرها حصانان .. أغرتني ان اهرول واتبعها واجلس على الانبوب الرابط بين اطاراتها واختفي تحت مظلتها . كيف لا وان هذا الانبوب كان يخلو من الاسلاك الشائكه التي توضع في الغالب لتحاشي جلوس الاطفال في هذا المكان المغري لهم..

المهم جلست في هذا المكان وأنا أشعر بسعادة عارمة كنت أشم رائحة روث الحصانين وكلي قناعة ان صاحب العربه لم ينتبه لي ، ولم تمض العربه سوى بضعة أمتار واذا بسوط السائق يأتيني على وجهي بدلا من أن يصوب الى الحصان محدثا صوتا فيييييييييييييوووووو ..

شعرت خلالها بحرقه وألم شديدين .. تكوّرت في مكاني ، واذا بضربة أخرى ، وثالثه ، أما الرابعه فكانت القاضيه حيث جاءت على اذني اليسرى، فأسقطتني على الارض وصرت أتدحرج وأفرك براحة يداي الصغيرتين آثار الضربات المبرحة ..
كنت محظوظا لأني نجوت من السيارات التي أعقبت تلك العربة ..

من يومها تعلمت الدرس وكنت كلما أشاهد هذه العربات التي تجرها الفرس أتذكر لسعات الضربات وحرقتها ، والعن طفولتي ..

ما دعاني الى تذكر هذه الحادثة مشاهدتي لأطفالنا اليوم ولعبهم الالكترونيه الحديثه والمتطورة والتي تستجيب لمخيلتهم لمجرد لمس شاشاتها الملساء ، وانا أقول مع نفسي ترى لو كانت هذه التكنولوجيا متوفرة في زماننا هل كنا نعبث ونشاكس ونملأ الدنيا فوضى وضجيجا ؟؟ 

اليوم برغم وجع الضربات المتلاحقه جراء ذلك السوط اللعين أحن الى طفولتي ، والى كركوك ومحلاتها وأزقتها ، شاطرلو - القلعه - عرفه - حديقة مستر تيسو - امام قاسم - قوريه - والمحطه ، و..و..و.. أحلم أن تعود تلك الايام برغم حرماننا من كل وسائل اللهو واللعب ..
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter