|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  7  / 1 / 2017                                 لطيف نعمان سياوش                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حكايتان للعوائل المسيحيه المهّجرة من مدينة الموصل

لطيف نعمان سياوش
(موقع الناس)
 

الحكايه الاولى

التقيت سيدة في عقدها السادس كانت مجبرة على ترك بيتها في الموصل .. سألتها عما اذا افلحت في استصحاب مالها او ما خف وزنه وسهل حمله ..

قالت نافيه بعد ان علمنا من انهم سوف يجردونا من كل شيء في سيطراتهم .. أمّنا ما نملك من مال وذهب لدى احدى العوائل المسلمه التي تربطنا بها علاقة صداقه حميميه منذ عشرات السنين ، وسلمنا لهم مفاتيح الدار والسيارات ، وحتى اجهزة الموبايل واللابتوبات ..

وأستطردت وهي تبكي تركنا كل شيء ونحن نغادر الدار كنا ننظر الى البيت والزقاق الذي دفنا فيه احلى سنين الطفوله والشباب والذكريات ونحن نتساءل مع انفسنا ترى هل سنعود الى ديارنا مرة اخرى ؟

تعانقنا مع الجيران وكانت كل الاطراف تبكي بمرارة موجعه وتدعو لنا بالخير والعودة السريعه .. لازلنا نتواصل مع بعضنا بالهاتف وعرفنا منهم يوم ودعناهم بأنهم لم يفطروا برغم صيامهم في هذا الصيف القاسي لفرط تأثرهم لفراقنا ..

ثم تساءلت هذه السيدة نحن والمسلمين نحب بعضنا بعضا لماذا يفرّقوا بيننا ؟. فمنذ عشرات السنين ونحن خلال جيرتنا معهم لم نجد الا الطيبه والخلق الجميل والعلاقه الحميمه ..

ودعت السيدة معتذرا لها لاني أججت مشاعرها .. ولكن ظل كلامها في ذهني من ان المسيحيين والاسلام ان هما الا اخوة في الانسانيه فكيف يسمح السفهاء لأنفسهم بمسخ هذه الاخوّة ؟!..

الحكايه الثانيه

في سيطرة الدواعش المؤديه من الموصل الى اربيل أوقفوا سيارة عائله مسيحيه صاغرة لقرارهم الجائر بمغادرة المدينه خلال 24 ساعه ..

أنزلوا ركاب السيارة .. كان بينهم رجل عجوز في الثمانين من عمره (معوّق لا يقوى على الحركه) .. كان متشبثا بالمقعد الامامي .. أنزلوه هو الآخر .. بالكاد خرج من باب السيارة لسوء حالته الصحية ..
أخذوا السيارة ، ولم تجد معهم توسلات العائله والعجوز المريض ابدا ..

أخذوا مالهم ، ومصوغاتهم الذهبيه .. حتى الحقائب النسائيه ومحتوياتها .. وفتشوا جيوبهم ، وحتى ثيابهم الداخليه .. نهبوا موبايلاتهم وما تبقى من مبالغ متفرقه في جيوبهم .. أخذو جوازاتهم ..

قبل أن يأذنوا لهم بالانصراف جردوهم من محابسهم وحلقات الزواج والساعات اليديويه!!!

سقط الرجل العجوز ، لم يتمكن من المشي .. بقيت العائله ملازمه له لسوء حالته وعوقه ، وبعد مكوثهم قرابة 7 ساعات في السيطرة المشؤومه جاء جرار زراعي ورحم بحالهم ونقلهم الى اقرب قريه مسيحيه في سهل نينوى ..

ذهبت العائله الى كنيسة القريه .. باتت ليلتها هناك ..

في الصباح الباكر عندما دق ناقوس الكنيسه انظمت العائله الى جموع المصلين .. كان الجميع يصلي نشيد (موطني - موطني) برغم الجراح ..



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter