|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  4  /  3  / 2019                                 لطيف نعمان سياوش                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من دفاتر الانتفاضه

 حدث في مثل هذه الايام في عنكاوا

لطيف نعمان سياوش
(موقع الناس)

في ربيع عام 1991 (تحديدا في مطلع شهر آذار) استقبلت عنكاوا بصدر رحب وكرم عال وطيبة مثالية دخلت التاريخ من اوسع ابوابه ، استقبلت اعداد كبيرة من الجنود والضباط العراقيين ممن جاءوا من اعالي الجبال لمسافات امتدت من الحدود التركيه والايرانيه ومرورا بالاراضي والجبال الوعرة بأتجاه المدن الكردستانية في شمال العراق ،..
كانوا في حال يرثى له من الاجهاد والتعب الشديد وهم شبعوا من برد الجبال القارس وسهر الليالي ..
دخلوا كنائس عنكاوا التي لم تفرّق بين المسلم والمسيحي والصابئي واليزيدي ، واحتضنتهم أيما احتضان ..
انها انتفاضة آذار التاريخية ..
شكرا للجيش العراقي الذي لم يقاوم الجيوش المنتفضه من الاهالي حقنا للدماء ..

كانت ايام عصيبة جدا وكانوا مطمئنين لأنهم في عنكاوا الامينة الكريمة . صحيح تماما مجمل الناس كانوا فرحانين ربما لأنهم شعروا انهم تخلصوا من الحروب المتلاحقة والمتسلسلة التي دارت رحاها مع دول الجوار وفي الداخل ..لكن لم يكن يتصور احدا ما كيف سيكون مصير العراقيين في قادم الايام ..

بقت هذه الاعداد من العسكر في الكنائس واستنفرت العديد من النساء وقتها وجهودها وتبرعت لتطبخ لهم الطعام وغسل الاطباق والقدور ..

وقام الاهالي بتوزيع الفراش والاغطية لهم ، وتزويدهم بالوقود برغم الازمة الخانقة في الوقود نتيجة الحرب ، ومد يد العون لمن احتاج المساعدة المالية بغية وصوله الى ذويه بسلام عندما تهدأ الامور ..

كيف لا وهم ابناءنا واخوتنا من العراقيين .. علينا ان نصونهم ونقدم لهم ما يحتاجووه ونحن ندرك تماما كم هو قلق الامهات عليهم ..

استمر الحال لأسبوعين دون ان يكلّ احدا من تسديد كل حاجات العسكر ، الى ان تجلت الامور وهدأت .. تعانقنا معهم وتصافحنا بعد أن صرنا اصدقاء لهم ، ثم بدأ كل منهم يغادر مطمئنا ومتجها الى بيته ..

تحية حب وتقدير الى كل الامهات العنكاويات اللائي تطوعن وساهمن في مد يد العون والكرم لأبنائهن واخوتهن العراقيين ..

لقد مر قرابة عقدين من الزمان على تلك الايام ، لكن من الوفاء ان نتذكرها ونقدم الشكر للكنيسه في عنكاوا ورجال الدين كافة ، والاخوة والاخوات ممن خفف من وجع وتعب اولئك المساكين في تلك الايام العصيبة ..

عندما هجم الدواعش الاوغاد على سهل نينوى ، والموصل ، وسنجار ،وصلاح الدين ، والرمادي ، ومدن سوريا في السنوات الاخيرة فتحت عنكاوا مرة اخرى ذراعيها لأحتضان العوائل ،وهي تعيد الى ذاكرتها ايام انتفاضة آذار 1991 . لكن ايام نزوح العوائل نتيجة الهجمة الشرسة للدواعش كانت تفوق في مرارتها كل الاوجاع ، وكانت اسوأ كارثة تحدث لأبناء شعبنا واخوانهم الأيزيديين في التاريخ الحديث ، ولعل اعداد الفارين الى بلدان الشتات كان ابلغ تعبير عما حل بهم ..


عنكاوا

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter