|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  28  / 3 / 2017                                 لطيف نعمان سياوش                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لمناسبة اليوم العالمي للمسرح

لعبة الملك والمهرج
مسرحية كوميدية

لطيف نعمان سياوش
(موقع الناس)

الشخصيات:
الملك
المهرج
(ممكن أن يكون أحدهما أو كليهما عنصرا نسويا)

الزمان : في أي زمان
المكان : في البلدان المتخلفة التي تكون فيها الانظمة شمولية

المنظر:
(1) بلاط الملك - أربعة أعمدة أو أكثر مرتفعة - وسط المسرح مرتفع ينتصب فوقه مقعد ملوكي مزركش - حمالة ملابس عدد 2 أحداهما يمين المسرح والاخرى شماله علّقت عليهما قبعات وملابس مختلفة - أقنعة مختلفة (وجه خروف، كلب عكازة ، مع بعض الاكسسوارات المختلفة التي تخدم الحدث . مرآة كبيرة أو اطار يوحي بذلك - مواد ماكياج مصفطة على منضدة صغيرة .

(2) أو ممكن أن يكون الديكور معاصر وحداثوي ، والامر متروك لخيال المخرج .

المقدمه
(مشهد أستعراضي يعرّف بالشخصيتين)
الاول : أعزائي المشاهدين..
الثاني : ضيوفنا الكرام..
الاثنين معا: (
يصفقان) أهلا بكم ..
الاول : اليوم نعرض لكم مسرحية بعنوان : لعبة الملك والمهرج ..
الثاني : الممثلون في هذه المسرحية أنا، وهو ..
الاول : في هذه المسرحية ستشاهدون شخصيتين فقط ..الملك ، والمهرج ..
الثاني : أنا هو الملك .. وأنا المهرج ..
الاول : وأنا المهرج ، والملك ..
الثاني : يعني عندما أكون ملكا ..
الاول : (
مكملا) أكون مهرجا ..وعندما أكون ملكا..
الثاني : (
مكملا) أكون مهرجا ..
الاول + الثاني : وهكذا بين حين وآخرنتبادل الادوار..(
يبدلان مكانيهما - كل يأخذ موقع الآخر)
الثاني : لا تندهشوا ولا تستغربوا لو صار الملك مهرجا!!..
الاول : ولو صار المهرج ملكا!!..
كلاهما: ها ها ها ....
الثاني : سبحان الله ، في هذا الزمان كل شيء يجوز .. كم من غير المؤهلين ، وغير المستحقين باتوا يحكمون الناس..
الاول : وكم من الملوك والمشاهير صاروا أسفل السافلين ..
الثاني : وكم من الحكماء ، والمفكرين صاروا جياعا ، وحفاة ، ومحتاجين ..
الاول : وكم من الصعاليك والجهلة ، أرتفعوا عاليا ..
الثاني : وكم من الذين كدوا ، وتعبوا ..و ..
الاول : (
مقاطعا) بالله عليك ، لكي لا نطيل المقدمة .. ولكي لا ينزعجوا أحبتنا المشاهدين ، ولكي لا نفسد عليهم ألاجواء .. ولكي لا يصابوا بالملل..لابد أن ..
الثاني : (
مكملا) نبدأ مسرحيتنا ..
الاول : اذن لنبدأ بمسرحية ..
الاثنين معا: لعبة الملك والمهرج ..هييييييييييييييييي .. (
يغادران المسرح)..

- ظلام - موسيقى أحتفالية -


الفصل الاول
(موسيقى أحتفالية - أو أغنية حلوة - أجواء أحتفالية - شرائط ملونة وبالونات ، وما الى ذلك - الملك والمهرج يرتديان ثيابهما أمام المشاهدين - ومع أستمرار الموسيقى يضعان الماكياج على وجهيهما - لابأس أن يعينا أحدهما الآخر في بعض اللمسات - ولا مانع من قيام الماكير أو المخرج نفسه لعمل الماكياج ومراجعة الملابس والماكياج والاكسسوارات ومساعدتهما بما مطلوب ..في هذه المسرحية الاشياء التي تكون خلف الكواليس هنا تصبح مكشوفة أمام المشاهد .. العازفين والمغني يتواجدون في احدى جوانب المسرح (يحدده المخرج)..

الملك : (
جالس على عرشه ، يبدو عليه الازعاج) .. أي دواء هذا الذي شخصه لي الطبيب ؟..
لم أر .. ولم أسمع قط دواء كهذا..(
يتقدم خطوه يخاطب المشاهدين) بالله عليكم ، هل سمعتم من قبل طبيب يوصي بمهرج لمريض ليرّفه عنه ، ويجعله دواء له ؟!! ..(مع نفسه) لعنة الله عليك أيها الطبيب ..هؤلاء الاطباء سيزيدون جنوني ، ويرفعون من كآبتي ..
ويوما بعد آخر يزداد وضعي تأزما .. ما أن أشفى من مرض حتى أصاب بآخر ..أشفى من مرض الكلى ، أصاب بالاسهال .. أشفى من الاسهال أبدأ بالبواسير.. أشفى من البواسير أصاب بالبروستات ..أشفى من جميييييييع هذه الامراض ، أصاب بالكآبه .. آه من الكآبه ..(
يتحول) هذه الامور كلها في كفة ، وكلام الناس ضدي وملاحقتهم لي ورصدهم لتحركاتي في كفة أخرى ..(للجمهور) بالله عليكم تخلوا عني..
لا دخل لكم بما أفعل ، وأين أذهب .. أتركوني وشأني ..صدقوني سأجعلكم جميعا وزراء .. ومدراء عامون ..وأصحاب مناصب كبييييرة .. كل هذا فقط لو تخليتم عني .. لو فعلا فعلتم ذلك سأكون ممتنا ..لو سمعتم كلامي سأكون شاكرا لكم .. (
بدلع) ok ؟..(يتحول فجأة) لكن الطامة الكبرى تكمن في أني لاأعرف من يحوك المؤامرات ضدي .. ومن يلفق عني الكلام والافعال .. ماذا أفعل ؟.. أين أذهب؟ ..تبا .. تبا لحالي .. (يشرب قليلا من الماء - يصفق ، أو يستخدم جرس صغير لمناداة المهرج) ..

المهرج: (
يدخل بحركات تهريجية ، وبهيأة غريبة ، اما أن يجلس على كرة كبيرة كالتي يلعب بها الاطفال ويتقافز . أو يعتلي دراجة صغيرة . الامر متروك للمخرج . في فمه صافرة أطفال - بعد أن يستعرض بعض الحركات ، ويجوب المسرح من أقصاه الى أقصاه لمرة أو أكثر..) ..هييييييييي ..هووووووووو ..بررررررررر.. (ينحني للملك)

الملك : هيا أرني شطارتك في اللعب ..
المهرج: أمر مولاي ..(
يتقدم خطوة يخاطب الجمهور) أعزائي المشاهدين يقينا جئتم الى هذا المكان لترفّهوا عن أنفسكم .. وربما عندما تتطلعون الى هيأتي هذه ، بهذه الثياب.. وهذا الماكياج تظنون بأني سأسليكم ، وأضحككم ..ولكن ، ولكن من أين أأتي بالضحك وحياتي مليئة بالمرارة والحزن ؟!.. هل تعلمون أنتم باني بعت كل شيء ، وأصبحت عريانا ، وحافيا ؟.. شقتي .. أثاثي ..سيارتي الفرشقه .. ثيابي .. كتبي .. لا بل حتى أواني المطبخ .. وبات حالي يرثى له .. بعد أن كنت ثريا ، ومرفها ، وسعيدا في حياتي.. بت محتاجا وكسيفا .. هل تعلمون لم هذا التحول كله ؟ .. أكيد لاتعرفون .. انه بسبب القمار!! .. وهل تعلمون من الذي يلعب القمار ؟ ..صدقوني لست أنا .. انها زوجتي الصلفة .. لا أستطيع لجمها .تلعب القمار مع الرجال ..
من يعرف ربما هناك أشياء أخرى لا يقبل المخرج أن أذكرها هنا .. نعم أشياء مخجله وتخص الشرف ... انها شرسة ..(
بأنفعال) شرسة وعنودة .. شرسة وعنودة..
(
بحيرة وألم) ماذا أفعل ؟ .. أين أذهب ؟ ..سئمت كل شيء .. سئمت حياتي .. ظلام أمام عيني .. ظلام .. ظلام .. ظلام .. تبا لهذه الحياة .. تبا لهذه الدنيا الحالكة .. عجزت حتى عن توفير الخبز لاطفالي .. لم هذه الحياة ؟ .. ما فائدة هذا العمر ؟ .. ما فائدته؟..
ما .. ما .. ما ..اه ..اه .. اه .. اه ..

الملك : (
يتضامن معه في البكاء) اه .. اه .. اه ..يكون الله في عونه .. (يتوقف ، صمت قصير- ينتبه ، ويثور) أيها الغبي الف مرة حذّرتك من مغبة اثارة مشاعري وعواطفي .. الف مرة قلت لك لا تحزنني وتؤلمني يا ابن ال.. قبحك الله .. (برقّة وشفافية) أنت تعرف أن قلبي رقيييييييق .. رقيييييييييق جدا .. لا يطيق تحمل الحزن .. اه .. اه ..اه (يتحوّل) والله .. والله العظيم لو كررت هذه الحماقات مرة أخرى سأقلب عاليك سافلك ..سأجعلك تزحف على بطنك خمسة أيام ..سأحرمك من الطعام خمسة أيام ..سأحرمك من النوم خمسة أيام .. سأشبعك ركلا ، وضربا خمسة أيام ..سأ .. سأ .. سأمزقك اربا اربا ..والله .. والله لوفعلتها ..سأ .. سأ .. اه .. اه ..اه .. اه ..
المهرج: مولاي العزيز .. مولاي العزيز لاتحزن نفسك أبدا .. أنا سأقوم ..
الملك : (
مقاطعا ومستأنفا) هل نسيت بما نصحني الطبيب ؟ .. لا تكن حمارا.. بدلا من أن تسعدني ، وتسليني .. تملأ قلبي الرقيق حزنا وألما لتزيد من معاناتي ، ومحنتي ، ودردي .. لماذا ؟.. لماذا؟.. ان حزني يكفيني .. اه .. اه .. اه ..
المهرج: مولاي الملك .. صدقني صدقني لاأطيق أن أراك حزينا ، وكئيبا ، ومتألما ..لا أطيق أن أراك غاضبا ، ومنزعجا ، ومتوترا.. (
يهدأ ويتحدث بوداعة) مولاي العزيز .. أريد أن أراك سعيدا ، ومبتهجا ، ومنشرحا ، ومسرورا .. أريد أن أراك مفعما بالفرح ، والسؤدد ، والسعادة ، والبهجة ، والانطلاق .. مولاي الملك أريد أن أراك دائما ..
الملك : (
مقاطعا) لا أريد كلاما فارغا، ولغوا ، وسفسفطة عقيمة .. هيا .. هيا .. أرني ما لديك..
المهرج: أمر مولاي المبجل ..
الملك : (
بشاعرية) أريد مهرجا يملاء قلبي الصغير بالفرح .. ويبعدني عن الهموم ، والاحزان.. ويخلّصني من الكآبة .. أريد مهرجا يسعدني ، ويحلق بي عاليا ..ينقلني من قصر الملك المزعج الى عالم أرحب .. (يحلم) عالم الاحلام الحلوة الجميلة .. (الاضاءة تتلون - بالونات ملونة تنزل من فضاء المسرح - سبريه بخاخ يملاء الفضاء - موسيقى رومانسية) أحلام وردية جميلة .. عالم من الفرح والانس .. عالم من الضحك والمرح .. أريد أن أضحك .. أضحك ملىء فمي وقلبي .. أضحك ليل نهار .. أريد ، أريد أن أتبول على نفسي من الضحك ..ها ..ها .. ها .. أريد أن أضحك ..
المهرج: (
يضحك بأستهتار) ها .. ها .. ها .. ها .. ها .. ها ..
الملك : (
يرفسه على مؤخرته بشده فيرميه بعيدا) قشمر .. أنت في حضرة الملك .. وفي بلاط السلطان ..
المهرج: عع .. عع .. عع ..عذرا .. عذرا مولاي الملك .. عذرا ..
الملك : قلت لك أريد أن أضحك .. هيا قدم شيئا مضحكا والا .. أريد حركات من غير كلام .. فنتازيا بدون ثرثرة .. قفزات من غير لغو .. بهلوانيات من غير سفسطه .. هيا ..هيا .. بسرعة ..
المهرج: (
موسيقى - يقفز ويهرج من غير كلام - يؤدي حركات تثير الضحك بمساعدة الموسيقى والاضاءة) ..
الملك : (
يبدو انه لم يقتنع - يسخر) .. ها .. ها .. ها .. أعطو موزا لهذا القرد..
(
ينزل موز من الاعلى ويكون مربوطا بخيط)..
المهرج: (
يتلقفه ، ويلتهمه) - موسيقى -
الملك : هل تستطيع أن تلعب دور ..(
يتذكر) دور .. دور شحاذ؟..
المهرج : (
بسعاده) كيف لا.. الآن حالا... (يرتدي سترة ممزقة فوق ثيابه - مع نظارة غامقة - يبدل قبعته - يؤدي دور شحاذ معوّق بصمت - ثم بتباهي) كيف كنت مولاي الملك؟..
الملك : (
يبدو أن ألاداء لم يعجبه)..أيها الشاطر .. أهكذا يكون الشحاذ المعوّق ؟.. هيا وأنظر كيف سألعب أنا دور الشحاذ .. وكن أنت الملك ..
المهرج: ولكن .. ولكن مولاي الملك .. كيف يجوز أن ...
الملك : (
مقاطعا) أششششششششش...(يرتدي نفس الثياب التي أرتداها المهرج قبل قليل - الموسيقى مستمرة) ..
المهرج: (
بسعادة يرتدي تاج الملك ، ويجلس على عرشه ، ويؤدي دوره) ..أحم.. أحم...
الملك : (
يؤدي دور الشحاذ بشكل ممتاز- يثير الشفقة والضحك في آن واحد) هاه ؟ .. من الذي أجاد الدور ؟ .. أنا ؟.. أم أنت؟..
المهرج: (
لازال جالس على العرش ، ويوجه أوامره) .. برافو .. برافو .. حقيقة أن دور الشحاذ يليق بك .. ودور الملك يليق بي ..
الملك : (
ينظر اليه بأندهاش) ..
المهرج: (
بأمر) والآن ..أيها المهرج .. أريد منك أن تؤدي دور.. دور .. دور الحمار الغبي ..
الملك : (
ينهره) قم .. قم يا .. بهذه السهولة تريد أن تصبح ملكا .. (صمت قصير) ما رأيك؟.. ما رأيك بأن العب مشهدا تراجيديا؟ ..
المهرج: (
يرتعب) مولاي الملك .. أنت .. أنت ..
الملك : (
مقاطعا - بكبرياء) أنا؟ ..(صمت) أنا ما لي ؟ ..
المهرج: مولاي الملك أنت تعاني من الشيزوفرينيا !! ..
الملك : هاه؟ .. ماذا قلت ؟ ..
المهرج: كلا .. كلا .. أعني أنك مريض .. و .. وتعاني من الكآبة .. لو لعبنا مشهدا تراجيديا سيؤثر ذلك عليك ..و .. و.. ستحزن .. والحزن يؤثر على قلبك .. وقلبك رقيق مولاي.. وتذكر أن الطبيب نصحك بالابتعاد عن الحزن ، والالم .. لماذا تريد أن تلعب التراجيديا ؟ .. أنا .. أنا الذي سألعب الكوميديا .. الكوميديا .. (
يؤدي بعض الحركات) كوميديا.. ها ..ها .. ها..
الملك : كلا .. كلا .. لا أعترف بذلك ..
المهرج: اذن تريدني أن العب مشهدا تراجيديا؟..
الملك : كلا .. أنا الذي يلعب..(
يتأمل)..أريد أن العب دور أوديب ..هاه.. كلا ..كلا .. تم تداوله كثيرا .. ماكبث .. كلا .. العاصفه ..كلا ..كلا ..(كالذي وجدها) هاه.. مشهد من بكماليون .. ماذا تقول ؟ ..
المهرج: صدق يا مولاي أخاف عليك..
الملك : (
ينظر اليه بغضب) ..
المهرج: أمر مولاي..
الملك : (
يرتدي عباءة بكماليون، يضع غطاء الرأس جانبا - ينقل المنضدة بمعاونة المهرج الىمقدمة المسرح - يشعلان عدة شموع في المسرح وعلى المنضدة بشكل جميل يكون قد أعد له المخرج سلفا - ينزل مصباح أحمر من الاعلى ليستقر فوق المنضده على بعد 40 سم يوحي لتمثال بكماليون - الممثل يكون مربوط بشرائط ملونة تصل نهاياتها الى أطراف المسرح - هذه الاشرطة تتجاذبه ذات اليمين والشمال وبكل الاتجاهات - تجسد صراعه - الا ضاءة تلعب دورها في هذا المشهد مع الموسيقى) ها أنا ذا معك أيها التمثال .. لماذا أشعر بالوحشة ؟.. هذه الوحشة لم أشعر بها قط من قبل .. لقد كنت ملاءت عليّ هذه الدار ، وهذه الدنيا .. (ينفعل تدريجيا) لكن الآن كل شيء بدا أمامي حالك .. كل شيء صار هباء .. ماذا أفعل ؟ .. أين أذهب ؟ .. (ينظر الى التمثال بأشمئزاز) لا .. لا .. لست كما أريد .. لن تصل الى ما أتطلع اليه .. لن ترتقي الى ما كنت أصبو اليه ..(يحطم التمثال - ينطفىء الضوء الاحمر) لا ..لا .. لست أنت الذي أريده .. لست أنت ..سأخلق أفضل منك .. في داخلي أشياء كثيرة .. في صدري أشياء عديدة يجب أن تخرج ..لن أموت قبل أن أصنع تمثالا يكون مثالا في الجمال .. لقد أمضيت حياتي كلها بهذا العمل .. في صراع مع أفكاري ..صراع مع دواخلي .. في صراع مع مصيري وقدري .. صراع طويييييييل .. (يجوب المسرح) ومع كل هذه الجهود كل شيء صار هباء .. وأنا الآن أرى وأعرف كل شيء .. ولكن .. ولكن ماذا أفعل ؟ ..نرسيس لقد كنت على حق .. نرسيس ..آه .. أشعر بالبرد .. آه أظن انها نهايتي .. أظن ..آه ..
(
يسقط ميتا - يخفت الضوء - موسيقى - يعود الضوء مرة أخرى - ينهض - يصفف شعره - يعيد قبعته - يعدل هندامه) .. أنها نهاية معقولة وكلاسيكية .. (يضحك) ها ..ها ..ها ..
المهرج: (
يصفق متملقا) سلمت حياتك مولاي .. سلمت يا مولاي ..(مع ذاته) الحمد لله تعدت بسلام ..
الملك : أحب هذه النهايات الصعبة والمريرة للشخصيات الشريرة .. مثل نهاية ماكبث .. ريتشارد الثالث .. نهاية ياكو .. فاوست .. صدام حسين .. القذافي .. نهايات هذه الشخصيات كانت مليئة بالخباثة .. وعاشوا حياة ملتوية .. والآن حياتنا مليئة بهذه النماذج ..آخ .. قلبي .. صدري ..أريد ماء ..(
يسقط) ..
المهرج: يا الهي (
يسرع بالماء - يسعى لسقيه ، دون جدوى - يشرب الماء ويرشه من فمه على وجه الملك محدثا صوتا مسموعا) .. مولاي الملك .. مولاي .. اه ..اه ..تبا لي. انها نهايتي ..عرفتها .. نصحته أن لا يلعب هذه الادوار .. يا الهي ماذا أفعل؟ .. أين أذهب ؟ .. سيلصقون التهمة بي .. أنا الوحيد معه هنا ..نصحته لكن دون جدوى .. مولاي الملك .. مولاي الملك .. اه ..اه ..اه ..
-
موسيقى -


الفصل الثاني
الملك : (
يقطع المسرح جيئا وذهابا - المهرج يعدو خلفه بببغائية مضحكة - يتوقف الاول يتوقف الثاني - يتحرك الملك يتحرك المهرج) توبه .. توبه .. توبه ..سوف لن العب بعد الآن هكذا أدوار ..
المهرج: مولاي الملك منذ البدء حذرتك من هكذا أدوار ، وأخبرت جنابك من مغبتها ..لكن .. لكن أنت الذي أردت ذلك .. وأنت الذي أحببت هكذا أدوار ..
الملك : لا داعي للغو والثرثرة ..ولا موجب للسفسطة ..(
يتحول تدريجيا ، وينسجم مع ما يقوله)..بعد الآن أريد ضحكا ، ورقصا ،(مع كلمة الرقص يرقص) وتصفيقا ..(يلتفت ذات اليمين والشمال) و .. ومزيدا من الانس ، والجنس ، والنساء ، والخمر ..رررررررر.. و ..و ..ها ها ها .. ها ها ها ..هيا أرني مشهدا كوميديا أيها الحلو..ها ها ها ها ...
المهرج : كيف تريده يامولاي ؟ ..
الملك : أيها الارنب .. كيفما أتفق ..أ ..أ ..أي شيء ..أي شيء يخطر ببالك ..أي شيء..
المهرج : (
يتذكر) هاه ..أجل.. (للمشاهدين) الآن أقدم لكم مشهدا يشبه الحكاية ..حكاية حقيقية حدثت لي ..أو بالاحرى حدثت معي ..أعزائي منذ أن أشتريت سيارتي الفرشقه تدهورت أموري ، وأصبحت ملازم للمنطقة الصناعية .. مرة أو مرتين خلال اسبوع أنا في الصناعة ..ومنذ أن أشتريت هذه السيارة لم أعد أطيق شراء حتى ملابس داخلية لي ولاطفالي .. في يوم ما كان بحوزتي 100 دينار .. ذهبت الى السوق لاشتري بها زوج نعال .. وأتخلص من حذائي هذا الممزق والذي يدخل الماء في المطر من كل جانب الى قدمي ..جلست خلف المقود في يوم ممطر ..وأنا في طريقي الى السوق .. وصلت الى الاستدارة .. حركت المقود الى الجهة اليمنى ، لكن السيارة أنحرفت الى جهة اليسار !!.. مرة أخرى بكامل قواي الى اليمنى ، دون جدوى .. يمنى .. دون فائدة .. الى أن خرجت السيارة من الطريق ، وصعدت الرصيف ..وأرتطمت بحمار كان مربوطا بشجرة .. وتمزقت ساقه !!..
الملك : (
يضحك بفطاره) ها .. ها .. ها ..أجل .. أجل .. حكاية حلوة وممتعة ..هيا .. هيا أكمل أيها المهرج ..
المهرج: (
مستأنفا) وتنشب معركة حامية الوطيس بيني وبين الحمار .. عفوا أقصد صاحب الحمار .. (يقلد صاحب الحمار) هل أنت أعمى ؟ .. أولم تر هذا الحيوان الذي يفوق حجمك ثلاث مرات ؟ .. أنت مخبول ..بول .. بول .. بول ..أنت مجنون ..نون .. نون.. نون .. سألعن جدك أيها الغبي .. يجب أن أثأر لحماري منك .. (يعود لشخصيته) بقيت أتوسل الى هذا الرجل ساعة كاملة ، وأعتذر اليه والى حماره المحترم .. قلت له.. صدقني يا عزيزي الذنب ليس ذنبي ..لكنه لم يقتنع .. أنهال عليّ بالسباب والشتائم من العيار الثقيل ، وأهانني .. وجمع الناس من حولي وهو يصيييييح بصوت عااااااال (يقلده) يجب أن تأخذ حماري الى البيطره ..طره .. طره .. طره ..أنا فقير .. قييييير .. قيييييير .. قيييييير ..اه .. اه .. اه .. (يعود لشخصيته) ولم أنجو من هذا الرجل الى أن دفعت له مبلغ 50 دينارا ..
الملك : (
بنشوه) هل أنتهت الحكاااااااياااااااا ؟ ...
المهرج: كلا يامولاي .. ما أن وصلت عتبة الدار .. حتى خرجت زوجتي ..حيث كانت قد وصلتها الاخبار ، وبالتفصيل الممل ..(
يقلدها وهو يمسك ب بمب تنظيف التواليت - عصى برأسها مطاط مدوّر-) الذنب ذنبك .. تسوق بسرعة المجانين .. انك لست بسائق
.. (
يعود لشخصيته) قلت لها .. يا أمرأة سيارتي بالكاد تصل الى 40كم في الساعه .. أي سرعة هذه؟ .. لم يجد نفعا معها ..(يقلدها) أخرس .. أقسم بالله لست بسائق .. أنت متهوّر .. ومجنون .. لو كنت سائقا لكنت قد عرفت علة سيارتك .. هيا .. هيا أدخل البيت ..أوووووووف رائحتك نتنة .. تف .. تف .. تف .. أيها الوسخ .. أدخل .. أدخل... ملابسك قذرة .. أووووف ..(يعود لشخصيته) وهكذا أعزائي المشاهدين بعد أن نلت قسطا دسما من ألاهانات المتلاحقة .. وأصبحت كرامتي تحت ال ...لعنت الشيطان وبعت سيارتي ، وتخلّصت منها ..هووووووف أرتحت منها .. هل تصدقون بعد أن بعتها ..الآن صار بحوزتي أربع أزواج من الاحذية الجديدة ...
الملك : حقيقة حكايتك ممتعة ..هذه حكاية سيارتك البطيئة .. وماذا عن سيارتك السريعة ؟ .. أحك لي عن سيارتك السريعة ..
المهرج: أية سيارة ؟.. (
يتذكر) هاه ..أجل .. أجل ..قبل سيارتي الفرشقة هذه .. كانت لي سيارة رقمها 13 ..في يوم ما تعطلت ، وذهبت بها الى المصلح .. فتح بعض أجزائها .... بضمنها الرقم .. وبما أني كنت بأمس الحاجة اليها .. أخذتها من المصلّح قبل أتمام
تصليحها .. شكلها كان مضحكا لانها كانت تسير على الكير نمره 1و2 كانت تهتز، وترتجف .. (
يقلدها بجسمه) طرطر..طرطر ..طرطر ..طررررررررر..طر..طر..
(
يأخذ المسرح جيئا وذهابا) فأضطررت أن أسير بها على الكير نمره 3 .. سقت السيارة في وسط السوق الشعبي المزدحم ، ويدي على المنبه..طاااااااااط ..طاااااااااط.. طاااااط ..طااااااااط ..هذا يقفز من أمامي ..وذاك يشتم ويلعن ..وثالث يسخر ويضحك... أما شرطي المرور .. فووووفوووووو.. فووووووووو ..يصفر بما أوتي من قوه ..ها ها ها ها .. لقد كان أستهتارا رائعا ..لم أستهتر بحياتي قط مثل ذلك الاستهتار ....
(
يهدأ) ولكن ما أن وصلت البيت .. طا ق.. طاق .. طاق.. دقت الباب .. فتحتها ....اذا بجاري أنور يشطات غضبا ..عيناه محمرتان .. شعره أشعث ..جسمه يتصبب عرقا .. (يقلده) لماذا تقود السيارة بلا رقم ؟!! .. (يعود لشخصيته) قلت له تفضل يا جاري لم أنت منفعل هكذا ؟ ..لكنه لم يأبه .. لا بل أزداد غضبا ورفع صوته عاليا
(
يقلده) اذا لم تكن لديك نية سيئة لما كنت تقود سيارتك بدون رقم.. أجل بدون رقم وبهذه السرعة كالمجانين .. الا تخجل تسوق سيارتك بدون رقم ؟ .. (يعود لشخصيته)
قلت له بالله عليك يا جاري خفف من صوتك .. عيب .. قل لي رجاء لماذا أنت منفعل هكذا ؟ .. (
يقلده) كلا يجب أن تعرف جيدا ياهذا .. مذ أن سرقت داري تحت تهديد السلاح من قبل سائق سيارة بلا رقم .. منذ ذلك الحين أمقت كل سيارة لا تحمل رقما ..
هل فهمت يا ثور ؟ .. (
يعود لشخصيته) ثم أدار وجهه و..طرااااب ..وصّد الباب بقوه فتحت الباب .. و .. وناديته .. أنور أنور .. أنور ..أبتعد وهو يسب ويشتم ويلعن..
(
للجمهور) أعزائي المشاهدين أرجوكم ان كانت لديكم سيارة بلا أرقام .. سارعوا لتثبيت الارقام عليها قبل أن تتورطوا مثلي ..
الملك : يا لك من مهرج .. من أين تأتي بهذه الحكايات الانتيكه ؟ ..
المهرج: صدقني مولاي الملك ، وأنتم أعزائي المشاهدين ..ان هذه الحكايات حدثت معي فعلا ..
الملك : الآن دع الحكايات هذه جانبا .. تعال وأرني شطارتك في الهز والرقص ..
(
موسيقى راقصه)
المهرج: (
يرقص بشكل مضحك) ..
الملك : كفى .. كفى .. حتى القرده لاتعرف الرقص مثلك ..(
يصفق) هاتو بالموز لهذا القرد ..
(
ينزل موز من الاعلى ، وكلما قفز المهرج للفوز به يرتفع الموزالى أن يصطاده ويلتهمه - موسيقى)
الملك : كأني بك ستفلح بالقضاء على كآبتي ، وأزعاجاتي .. أسمع أيها المهرج .. لو أفلحت في عملك ومهنتك هذه سأغيّر حياتك كلها ..سأمنحك منصبا يقلب حياتك نحو الافضل بكثيييييير ..
المهرج: (
بفرح) حفظك الله ..حضرتكم يأمر وأنا أطيع ..طيع .. طيع .. طييييييييييع ..
الملك : ها ها ها .. أريد منك أن تلعب دور بعض الحيوانات ..علك تخفف من همومي ..ها ها ها .. بدأت أنتعش قليلا ..
المهرج: حضرتك يأمر مولاي ..أي حيوانات تريد ؟.. اليفه؟.. بريه؟.. مفترسة؟..زاحفه؟..المهم أن أدخل البهجة الى نفسك الكريمة .. وأطلب من الباري أن أفلح في اسعاد مولاي الملك المبجل .. وأدخل الفرحة الى قلبه الصغير ..ها .. ها .. ها ..
الملك : هيا العب دور خروف ترك في الزريبة لوحده ..
المهرج: (
يرتدي قناع خروف) باع .. باع .. باع .. (يقطع المسرح طولا وعرضا)..
الملك : انك لخروف وديييييع .. حالك يدعو للشفقة .. انك تلعب دور الخروف بشكل جميل ..هل تستطيع أن تلعب أدوار حيوانات أخرى وطيور ؟ ..
المهرج: (
بزهو) كيف لا وأنا أفنيت عمري في مسرح الطفل ؟ ..
الملك : ممتاز .. هيا ألعب دور .. (
يتذكر) دور كلب اليف ..
المهرج: سهلة جدا ..(
يؤدي دور الحمار) ها هو..ها هو .. ها هو ..
الملك : ايها الشاطر .. لم تعد تميّز بين الكلب والحمار ..
المهرج: هاه .. كلب .. أجل ..أجل .. حالا .. (
يرتدي قناع الكلب) عوووووووو..عووووووو..
عوووووووو..
الملك : كفى .. كفى .. كلب شرس ..
المهرج: (
يغيّر قناعه) عوووووووووو .. عووووووووو .. عووووووووووو.. عووووووووو..
(
يقترب من الملك يريد أن يعضه) ..
الملك : (
يرتعب ولكي يدافع عن نفسه يرتدي قناع كلب هو الآخر، ويبدأ صراع الكلاب بينهما وتكون الغلبة للملك).. عووووو .. عووووو .. عوووووو..
المهرج : مولاي الملك .. هل تريد أن العب دور الحمار ؟..
الملك :كلا ..كلا .. أعرف أنك حمار أكثر مني .. (
مستأنفا) بما أنك خروف وديع .. وكلب أليف ، وشرس عندما يتطلب الامر ..لهذه الاسباب وغيرها جعلتك وزيرا في بلاطي ..(يتحدث بالهاتف الخلوي) أكتبي ..
(
يومىء بأشاره لمعرفة أسم المهرج) ..
المهرج: خالد خليل فخري..
الملك : خالد خليل فخري .. أصبح وزيرا في البلاط أعتبارا من تاريخ اليوم ..الآن أطبعي الامر لاوقعه ..
المهرج: يعيش الملك .. يعيش الملك .. (
يرقص)
الملك : أثقل قليلا .. لقد أصبحت وزيرا .. أسمع جيدا أيها الوزير ..لو عملت بكفاءة في عملك الجديد ، سأختبرك لمدة ستة أشهر .. لو أجتزت الاختبار بنجاح سأجعلك رئيسا للوزراء .. واذا أفلحت في عملك كرئيس للوزراء، وبما أنني عقيم سأجعلك وليا لعهدي
المهرج : يعيش .. يعيش .. يعيش مولاي الملك .. يحيا مولاي الملك ..يعيش ..
الملك :(
يسكته بأشارة من يده - يرن جرس الهاتف - يتزامن معه أصوات هتافات عالية) ألو..ألو .. هاه ..؟ ..(توحي المكالمة أن شيئا ما قد حصل في الخارج - مظاهرة ، أو أحتجاج ، أو فوضى) .. أيها المهرج عد الى عملك مهرجا ..لا طاقة لي بتحمل المشاكل
المهرج: لكنك مولاي ..
الملك : (
مقاطعا) أششششششششششش ..أصدرت قراري وأنتهت .. ومسرحيتنا أنتهت ..


- النهايه -
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter