|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  17  / 10 / 2016                                 لطيف نعمان سياوش                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هكذا كفروا بالوطن ..

لطيف نعمان سياوش
(موقع الناس)

أحدهم رزم ثيابه استعدادا للسفر ...
وآخر يسعى للاتصال بالمعارف خارج الوطن لشد الرحال ...
وتلك تبيع ما تبقى من اثاثها وذهبها ان كان لديها ذهب لتذهب ...
وثالث يودع احبابه لذات الغرض ...
ورابع سلّم مفاتيح بيته وأمّن داره لدى جاره ورحل ...
من يدري ؟ قد يرحل ما تبقى من الاصدقاء والاحباب ولن يبق منهم احد !!

مهزلة من مهازل القرن الحادي والعشرين ، حتى تراجيديات (سوفوكليس ويوربيدس وارستوفان) (*) لا تصل مرارتها لما آل اليه حال شعبنا !!

صرخت بأعلى صوتي : ما بالكم ؟.. الى اين احبتي ؟..
قالوا بمراره : ما عاد يجدي البلد نفعا ..

الوطن الذي يهّجر فيه الانسان ، ويرّحل من داره ، ويجرّد من ماله ما عاد صالحا للعيش والسكن ..

بقيت انظر احبابي وهم يهربون زرافات وفي داخلي صوت ينادي :
آه من هذا الزمن .. كيف تترك الطيور اعشاشها في هذا الزمن ؟..
كيف يهجر الانسان امه التي انجبته ايام المحن ؟..
كيف يكفر المرء بالقيم والتراب والشجر والوطن ؟..

بعضهم اجاب :
خذوا هوية الاحوال المدنية .. خذوا البطاقة التموينية ، والجنسية العراقية ...
خذوا مذكراتنا وأوجاعنا وكل قيودنا ، خذوا البطاقة السكنية ، والبطاقة الذكية والغبية ..
فنحن ماضون الى بلاد الغرباء نبحث في ربوعها الحرية ..
× × × ×
كنا لحد الامس القريب نحيي الندوات ونكتب القصص والعبر والمقالات للحد من خطر الرحيل والسفر ..
اليوم ما عاد لنا وجه للحديث بهذا الشأن والحياة في خطر ..
الكل صار يفكر بالسفر ..
الشيب .. الشباب .. النساء .. الرجال .. الصغار والكبار ..
حتى المثقفين الذين اصروا التشبث بالوطن
قرروا هجر الوطن !!
نعتب من ؟.. ونلوم من ؟..

اللوم كل اللوم يوجه لحكامنا اللصوص والفاسدين والخونه ممن رّحلوا الامان والاطمئنان خارج الوطن ..
إدّعوا الديمقراطية والرخاء والامان والاطمئنان لنا ..
استبشرنا خيرا .. صدقنا وقلنا انها نهاية المأساة ..
لكننا صرنا اليوم نترّحم على ايام وحكم الطغاة لما آلت اليه حقوق الانسان !!
طعنتم السلام ، وكبلتم ايادي الحريه ، وعصمتم عيون الامان لترموها خارج الوطن ، وبنيتم أسوارا وسدودا عالية لكي لا ترجع او تعود ..
 


(*) سوفوكليس ويوربيدس وارستوفان / يعدون من ابرز كتاب التراجيديا لدى الاغريق - ولهم الفضل في نشوء بدايات الحركة المسرحية في العالم ..
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter