| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطيف حسن

 

 

 

الخميس 18/11/ 2010



في موضوع ازمة الوعي والعقل المنطقي في العراق
(4) الاخيرة

لطيف حسن

( التعصب ،الاعلام المضلل )
التعصب هواعتقاد مزيف ، بأن شخصا اومجموعة بشرية او شيئا ما هو ( مركز العالم) او ( المعيارالمثال الوحيد) في كل شيء، وقد ابتلينا نحن العراقيين بداء التعصب هذا بكل انواعه ، ان كان عشائريا او قبليا او عائليا ، واخطرها التعصب العقائدي الطائفي .

ويكمن خطر التعصب الطائفي بالذات ، تناقضه مع متطلبات التفكير العلمي في ان الشخص المتعصب طائفيا يرى نفسه ، او أن الطائفة التي يتعصب اليها على انهم محتكروا الحقيقة والفضيلة والعلم ، والاجدر من الاخرين بأخذ الدور القيادي المحرك للمجتمع، في الوقت الذي يفتقر فيه الاخر وطائفته الى ذلك ، لذا يعتقد انه وطائفته على صواب دوما و الاخرين هم المخطئون باستمرار ، وعليه يعطي لنفسه ولطائفته كل الحق في فرض تعاليم الطائفة المتناهية في الكمال من وجهة نظره .

والمتعصب الطائفي لايكتفي بان ينسب للطائفة الكبيرة الفضائل والمعارف ، بل يخترع للمجموعة الصغيرة الذي ينتمي اليها من الطائفة انتسابا تاريخا مزيفا خاصا يميزها عن باقي افراد الطائفة الكبيرة ويعطيها هالة وسلطة لايستاهلها كأن ، يعيد جذوره الى (آل البيت) السادة (كطائفة الحسين ، او على ابن ابي طالب.. الخ) مظهرا للآخرين انه من الصفوة القريبة من المعصومبن ، الجديرة بحمل وتطبيق رسالة الطائفة الكبرى ، بل ينكر على الاخرين علومهم وفضائلهم ويحاربها ويفرض تعاليم الطائفة على الاخرين بالقوه ، وبالتالي يحل ماهو ذاتي لمجموعة اجتماعية مهما كبرت او صغرت في البلد ، محل ما هو موضوعي عام كامل الصحة ،

وهنا قد يكون مفيدا التمييز بين التعصب وبين الثقة بالنفس ، فاالثقة بالنفس امر مشروع ، شريطة ان يقوم هذا الشعور على امكانيات وقدرات متوفرة لديه فعلا ، دون ان تؤدي الثقة بالنفس الى انكار حق الاخرين في ان يكونوا اندادا له او يفوقوه أحيانا ، ولا الى الحط من شانهم والأساءة اليهم.

فالواثق من نفسه وان اعتقد انه صاحب الفضل الاكبر ، لكنه في الوقت نفسه يعترف بفضل الاخرين ومكانتهم .

اما المتعصب الطائفي لايرى نجاحاته وانتصاراته الا في ضوء هزائم وفشل الاخرين واحباطاتهم .

وينطبق هذا الكلام على كافة اشكال التعصب سواء كان تعصبا عنصريا او دينيا او سياسيا او اجتماعيا .. الخ.

ان التعصب الطائفي يؤدي الى نوع من حالة التسليم والخضوع لافكار ومعتقدات دون تمحيص او شك او نقد , مما يجعل الطائفي يقبل ويرفض أي شخص او فكرة او موقف لاسباب لاتستند الى العقل والمنطق وبذلك يصبح الطائفي بعقليته التي يحملها ، عقبة صعبة تعترض سبيل التفكير العلمي وتقاومه .

والطائفة التي بيديها مقاليد الحكم تفرض خضوع الجميع شبه المطلق لسلطتها او بمعنى التسليم شبه الكامل بما تقوم به من اشاعة طريقتها في الحياة والتفكير بلا نقاش ، فالطائفية أساسها ينطوي على الشعور بالعجز والضعف امام التحديات الخارجية لذلك تفتقد الى القدرة على التجديد والابتكار ،فهي تعيش في شك دائم من الطوائف الاخرى ، لذا هي متخندقة على الدوام ومستعدة على الدوام للدفاع عن وضعها ، فالتعصب طريقة سهلة ومريحة في مواجهة المشكلات على اختلافها .

وحججها التي تطرح كثيرة ، كتكرار حجة مظلومبة الشيعة التي تستخدم اليوم كقمصين عثمان مثلا ، لأنه لاتحتاج الا لقدر يسير من الجهد لطرحها في الوقت الذي تشاء حتى على اتباع الطائفة نفسها التي قد يبدي بعضها رأيا في الامر او تستفسر عن بعض الغموض فتواجه بقوة ، فما على الفرد عندئذ الا الرضوخ والطاعة وتنفيذ الاوامر كالمقدس ، وهي بذلك تعزز التجهيل وتعطل التفكير الناقد والمبدع وتؤدي في النهاية الى الجمود والتخلف في كافة مجالات الحياة .

فلو عدنا الى العصور القديمة ، التي يحن للعودة اليها بزهو (الاسلام السياسي) ، حيث كانت في حقيقتها عصورا مظلمة و متخلفة يندر فيها الابداع .

ولو ان التخلف ونتائجه اقتصر على تلك العصور وظل لصيقا بها لهان الامر ، و لكن ورثته العصور التي تلتها ، وعملت على تثبيته وترسيخه عبر الاجيال انطلاقا من (ضرورة) الحفاظ على التراث .

ان الاضرار الفادحة التي يأتي في طليعتها ، تعطل او شلل قوة التفكير الخلاق الناجم عن الخضوع الاعمى وبأشكال مختلفة للسلطة . ان كانت قبلية او طائفية او للدولة ..الخ لاسيما عندما تكون هذه السلطة سلطة شاموليه ، مناهضة للعلم والقيم الجديدة في العصرومقيدة لحرية الفرد والمجتمع

تبدو الحالة واضحة من خلال مقابلتها بالحاله المعاكسة لها ، عندما تعمل السلطة الديمقراطية الحقة على اشاعة حرية الفكر وتنمية الوعي ، واطلاق القدرات العقلية الابداعية التي يؤدي استثمارها وتوظيف تراكماتها الى حالة من التقدم والازدهار في جميع مجالات الحياة الاجتماعية ، بما في ذلك تطور السلطة نفسها وجعلها اكثر نزوعا نحو الحرية والديمقراطية

ننتقل في نهاية هذا البحث الى دور الاعلام وامكانياته في تضليل العقل ، بما ان الاعلام يهتم في المقام الاول بنقل المعلومات وتوصيلها بطرائق مختلفة الى الجمهور على اختلاف فئاته الاجتماعية ومستوياته العمرية ، فان الاهتمام به اخذ يزداد يوما بعد يوم في الزمن المعاصر نتيجة لتعاظم تأثيره الابجابي والسلبي في الجماهير .

ومع ان الاعلام اليوم بتقدم وسائل الاتصالات الكونية اصبح او يكاد ان يصبح علما بذاته ، وبالتحديد علما تطبيقيا ، فاأداة الاعلام اليوم تستخدم لتحقيق اغراض مجتمع ما بكامله ، او فئة محددة من هذا المجتمع تمتلك او لها قدرة السيطرة وتوجيه هذه الوسيلة لصالحها ، بما فيها أحباط او معارضة اهداف فئة اخرى من نفس المجتمع ،

وهذا ما يجعل الاعلام في الممارسة وفي ضوء الصراعات والتناقضات والفوضى التي يشهدها عراقتا اليوم يبحث كل منبر اعلامي فيه ، لاسيما الفضائيات الكثيرة ، عن افضل الطرق لتأكيد حقائق معينة ، وابطال مفعول حقائق اخرى بما يؤدي الى تزييف خطير لعقول الناس والتلاعب بها واعادة صياغتها وتغيير اتجاهات الناس ومواقفقهم ،

وباتت اليوم القوى السياسية التقدمية التى لانمتلك قناتا فضائية ( لاسباب مادية واتعدام الدعم الخارجي ) لكي تروج لأهدافها وتعمل على التأثيرفي توجيه الرأي العام وجهة صحيحة ، لم يعد لها مكان مؤثر في الساحة السياسية أوبين الجماهير،

وقد ساعد نشر المعلومات المزيفة والمضللة التي قامت بها الفضائيات المختلفة وفي كل المجالات اثناء الحملات الانتخابية للبرلمان ومجالس المحافظات بارتكاب جريمة تجهيل المواطنيين بحقوقهم واين تكمن مصالحهم عند الانتخاب ، والتأثير الفض على توجهم في أنتخاب قوى واشخاص الى البرلمان لم يكونوا غير جديرين او مناسبين لتمثيلهم فقط ، وانما انتخاب فئة فاسدة من السراق للمال العام ، اضروا لاحقا بمصالح الناخب نفسه ومصالح الوطن الذي اباحوه للتدخل الخارجي من قبل الجهة التي اوصلتهم للبرلمان .

وعملية التزييف والتضليل الاعلامي في العراق تأخذ اتجاهين رئيسين :

الاول تنافسي غير شريف يستخدم وسائل اعلام مضللة تعتمد الاكاذيب من اجل مصلحة مجموعة ، او فئة من الناس بالذات ، عن طريق الخداع وبث الاشاعات الكاذبة ضد فئات اخرى ، لربما هي اكثر صدقا واستقامة منها ،

الاتجاه الثاني سياسي يستخدم الاعلام من اجل دعم المركز المتحكم بالسلطة ، وزعزعة الثقة بالقوى المنافسة الاخرى المتواجدة في الساحه ، مستغلة موقعها الرسمي وقدراتها في التحكم بالمال العام وأمكانياتها في تسخير جهاز الدولة لصالحها في التنافس الاعلامي ضد منافسيها ،

وهكذا يبدو الاعلام والاعلام المضاد في ظروف العراق المعاصر من بين اهم العقبات التي تعترض التفكير المنطقي العلمي الحر ، الذي يبحث عن الحقيقة المجردة ولكن الاعلام المضلل يتعقبه ليدفع به بعيدا عن سبيله الصحيح .

ان معوقات التفكير العلمي عديدة جدا ، لم أتوقف في هذه الدراسة السريعة الا على اهمها .

(انتهت )



* في موضوع ازمة الوعي والعقل المنطقي في العراق (3)
* في موضوع ازمة الوعي والعقل المنطقي في العراق (2)
* في موضوع ازمة الوعي والعقل المنطقي في العراق (1)






 


 

free web counter