| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

لطيف حسن

 

 

 

الأحد 7/11/ 2010



في موضوع ازمة الوعي والعقل المنطقي في العراق
(1)

لطيف حسن

مقدمة في موضوع الازمة
كثر الحديث في المواقع الالكترونيه ( وما اكثرها ) ، وأيضا في وسائل الاعلام المختلفة الاخرى ، تناولت من زوايا مختلفة موضوع ازمة العقل المنطقي في العراق ، والتراجع المذهل والسريع لوعي المواطن خلال السنيين السبعة الاخيرة عنما كان عليه وعيه في السبعينات من القرن الماضي .

قسم يصف الازمة بأنها ليست جديدة بل هي كانت موجوده في كل الفترات وعلى امتداد تاريخنا الاسلامي ، وقد ورثنا مع الدين اسلوب الحكم السياسي (النظام الثيوقراطي) الذي كلكل بثقله على صدر المجتمع وقيد نموه الحر الطبيعي منذ الف واربعمائة عام ، ويعزون سبب تمسكنا بهذا النظام باعتبارنا انا نظرنا اليه على انه صنو للمقدس (الدين) على مر العصور ، رغم ان هذا النظام قد تلون باشكال القوس وقزح وخلف أسماء مختلفة ، والحاكم ان كان جائرا او قد نعت بالديمقراطي العادل ، جميع الحكام على اختلافهم كانوا دائما ظل الله على الارض .

قسم يعود بالازمه الى الوراء قبل الاحتلال باربعين عاما الى اسوأ الفترات التي مرت علينا (الفترة الصدامية) ، فترة الحروب الخارجيه والداخلية التي اشعلها النظام ، ومارافقها من عملية تأطير المجتمع بشدة ، وتخريب منظم لأخلاق ومعتقدات ونفوس العراقيين .

قسم آخر اعتبر احتلال العراق عام 2003 وما سمي بالفوضى الخلاقة التي سقط فيها العراق بتدبير واشراف معروف من قبل الولايات المتحدة وبتشجيع ومعاونة نشطة من كل دول الجوار التي من مصلحتها اضعاف العراق ، النتيجة لحد الان تدمير كل شيء عراقي جميل و أصيل ، تأريخه وتراثه وذاكرته ، بما فيها تزييف وتشويه الوعي والآخلاق والعادات ، وقضت على كل البنية الأنمائية التحتية، وأطفأت كل الومضات التي قد تضيء في يوم من الايام طريق الامل عند العراقيين للخروج من النفق .

لربما كانت كل هذه التعليلات مجتمعة ، لأزمة الوعي المنطقي في العراق لها جوانب من الصحة، أو كل الصحة ،

فاالولايات المتحدة لم يكن يكتب لها هذا النجاح في تقويض العراق كما فعلت ، لو لم تبدأ العمل أولا وحتى قبل الاحتلال على بعض العقل العراقي ، واعادة تشكيل شامل للوعي الجمعي ونمط التفكير العراقي ، وتحجيم قدراته الخلاقة بتجريده من أي نزعة تدفعه للابداع في المستقلل ،

وسعيها بعد الاحتلال على تخليد هذا النمط من التفكير (بقاء تخلف الوعي) واعادة انتاجه الى مالانهاية في عراق منهك مسلوب الارادة ، بما يخلق لها ظرفا متواصلا من شأنه ان يكفل لها استمرار قدراتها وسيطرتها عليه لفترة لاحقة طويلة ،

ولتحقيق اهدافها الجديده بعد اخصاء العقل العراقي الميدع ، أحلت مكان النظام السابق المهزوم ، عناصر نظام ملفق على مقاس الوضع الجديد ، وبأدوات صنعتها على عجل من مجموعة مغموره لم يكن لها أي وزن سابقا ، نظام لايختلف كثيرا عن جوهر النظام السابق في التخلف ان لم يكن اكثر ظلامية ، الا بلباسه المزيف المهلهل الكثير الثقوب (الديمقراطية) الذي أرندته عن دون قناعة ، نظام ينتمي وعيه واحساسه بنبض الحياة وطموحه الحقيقي في اعادة صياغة المجتمع على معيار القرون الوسطى الظلامية ، اي نظام ضعيف امام التحديات ، يعج بالتناقظات والمتفجرات الموقوتة ، لا امل له في ان يقف على قدميه في يوم من الايام .

السؤال المطروح ، ماالذي يجعل الناس يقبلون على التفكير الميتافيزيقي في هذا العصر المعلوماتي المذهل، وينساقون ورائه بهذه الكثافة ، وينصرفون عن انماط التفكير المنطقي الموضوعي ..؟

ماهي الاسباب التي تقف وراء النوم العميق الذي يغشى على وعي جموع الناس بمختلف شرائحهم (اخص المتعلمين حصرا من هذه الشرائح وهم ليسوا بالقليل) الذين لم يعد يبصرون ماهو بديهي وواضح ، ولايحسون على الاقل بما يحيق بهم وهم يساقون كقطيع نعاج الى المسلخ ، كالفئران المنتشية بمزامير الساحر الذي يقودها وهي مخدرة للغرق في النهر.

ماالذي يدفع الناس افرادا وجماعات الى مقاومة التفكير الموضوعي المنطقي حتى ولو كان هذا التفكير تصب نتائجه الايجابية لصالح وفائدة الناس انفسهم ، اجتماعيا وثقافيا وتنمويا.؟

ليس بامكان احد الاجابه بسهولة على هذه الاسئلة المعقدة ، حتى اذا اوعزناها بصورة اساسية الى حالة اليأس المطبق حاليا على الناس والرغبة في الخلاص وهم وسط الكارثة وقد سقطت من ايديهم كل الاسلحة ، يبررون تسويغ الاستسلام والانحناء بوجه العاصفة والقبول بالامر الواقع بحجج كانت معيبة في الزمن السابق .

بعد الاحتلال ، تسارعت خطواتنا بشكل مكشوف الى الوراء ، الى الخلف ، الى التخلف ، التخلف بكل ماتعنيه الكلمة ،هذه الاجابة التي تلخص اس المشكلة العراقية برمتها ، السقوط في حفرة التخلف. ومحاولات السلطة الحاكمة من منطلق ايماني ، الرضا في البقاء بهذه الحفرة ، ورغبة تخليد واعادة انتاج هذا التخلف ، والحرص على نشره كالسرطان في كل اجزاء العراق ، وتفريخه عن طريق التعليم والمناهج الدراسية وتربية الجيل الجديد على التمسك بالخرافة والاوهام في تعليل الظواهر والمعظلات الموضوعيه التي تعترضهم في حياتهم اليومية .

لاتوجد حلول سريعة للوضع الذي وصل اليه العراق لمواجهة هذا الواقع الخطير غير ان نرفع بمثابرة وصبر لواء المواجهة الشجاع ، مواجهة هذا التخلف الشامل بالتنمية الشاملة للفرد والمجتمع ، تنمية تستهدف الشخصية العراقية من جميع جوانبها ، بحيث يلعب التفكير العقلاني أس عملية التنمية ( التفكير العلمي ) الموضوعي الذي يستند على مناهج العلم وطرائقه ، وهذه بحد ذاتها عملية معقده وصعبة التحقيق بدون امتلاك حيز مؤثر في موقع القرار والسلطة ، وأضعف الايمان أمتلاك قدرة جيدة في تحريك قوة جماهيرية ضاغطة في الشارع .

لا حل في الافق ولا بديل لمواجهة التخلف الاجتماعي الشامل ، الا بالاسراع في التنمية الشاملة للفرد والمجتمع ، تنمية تستهدف بالدرجة الاولى تنمية الشخصية العراقية من جميع جوانبها يلعب التفكير العقلاني اس عملية التنمية هذه ، (التفكير العلمي) الذي يستند على مناهج العلم وطرائقه ونتاجاته ، مستخدمه ادواته ووسائله وتقنياته،

هذا النهج من شأنه ان يضع العربه بشكل مؤكد على السكة ، حتى نمضي بعدها قدما على طريق النهوض بالافراد والمجتمع والتقدم للحاق بركب العالم الحي .


(للموضوع بقية)







 


 

free web counter