|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  3  / 1 / 2021                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

     

ماذا في جعبة علاء اللامي من تشويهات وافتراءات
حول فاجعة الفرهود ضد اليهود في العراق؟

د. كاظم حبيب
(موقع الناس)

الحلقة الثالثة والأخيرة: من المسؤول عن التهجير الشامل والقسري ليهود العراق
 
في هذه الحلقة سأتطرق إلى عدد من النقاط التي وردت في المقال المتهافت للقومچي الجديد علاء اللامي الذي نشر في عدد من المجلات والصحف والمواقع العراقية والعربية التي حاول فيها الإساءة الخائبة لي ولكتاباتي حول يهود العراق والانقلاب العسكري وغيرها في عام 1941 في العراق.

استطاعت المنظمة الصهيونية الدولية أن تحقق في عام 1947 ذلك الوعد الذي أعطته الدولة البريطانية الاستعمارية في عام 1917 بإقامة الدولة العبرية على الأرض الفلسطينية والذي أطلق عليه بـ "وعد بلفور 1917" [1]، في وقت لم تكن الحرب قد انتهت ولم تكن أسلاب الدولة العثمانية، مستعمراتها في منطقة الشرق الأوسط، قد أصبحت جزءاً من مستعمرات بريطانيا وفرنسا في منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها دولاً منتصرة في الحرب على وفق اتفاقية سايكس-بيكو السرية التي وقعت في عام 1916 بين وزيري خارجية بريطانية وفرنسيا لتوزيع أسلاب الدولة العثمانية بعد الانتصار عليها. ففي تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1947 صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 181 بتقسيم فلسطين وإقامة دولتين عربية ويهودية عليها.[2] ومنذ بدء النقاش حول هذه القضية في مجلس الأمن الدولي، بدأ نشاط القوى القومية العربية وقوى الإسلام السياسي (جماعة الإخوان المسلمين) في كل الدول العربية حملة شديدة ضد يهود بلدانها معتبرين أن يهود العالم كافة قوميون يمينيون مترفون، أي صهاينة، ومنهم يهود الدول العربية، وبالتالي فهم مسؤولون عن هذه النتيجة، لاسيما وأن الدول العربية قد رفضت قرار التقسيم وبدأت تستعد للحرب ضد اليهود في فلسطين التي وقعت فعلاً في عام 1948، وكانت مهزلة المهازل. إذ التاريخ، لمن لم يعش تلك الفترة سجل عواقب تلك الحرب والملابسات والمناورات والمؤامرات التي تخللتها ودور العديد من ملوك الدول العربية في حينها في تلك العواقب الوخيمة لحرب غير متكافئة تنتهي لصالح إسرائيل، للخيانات التي حصلت فيها، بما فيها الأسلحة الفاسدة في مصر أو عدم السماح بتحرك القوات العراقية، إضافة إلى مواقف الملك عبد الله ملك الأردن والجنرال غلوب منها والجامعة العربية.

وفي العراق اشتدت حملات الكراهية والعداء ضد اليهود. وحمل حزب الاستقلال، وهو حزب قومي يميني عربي تأسس عام 1946 برئاسة الثلاثي المعروف محمد مهدي كبة وفائق السامرائي ومحمد صديق شنشل، الأعضاء السابقين في نادي المثنى، وجماعة الإخوان المسلمين برئاسة محمد محمود الصواف، حملة العداء الشرس ضد يهود العراق وضد من يدافع عنهم، حتى أنهم بدأوا بمهاجمة الشيوعيين وأطلقوا عليهم جزافاً وإساءة متعمدة "أخوان اليهود وأعداء الإسلام". ورغم نضال الحزب الشيوعي الصعب لإبعاد اليهود عن الاصطفاف إلى جانب الحركة الصهيونية من جهة، والدفاع عنهم كمواطنين عراقيين يمنحهم الدستور العراقي لعام 1925 الحماية وحقوق المواطنة الكاملة من جهة أخرى، فأن جهتين استطاعتا تأزيم وضع اليهود في العراق ورفع مستوى خشيتهم بما يمكن أن يتعرضوا له من عواقب القتل والتشريد والنهب والسلب كما حصل في فاجعة الفرهود التي عادت مجدداً حية طرية إلى ذاكرتهم، وهما: قوى المنظمة الصهيونية العالمية العاملة في العراق المرتبطة بالقوى الصهيونية في فلسطين وبإسرائيل مباشرة بعد تأسيسها، والقوى القومية العربية وقوى الإسلامية السياسية العراقية من جهة أخرى. لقد أصبح اليهودي عاجزين عن العمل في دوائر الدولة، أو حتى في القطاع الخاص، كما تفاقمت صعوبة الحصول على مقعد دراسي في الكليات العراقية، ولم تعد الحكومة تعاقب من ينشر الكراهية ضد اليهود في الصحف والمجلات والكتب والدعاية اليومية ضدهم، كما لم تعد تلاحق المخربين العرب الذين كان يتجاوزون يومياً على اليهود...إلخ، مما دفع بمجموعات من العائلات اليهودية أو الأفراد التحري عن فرصة للنزوح إلى خارج العراق عبر إيران على نحو خاص أو الحصول على جوازات سفر رسمية. وفي الوقت الذي فسحت الدولة في المجال للقوى العربية المعادية لليهود في العراق بالحركة الدائبة ومواصلة عدائها واعتداءاتها ضد اليهود، لم توقف عمل القوى المناهضة للصهيونية والمتمثلة بعصبة مكافحة الصهيونية رسمياً فحسب، بل واعتقلت وقدمت للمحاكمة قادة عصبة مكالحة الصهيونية من اليهود العراقيين،[3] وكانوا أعضاء أو أصدقاء للحزب الشيوعي العراقي. وكانت المحاكمة التي جرت لهم مخزية ومضحكة في آن واحد، إذ ادعى حاكم جزاء الكرخ في حينها بأن مكافحة الصهيونية تعني دعم الصهيونية، وقد جاء في قرار الحكم ما يلي:

"أن تعبير مكافحة الصهيونية ليس معناه ضد الصهيونية ، لأنه كلمة كافح مكافحة وكفاحا ، فكلمة مكافحة الصهيونية معناه كفاح الصهيونية ، ولو أريد أن هذه العصبة تكافح ضد الصهيونية لقيل (عصبة المكافحة ضد الصهيونية) غير إن هذا العنوان مما يدل دلالة واضحة أن العصبة  (هي عصبة مكافحة الصهيونية) بطريقة إحداث شعور الكراهية بين سكان العراق ، وإحداث الشغب بين الناس وإحداث القلاقل الداخلية ، لكي تشغل الحكومة فيها وتؤثر على ما تقوم به الحكومة نحو عرب فلسطين ، فتكون عصبة مكافحة الصهيونية قد قامت بقسط من كفاحها عن الصهيونية ، وذلك عن طريق التمويه وخداع السذج والبسطاء من الناس والمسلمين بأنهم يعملون ضد الصهيونية ، حيث أن المحكمة لم تجد شيئاً من هذا المنشور ، مما يقال أنه ضد الصهيونية بل جل ما جاء فيه أن عصبتهم قاطعت لجنة التحقيق الانكلو – أميركية وطلبت عرض قضية فلسطين على مجلس الأمن.". [4]

أما نوري السعيد، رئيس الوزراء المخضرم في العراق الملكي، فقد كانت له مواقف متباينة إزاء الصهيونية وعصبة مكافحة الصهيونية. فقد جاء في كتاب الدكتور عبد اللطيف الراوي ما يلي:

"أما نوري السعيد، الشخصية السياسية المخضرمة ورئيس النخبة الحاكمة في عراق العهد الملكي، فقد صرح بأن الصهيونية "حركة روحانية ليس لها أي مساس أو نصيب من السياسة" [5]. وفيما بعد اتخذ نوري السعيد موقفاً آخر من الناحية الشكلية، حينما أعلن بتصريح له لعصبة مكافحة الصهيونية بقوله: "إني أرى من واجبكم أن تتصلوا بالجمعيات المماثلة لأهدافكم في أمريكا وبريطانيا وبباقي اليهود في العالم لتوحيد الجهود ولكشف النقاب عن أضرار الصهيونية التي تزعم أنها تمثل اليهود في العالم، إن الحركة الصهيونية حركة سياسية وأن كانت تستغل الدين ولذلك فأن مقاومة الصهيونية لا يعني بأي حال من الأحوال أنه عداء للدين، لأن السياسة شيء والدين شيء آخر…"[6]، مع إنه في الواقع العملي تصرف على وجه آخر. وبعد هذا الموقف اتخذ نوري السعيد موقفاً معادياً للعصبة لبروز تأثيرها الإيجابي على يهود العراق وشجبهم للصهيونية في الاجتماعات الواسعة التي كانت تنظمها العصبة في بغداد على نحو خاص. [7] حتى أن العصبة وجهت رسالة استنجاد إلى جوزيف ستالين لكي يرفض الاتحاد السوفييتي القبول بتقسيم فلسطين وإقامة الدولة اليهودية على الأرض الفلسطينية.[8]
من المسؤول عن قانون إسقاط الجنسية عن يهود العراق وتهجيرهم الشامل تقريباً

في الثالث من آذار/مارت 1950 تجلى موقف الحكومة العراقية بوضوح كبير حين أصدر مجلسا النواب والأعيان قانون إسقاط الجنسية العراقية عن المواطنات والمواطنين اليهود في ثلاث حالات، وهي:[9] 
 
قانون رقم (1) لسنة 1950
قانون ذيل مرسوم إسقاط الجنسية رقم (62) لسنة 1933
بموافقة مجلس الأعيان والنواب أمرنا بوضع القانون الآتي:  

المادة الأولى:
لمجلس الوزراء أن يقرر إسقاط الجنسية العراقية عن اليهودي العراقي الذي يرغب باختيار منه ترك العراق نهائياً بعد توقيعه على استمارة خاصة أمام الموظف الذي يعينه وزير الداخلية.

المادة الثانية:
اليهودي العراقي الذي يغادر العراق أو يحاول أن مغادرته بصورة غير مشروعة تسقط عنه الجنسية العراقية بقرار من مجلس الوزراء.

المادة الثالثة:
اليهودي العراقي الذي سبق أن غادر العراق بصورة غير مشروعة يعتبر كأنه ترك العراق نهائياً إذا لم يعد إليه خلال مهلة شهرين من نفذ القانون وتسقط عنه الجنسية العراقية من تاريخ نهاء هذه المهلة."

 ورغم الاعتراضات التي وجهت إلى هذا القانون الذي قدمته حكومة توفيق السويدي من جانب الكثير من النواب، ومنهم مزاحم الباچچي [10]، فأن وزارة الداخلية التي كان على رأسها صالح جبر أصرت على إصدار هذا القانون، وصدر فعلاً بموافقة مجلسي النواب والأعيان.[11]   

وتشير المعطيات التي تحت تصرفي والتي وردت في كتابي عن يهود العراق والتي تؤكدها كل سياسات ومواقف أربع جهات محلية وإقليمية ودولية رسمية كانت وراء صدور هذا القانون، إضافة إلى مواقف قوى وأحزاب سياسية، وهي:

** الحكومة البريطانية وسفارتها في العراق التي كانت تمارس دور الضاغط والفاعل على الحكومة العراقية؛
** الحكومة العراقية التي كانت سياستها الفعلية ممالأة للحركة الصهيونية العالمية رغم التصريحات الرنانة ضد الصهيونية، كما لعب الفساد المالي الذي تميز بها توفيق السويدي ومن معه دوراً بارزاً في هذا الصدد.
** الحكومة الإسرائيلية وجهازها الأمني الموساد والمنظمات الصهيونية التي شاركت بقوة في هذا الصدد، لاسيما في الدعاية بين مواطني ومواطنات العراق من اليهود.
** الحكومة الأمريكية التي ساهمت بدورها في الضغط على الحكومة العراقية وتوفير مستلزمات نقل الراغبين أو المهجرين قسراً بسبب الظروف الجديدة التي نشأت لليهود في العراق.

ولا شلك في وجود تنسيق واضح بين بعض الحكومات العربية الأعضاء في الجامعة العربية التي لم تكن مخلصة لقضية الشعب الفلسطيني وكانت تعمل بتوجيهات فعلية من الدول الاستعمارية في الموقف إزاء القضية الفلسطينية. لقد كانت مؤامرة مدروسة ومنظمة بإحكام لتحقيق هدف ترحيل اليهود من العراق. كما يمكن القول بأن الأحزاب القومية وجماعة الإخوان المسلمين لعبت دوراً واعياً وهادفاً، سواء في الدعاية والاعتداء أم في تأييد قانون إسقاط الجنسية في العراق، الذي قدم مساعدة كبيرة لإسرائيل في الحصول على أكثر من 120 ألف يهودي ويهودية، نسبة مهمة منهم من المثقفين والفنيين والمتعلمين، نزحوا من العراق وحده إلى إسرائيل خلال فترة قصيرة بين 1950-1952. كما جاء في كتابي المذكور ما يلي: "إن النشاط المشترك لثلاثة أطراف هي الحركة الصهيونية العالمية والحكومة البريطانية وبالتنسيق مع الحكومة العراقية والبلاط الملكي وبتأييد واسع من الولايات المتحدة الأمريكية" قد أديا إلى حصول تلك الهجرة وذلك النزوح الشامل تقريباً إلى إسرائيل خلال فترة وجيزة.[12]
 
ما دور النظام البعثي في هجرة ما تبقى من يهود العراق إلى إسرائيل
يبدو إن علاء اللامي مولع جداً باتهام الكرد والأحزاب الكردية في المساعدة في تهجير من تبقى من يهود العراق إلى إسرائيل، وهو منطلق قومي شوفني، ينسى فيه كلية الدور الأساسي والرئيسي لحزب وحكم البعث، وكذلك القوى القومية اليمينية المتطرفة ابتداءً من عام 1963 وما بعده في نهجهما الأيديولوجي العنصري وسياسات التمييز المناهضة لليهود، وعلى رأس هذه القوى عبد السلام محمد عارف، وليس كل القوى القومية العربية تتميز بالعنصرية والشوفينية، في حكمهم المشترك الأول عام 1963، ومن ثم في حكم القوميين بين 1963 -1968، وبعد ذلك حكم البعثيين ابتداءً من عام 1968. ونسى اللامي الملاحقات والاعتقالات والسجن وذبح عائلة بكامل أفرادها في بيتها، عدا بنتاً واحدة كانت خارج البيت حين نفذت المجزرة بالعائلة، لبث الرعب في نفوس اليهود، ثم إصدار أحكام الإعدام التي نظمها حكم البعثي في عام 1969 بتهمة التجسس لإسرائيل ليهود وعرض الجثث في ساحة التحرير، ومن ثم إعدام مجموعة أخرى فيما بعد بينهم بعض المسلمين العرب والكرد ونشوء هستيريا معادية لمن تبقى من يهود العراق اججها نظام البعث، وهي مجموعة صغيرة جداً، مما دفع بهم بالتحري عن واسطة للهروب من العراق.[13]

لا أثق بالمعلومات التي تنشرها إسرائيل أو جهاز الموساد، فهم غالباً ما يمنحونه قدرات خارقة ونشر الأساطير عن أفعال هذا الجهاز في الخارج. ولكن ليس كل ما ينشرونه من هذا النوع كاذب، فبعضه يتضمن حقائق، منها ما أشير إليه من أفعال المنظمات الصهيونية الموجهة من الموساد في العراق.

حسب المعلومات المنشورة يبدو أن أول صلة بين إسرائيل والكرد بدأت في عام 1964 من خلال الشخصية الكردية السورية الدكتور عصمت شريف (1924-2011م)، الذي كان يعيش في لوزان في سويسرا. وفي حينها يشار إلى أنه قد طرح المسألة على الملا مصطفى البارزاني الذي وافق على تلك العلاقات. ووفق المعلومات المتوفرة يشار إلى أن جهاز الباراستن قد أخذ جزءاً من هذه المهمة، أي المساعدة في تهريب بعض اليهود الراغبين في الهروب من العراق، على وفق تصريح عزيز عقراوي لأحد الأصدقاء الكرد في الثمانينات من القرن العشرين وكانا معاً في الرضائية في إيران، وأن الشخص المكلف بتلك المهمة كان نوري طه، العضو السابق في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو في الباراستن. وبغض النظر عن مدى صواب أو خطأ هذه المعلومات فأن مشكلة تهريب اليهود من العراق قد شارك فيها نظام وجهاز الأمن البعثي نفسه من خلال وسيلتين: الإرهاب المشدد الذي توجه ضد اليهود بحيث دفع بهم إلى التحري عن أي وسيلة للخلاص من عواقب الاعتقال والتعذيب والابتزاز والسجن من جهة، والثاني وجود مهربين دوماً سواء، أكانوا في الحزب الكردي أم خارجه, وسواء أكانوا عرباً أم كرداً، فهناك من كان ينقل هؤلاء اليهود إلى إيران ومنها إلى إسرائيل، إذ كانت العلاقات بين إيران الشاه وإسرائيل واسعة حينذاك، لقاء المال أيضاً، وربما لقاء أسلحة في مواجهة الحرب التي شنها نظام الحكم القومي بقيادة عبد السلام عارف عام 1964/1065 ضد الكرد أو غير ذلك. ولا بد لي أن أشير إلى أن إنقاذ أي مواطن، سواء أكان يهودي الدين أم مسيحي أم مسلم، بتهريبه من العراق بسبب مخاطر الوقوع بأي النظام البعثي الفاشي مسألة صحيحة. وأعرف أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد ساهم في حماية أرواح كثير من الديمقراطيين والشيوعيين في فترات مختلفة من حكم القوى البعثية والقومية الشوفينية في العراق. وهم مشكورون على ذلك. 

ومع إن معلوماتي عن هذا الموضوع شحيحة، ولهذا لا استبعد صواب ما نقلته الكتب الصادرة في إسرائيل عن مشاركة الكرد في تسهيل مهمة نقل اليهود إلى خارج العراق، رغم أخذي الموضوع بحذر أيضاً. لو كانت لدي هذه المعلومات في حينها لما استبعدتها باي حال. كما أن الكرد لا ينفون علاقاتهم مع إسرائيل غبير الرسمية، رغم أني أرفضها، وأرفض علاقات الدول العربية الرسمية وغير الرسمية بإسرائيل ما دامت تحتل الأراضي العربية في الضفة الغربية وتمنع إقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على أرض فلسطين وتصادر بقرار غير شرعي القدس وتقيم المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية وتحتل الجولان ومزارع شبعا. إلا أني لا أرفض وجود دولة إسرائيل التي اعترفت بها منظمة التحرير الفلسطينية وغير مستعد للمتاجرة والمزايدة على منظمة التحرير الفلسطينية كما يفعل علاء اللامي وغيره. إن المتاجرة والمزايدة على منظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني وعلى قضيته المركزية العادلة والمشروعة وطرح سياسات وشعارات ومواقف لا تنسجم مع ما يسعى إليه الشعب الفلسطيني، كما تفعل القوى القومية العربية المتطرفة وجماعة الإخوان المسلمين وحكام إيران بشكل خاص، ودورها في شق وحدة الصف الوطني الفلسطيني من جهة، والممارسات العدوانية والتوسعية والاستعمارية لإسرائيل على أراضي الضفة الغربية والقدس العربية وأراضي الدول العربي (شبعا/ لبنان والجولان/سوريا) من جهة ثانية، ومواقف الدول الكبرى، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وضعف الجامعة العربية ومساوماتها المؤذية والمذلة من جهة ثالثة، كلها أوصلت الشعب الفلسطيني الى الوضع المأساوي الراهن.  
 
وأخيراً لو كان علاء اللامي قد كتب مقاله الأول بحسن نية دون أن يوجه اتهاماً صارخاً ومباشراً لي، بتملقي للكيان الصهيوني والإعلاميين والسياسيين اليهود، ولو كان قد طرح أسئلة بهدوء وموضوعية، لما أجبرني على التصدي له بالطريقة التي مارسها إزائي، لأن الحوار الإنساني له شروط ومواصفات، وفي مقاله لم يظهر ذلك على الإطلاق، ولهذا رفضت بقوة تلك الادعاءات والاتهامات التي تريد الإساءة المباشرة ودون وجه حق وفيها كثير من الأحكام المسبقة.

هذه هي الحلقة الأخيرة في الرد على ادعاءات واتهامات علاء اللامي، وأملي أن يحتكم للعقل والمنطق ويعيد النظر بما كتبه ولأي سبب كان. 
 

الهوامش والمصادر
[1]
وعد بلفور 1917، إنه الإعلان الموقع من جيمس أرثر بلفور، وزير خارجية بريطانيا، الذي أعطى بموجبه للمنظمة الصهيونية العالمية فأثناء الحرب العالمية الأولى بإقامة "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين، علماً بأن فلسطين لم تكن خاضعة للاستعمار البريطاني، بل كانت تحت الهيمنة الاستعمارية العثمانية.
[2] أنظر: نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 181 في تشرين الثاني/نوفمبر 1947، موقع الجزيرة في 28/11/2016. 
[3] الراوي، عبد اللطيف. عصبة مكافحة الصهيونية بالعراق... ، مصدر سابق، وفيه يمكن الاطلاع على المواقف التي اتخذتها الحكومة العراقية والقضاء العراقي إزاء عصبة مكافحة الصهيونية وكيف فسر الحاكم اسم العصبة.
[4] راجع: الراوي، عبد اللطيف د. عصبة مكافحة الصهيونية في العراق 45-1946. مصدر سابق. ص 176. 
[5] أنظر: الراوي، عبد اللطيف د. عصبة مكافحة الصهيونية. مصدر سابق. وثائق. ص 112.
[6] المصدر اسابق نفسه.
- Shiblak،Abbas. The Lure of Zion،the Case of the Iraqi Jews. Al Saqi Books.London. pp 78-86.
[7] أنظر أيضاً: د. كاظم حبيب، يهود العراق والمواطنة المنتزعة، مصدر سابق، ص 300.
[8] أنظر: كاظم حبيب وزهدي الداوودي، فهد والحركة الوطنية في العراق، دار الكنوز الأدبية، بيروت، 2003، ص 342.
[9] كورية، يعقوب يوسف. يهود العراق تاريخهم، أحوالهم، هجرتهم. الأهلية للنشر والتوزيع. الأردن. 1988. ص 175/176. نص القانون رقم (1) لسنة 1950. قانون ذيل مرسوم إسقاط الجنسية رقم (62) لسنة 1933.
[10] الباچچي، عدنان. مزاحم الباچچي سيرة سياسية. منشورات مركز الوثائق والدراسات التاريخية. لندن. 1989.
[11] Shiblak،Abbas. The Lure of Zion. The…, مصدر سابق
[12] د. كاظم حبيب، يهود العراق والمواطنة المنتزعة، مدر سابق، ص 153.
[13] المصدر السابق،
         

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter