|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  30 / 3 / 2016                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

دماء وأشلاء بشرية تتناثر في باريس وبروكسل، من المسؤول؟

كاظم حبيب
(موقع الناس)

إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد تعرضت في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 إلى هجمات عدوانية شرسة على مركز التجارة العالمية بنيويورك وبناية البنتاغون بواشنطن وأدت إلى سقوط 2973 ضحية، و24 مفقودا، وأعداداً كبيرة تعد بالآلاف من الجرحى والمصابين، من قبل أوباش تنظيم القاعدة الإسلامي السياسي المتطرف، الذي أنتجه الفكر الوهابي-السعودي، وتلقى الدعم والمساعدة المباشرة من الولايات المتحدة والسعودية وباكستان في الحرب ضد الاتحاد السوفييتي بأفغانستان، فأن عدداً من الدول الآسيوية والأفريقية، وكذلك وبشكل خاص الدول العربية، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، قد أصبحت أهداف عملياتها الإجرامية المباشرة المعادية للإنسان والحياة الحرة والديمقراطية وحقوق الإنسان، وإنها قد تسببت لحد الآن بموت مئات الآلاف من الناس الأبرياء بالعراق وسوريا وليبيا ومصر ودول أفريقية كثيرة، إضافة إلى قتلى وجرحى بالمئات بالمدن الأوروبية.

فمنذ مارس/آذار من عام 2004 حتى مارس/أذار من عام 2016 الجاري تعرضت المدن الأوروبية التالية إلى عمليات إرهابية كبيرة من تنظيم القاعدة، ومن ثم وليدها الشرعي، داعش، نشير إليها في أدناه :

"** مدريد: في 11 مارس/أذار 2011 تم تفجير قنابل في أربع قطارات نقل الركاب من جماعة ترتبط بتنظيم القاعدة أدت إلى استشهاد 191 شخصاً وجرح 1755 إنسان.

** لندن: في 7 يوليو/تموز 2005 تعرض قطارات الأنفاق وحافلات نقل الركاب إلى هجمات انتحارية من قبل جماعة تنتمي إلى تنظيم القاعدة أدت إلى استشهاد 52 شخصاً وجرح ما يقرب من 150 إنسان.

** باريس: في 7 يناير/كانون الثاني 2015 تعرضت باريس إلى هجوم عدواني أيضاً بعد مقتل صبي عربي بأيدي شرطية فرنسية إلى احتجاز ثم قتل أربعة أشخاص من قبل المتطرفين المسلمين.

** باريس: 8/9 يناير/كانون الثاني 2015 تعرض العاملون في مجلة ككاريكاتير نقدية فرنسية "شارلي أيبدو" إلى هجوم عدواني على مقر المجلة من قبل تنظيم داعش أدى إلى استشهاد 12 شخصاً أغلبهم من الصحفيين العاملين في المجلة، لأنها نشرت صوراً كاريكاتيرية عن النبي محمد. وبعد يوم واحد هاجمت مجموعة من هؤلاء الإسلاميين المتطرفين سوقاً عصرياً يهودياً استشهد فيه أربعة من العاملين في هذا السوق.

** باريس: 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 تعرض سكان باريس إلى هجوم مجموعة من أعضاء داعش على قاعة للعزف الموسيقي أدت إلى استشهاد 130 شخصاً وجرح أكثر من 350 شخصاً.

** بروكسل: 22 مارس/أذار 2016 تعرضت مدينة بروكسل، إلى عدة تفجيرات انتحارية في مطارها الدولي وفي قطار الأنفاق أدت إلى سقوط 31 شهيداً ومئات الجرحى على أيدي مجموعة من الإسلاميين المتطرفين أتباع داعش" .
(
Berliner Zeitung, Nr. 70, 23.3.2016, S.3)

لا شك في أن هذه القوى الإسلامية السياسية المتطرفة تعتقد بأن عملياتها الإجرامية هذه ستوصلها إلى كسب المعركة ضد الشعوب والنظم السياسية الأوروبية وقهر الديمقراطية فيها لصالح إسلامها السياسي ومذهبها المتخلف والعدواني، في حين إنها تقود إلى تعزيز ثقة الإنسان الأوروبي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تم تحقيقها عبر مئات من السنين وعبر نضال مرير ضد الاستبداد والقهر والحروب من جهة، وإلى تعقيد الحياة المشتركة للمسلمات والمسلمين المقيمين في الغرب وعموم أوروبا وبدول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص من جهة ثانية. إن مصير قوى الإسلام السياسي الموت التدريجي وستنتهي إلى بئس المصير، ولكنها ستبقى لطخة عار في جبين كل الذين وضعوا هذا الفكر وروجوا له ودفعوا لممارسة الإرهاب الديني والمذهبي والقومي.

رغم الرفض الفعلي لشعوب الكثير من دول العالم للسياسات الاستعمارية وغير العقلانية للدول الغربية التي مورست في البلدان النامية، ومنها الدول ذات الأكثرية المسلمة، عبر القرون والعقود المنصرمة، أو السياسات الرأسمالية العولمية الراهنة واستغلال شعوب هذه البلدان، فأن كل ذلك لا يبرر بأي حال ممارسة الإرهاب من جانب القوى الإسلامية السياسية المتطرفة والعدوانية ضد الناس الآمنين في الغرب. إن الجماعات الإرهابية لا تمارس الإرهاب بالغرب حسب، بل وضد أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في الدول ذات الأكثرية المسلمة، أو ضد المسلمين من شيعة وسنة في ذات الدول، فهي عمليات إجرامية بشعة ترتقي بأهدافها الشريرة إلى مصاف إبادة جماعية وضد الإنسانية.

إن على كل إنسان شريف، وخاصة من كان مؤمناً بالإسلام كدين، أن يدين بحزم ويشجب تلك الممارسات العدوانية التي تمارسها قوى القاعدة وداعش في دول الاتحاد الأوروبي أو في غيرها من الدول، إضافة إلى شجب وجود وفعل هذه التنظيمات المسلحة كجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرها، سواء أكانت سنية أم شيعية، باعتبارها خارج إطار الدولة وضد القوانين السارية، وشجب أولئك الذين يروجون للعنف الديني والمذهبي ضد أتباع الديانات الأخرى والمذاهب الأخرى، لأنهم يدعون ويروجون ويمارسون التمييز والحقد والكراهية، وهي المضامين التي تقود إلى العنف ضد الإنسان الآخر.

لنقدم التعازي الحارة لعائلات ضحايا الإرهاب ببلداننا، وكذلك بالبلدان الغربية، ومنهم ضحايا باريس وبروكسل، الذين سقطوا خلال الفترة الأخيرة والشفاء للجرحى. لتنتصر إرادة الإنسان الخيرة على إرادة الشر لدى القوى الشريرة والمجرمة في ارجاء العالم. ولتسد مبادئ السلام والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بالعالم.


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter