|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  16 / 3 / 2016                                 د. كاظم حبيب                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

مجرم حرب نائباً في مجلس الشورى الإيراني!!!

كاظم حبيب
(موقع الناس)

لم تكن الحروب يوماً، وعلى امتداد القرون المنصرمة، وسيلة ناجعة لحل الخلافات والصراعات بين الدول، بل كانت دوماً تخلق المزيد من المشكلات والخلافات والثارات والانتقام. وبالتالي فهي وسيلة للموت، لا لحياة الشعوب وتقدمها. وغالباً ما انقلب السحر على الساحر، على من شن الحرب، وتبقى الشعوب هي التي تدفع ضريبة الدم والخراب والجوع والحرمان.

كانت الحرب وما تزال أداة للتهديد والإرهاب بيد من يعتقد بامتلاك القوة والمال والسلاح وجيش جرار، وبما أنه يمتلك ذلك، فالحق معه في ما اختلف عليه مع الطرف الآخر، ولا يلتفت إلى أهمية بذل الجهد لخوض الحوار مع الطرف الآخر واستخدام الدبلوماسية الهادئة لمعالجة المشكلات بين الدول والحكام.

وتجارب الحروب السابقة تؤكد بإن الحرب غالباً ما بدأ بها المتجبرون والمستبدون بشعوبهم، وليس الحكام العقلاء والديمقراطيين الذين احترموا إرادة ومصالح شعوبهم والشعوب الأخرى، واحترام الإنسان كقيمة بحد ذاته. هكذا كانت حروب القرن العشرين دون استثناء. وهكذا كانت الحرب العراقية الإيرانية، التي بدأها الطاغية صدام حسين ودامت ثماني سنوات عجاف ومريرة على الشعبين، مع إن قادة الثورة الإيرانية لم يألوا جهداً في استفزاز الدكتاتور وتهديده، مما جعله ينفذ حرباً بالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب. لقد كلفت هذه الحرب المجنونة أرقاماً مرعبة للطرفين: تراوح عدد القتلى بين 750 ألفا ومليون إنسان، وأكثر من ذلك من الجرحى والمعوقين، إضافة إلى عشرات آلاف الأسرى لدى الطرفين، كما تقدر الخسائر المالية بين 400-600 مليار دولار أمريكي، ويقدرها بعضهم بأكثر من ترليون دولار أمريكي. لم يتحمل الطرفان هذه الخسائر الفادحة المباشرة فحسب، بل إن الخسائر الفعلية اللاحقة برزت وما تزال تبرز في الولادات الجديدة المشوهة، وفي عدد الرامل، ونقص الولادات، وموت واسع لعواقب الحرب، وتوقف عمليات الاستثمار والتنمية وتوفير الخدمات، وتفاقم البطالة اللاحقة، وتوقف عشرات بل مئات المشاريع الاقتصادية، بما فيه قطاع النفط، كلياً أو جزئياً عن العمل.

كما إن الحرب العراقية-الإيرانية، 1980-1988، ولدت غزواً عراقياً للكويت 1990، وحرب الخليج الثانية لتحرير الكويت 1991، وما اقترن بهما من حصار اقتصادي مدمر للإنسان والمجتمع والاقتصاد الوطني، ثم جاءت حرب الخليج الثالثة ا2003 لتي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالتنسيق مع إيران، بعد تشكيلهما تحالفاً دولياً خارج قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، التي أدت إلى إسقاط دكتاتورية البعث الغاشمة وصدام حسين. وكل هذه الحروب أغرقت العراق ببحر من الدماء والدموع والخراب وإقامة نظام طائفي محاصصي مدمر لوحدة العراق وشعبه ومكوناته القومية والدينية والمذهبية.

في الحرب العراقية-الإيرانية، كما في الحروب الأخرى جرت بالعراق، ارتُكبت الكثير جداً من البشاعات بحق الإنسان والمجتمع، ارتكبت جرائم حرب بشعة تعتبر انتهاكاً فظاً للشرعية الدولية وسبل التعامل مع الأسرى منزوعي السلاح ومع المدنيين. ورغم معرفتنا بذلك، لم يجرأ، إلى فترة قرية، أي مقاتل عراقي أو إيراني إلى الاعتراف بارتكابه جرائم حرب في سنوات الحرب العراقية-الإيرانية. وفجأة ظهر شخص إيراني يدعى نادر قاضي پور على شاشة فيديو واسع الانتشار، وهو يخطب في حشد جماهيري بإيران أكد فيه إلى أنه قتل بيديه بين 600-700 أسير عراقي أو أكثر دفعة واحدة. فلنقرأ ما قاله هذا المعترف بإجرامه والنائب في مجلس الشورى (النواب) الإيراني حالياً :

"انني اوضح ذكرى من عمليات مسلم بن عقيل: اننا عبرنا من الخط الأمامي واستولنا على تلول واستقرنا في خنادق العراقيين. وكانت الساعة 10 وقلت اريد 12 رجلا؟ واستعد 20-22 شخصا، قلت 12 شخصا وكلهم يتشاجرون لكي يأتوا معي، من بين 20 شخصا قمت باختيار عمي وابن عمي واخترت بطلين شجاعين من الأروميين وقمت بانتقاء 12 شخصا من محافظة أذربيجان وأصبح مجموعنا معي 13 شخصا ثم تحركنا لنصل إلى طريق مبلط العمارة - قرنة وواجهنا حوالي 600-700 شخص واستسلموا جميعهم ولكنه لم تكن امكانية لحفظهم وكنا مجبورين ان نتخلص منهم (ضحك وتشجيع) ربما لا يوجد أحد بينكم ان يقطع رأس دجاجه او حيوان آخر الا انني من أجل الاسلام والثورة والشهداء اجبرت ان انجز ذلك العمل (تشجيع) واحرقت حوالي 700-800 سيارة وناقلة ودبابة وجئت ان استقرت على طريق العمارة حتى وصلت الدبابات... (لم نعثر على هذا البلد "يعني إيران" بسهولة... حتى نسلمه إلى كل ثعلب و... البرلمان ليس مكانا للنساء بل مكانا للرجال"!!!

هكذا وببساطة وحماسة قدم هذه الخطبة الوقحة التي تعبر بدورها عن عقلية هذا الرجل المعادي للمرأة وحقوقها ومساواتها بالرجل أيضاً ويدعي إنه قتل هؤلاء في سبيل الإسلام!!.

ماذا ينبغي فعله إزاء لرجل يعترف بقتل هذا العدد الكبير من الأسرى العراقيين؟ ألا تذكرنا بسلوك الدواعش حين قتلوا 1700 جندي متدرب في معسكر سبايكر في 2014، دع عنك ما ارتكبوه من جرائم بشعة بالموصل وسنجار وسمار وتلعفر وغيرها"

أليس من واجب الحكومة العراقية ومجلس النواب والقضاء، إن كانوا في أغلبهم مستقلين وغير خاضعين لسياسة المرشد الأعلى الإيراني أو الحرس الثوري أو المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة، أن يرفعوا دعوى قضائية ضد نادر قاضي پور لجريمته البشعة، وضد من كان معه وساعده في قتل الأسرى العراقيين منزوعي السلاح؟ أليس من واجب القضاء العراقي رفع الدعوى بالعراق ضد هذا القاتل؟ أليس من واجب المدعي العام في محكمة حقق الإنسان في هولندا رفع دعوى ضد هذا القاتل؟ بدون ذلك سيبقى هذا المتهم بارتكاب جريمة حرب حراً طليقاً ونائباً في مجلس الشورى الإيراني!


خطبة نادر قاض بور على الرابط التالي:

 https://www.youtube.com/watch?v=39fb2F2X11s 






 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter