| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كاظم حبيب

khabib@t-online.de

 

 

 

 

الأثنين 15 /1/ 2007

 

 

هل سينجح المالكي في مواجهة التحديات الطائفية السياسية؟
(1-2)

 

كاظم حبيب

جيش المهدي والخراب الفكري والروحي
أعلن رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي عن التزامه الكامل بإنجاح حطة أمن بغداد والانتصار على التحديات التي تواجه المجتمع والحكومة العراقية في الوقت الحاضر وعن قناعته بصواب الاستر اتيجية الأمريكية الجديدة في العراق. ماذا يعني ذلك؟
من يتابع تطور الأحداث في العراق, وبغداد على وجه الخصوص, سيتفق معي بأن أمام السيد المالكي, إن كان يعني ما يقول, وأملي أن يكون كذلك, والمجتمع العراقي العديد من التحديات والمهمات التي يفترض تذليها وإنجازها لتحقيق النصر في بغداد والعراق على حد سواء. وأول وأبرز هذه التحديات المباشرة تتجلى في السياسات الطائفية التي تمارس اليوم في العراق وتجلياتها في الكثير من جوانب حياة ونشاط الدولة والمجتمع وفي نشاط المليشيات الطائفية المسلحة, إذ أنها أصبحت الخطر المباشر الذي يزعزع الكيان العراقي ويفتت وحدة المجتمع الوطنية. وهي ليست مقطوعة الجذور عن أحزاب إسلامية سياسية تلتزم الطائفية السياسية والتمييز الطائفي نبراساً لها في نشاطها اليومي, وهي التي تشكل التهديد المباشر لوحدة العراق وتقدمه وتتناغم مع سياسات إقليمية مقيتة لا تريد للعراق الهدوء والاستقرار والأمن والسلام والديمقراطية.
ولا أريد أن أبحث في كل التحديات وسأقتصر على مجموعتين من تلك القوى تمارسان سياسة تستهدفان من ورائها الهيمنة على الحكم في العراق لفرض كل منهما وجهتها الطائفية المقيتة على المجتمع. أتحدث هنا عن التيار الصدري ومليشيا جيش المهدي من جهة, وعن هيئة علماء المسلمين ومليشياتها غير المعلن عنها من جهة ثانية.
فقبل أيام أعلن على لسان متحدث باسم السيد علي السيستاني بأن آية الله العظمى يرفض وجود السلاح بأيدي قوى خارج إطار القوات المسلحة العراقية, وكان الأخير قد التقى قبل ذاك بمقتدى الصدر في النجف. وبعد مرور يوم واحد أو يومين فقط صرح مقتدى الصدر طالباً من ميليشيا جيش المهدي عدم التحرش أو الاحتكاك بالقوات الأمريكية لكي لا تستثمر ضدها. ولكن هل هذا هو المطلوب من مقتدى الصدر القائد والمسؤول عن هذه الجماعة الخارجة على القانون؟ كلا طبعاً. إذ كان المطلوب ثلاثة إجراءات أساسية, وهي:
1. الاعتذار للشعب عما تسببت به هذه الجماعة الضالة ضد المجتمع العراقي وتقديم من ارتكب منهم جرائم بشعة إلى القضاء لتأخذ العدالة مجراها الاعتيادي.
2. حل مليشيا جيش المهدي والكف عن منحهم رواتب من أموال الشعب والفقراء والمعوزين, إضافة إلى حل فرق الموت التي تقوم بعمليات إجرامية فعلية ضد أبناء المجتمع من أهل السنة أم من المسيحيين أو الصابئة المندائيين أو حتى من الشيعة ممن يختلفون معهم بالنهج والموقف. وكذلك سحب أولئك المتسللين منهم إلى القوات المسلحة وتمارس الطائفية المقيتة ضد المجتمع.
3. تسليم كامل أسلحة هذه المليشيا إلى الحكومة العراقية والامتناع عن أخباء الأسلحة عن أنظار قوات الأمن والشرطة والجيش, كما جرى سابقاً أو استقبال أسلحة جديدة من إيران أو من غيرها.

ولم تكن هذه المسألة وحدها هي التي تشكل التحدي الحقيقي أمام الحكومة العراقية من جانب جماعة التيار الصدري ومليشيا جيش المهدي, بل زاد في الطين بلة الإعلام الصدري الذي يُنشر في العراق وفي الكثير من المواقع الإلكترونية. فآخر بيان صادر عن "إدارة مكتب السيد الشهيد الصدر" في الديوانية ومنشور في موقع صوت العراق بتاريخ 11-01-2007, ورد فيه ما يؤكد أن هذه الجماعة الضالة تسعى إلى تطوير إمكانياتها العسكرية والعددية للقيام بعمليات إرهابية وعسكرية حال خروج القوات الأمر يكية من العراق لتفرض هيمنتها على بغداد وكل العراق. وهذه المجموعة الخرافية الضالة تتحدث عن تحقيق النصر على حكومة المالكي التي تسميها بـ "حكومة الاحتلال العراقية" وأن النصر معقود لجيش المهدي في معاركه القادمة وسقوط العاصمة بأيديهم باعتبارهم أهل الحق. وهي دعوة صريحة إلى القتل والنهب من أجل "حضوع العراق وخضوع العراق يعني خضوع المنطقة برمتها للمد الحقيقي الإلهي". هذه جمل من نص البيان الذي صدر تحت عنوان "فات الآوان ...وساعة الصفر تقترب"!
وهم يضعون كل المسؤولين في العراق ومن يساعدهم, باعتبارهم جزءاً من "جيوش الظلام أمام خيارين لا ثالث لهما إنشاء الله:-
الخيار الأول: إما الموت المعنوي ودخولهم الإسلام وذلك بعد مقدمات سنلخصها لاحقاً.
الخيار الثاني: وإما موتهم تحت السيف وظل السيف أو بالخسف...."
هذه المجموعة التي خطت هذا البيان البائس والعدواني هم جزء حليف في قائمة الائتلاف العراقية, هؤلاء هم أعضاء في مجلس النواب العراقي, هؤلاء هم مشاركون في الحكومة الحالية رغم تجميد نشاطهم الحكومي والبرلماني مؤقتاً, فهل سيكون في مقدور المالكي النجاح في مسعاه ما لم يتخلص من مثل هذه القوى التي لا تريد للعراق خيراً, بل تريد فرض نظام لا يختلف عن نظام طالبان الساقط في أفغانستان. إن كاتبي البيان يجسدون جزءاً من البؤر الفكرية القذرة والمستنقعات السياسية النتنة التي تريد إغراق العراق في الجهالة والظلامية والبؤس.
تقع على عاتق المالكي مهمة معقدة, هي أعقد بكثير من مواجهة قوى الإرهاب الأخرى التي تقف في معسكر العداء المباشر للحكومة والمجتمع كالقوى التكفيرية والصدامية وعصابات الجريمة المنظمة, إذ أن هؤلاء يقفون في المعسكر الحكومي وينسفون الحكومة وقراراتها من الداخل ويمارسون الاختطاف والتعذيب والقتل والتشريد ومصادرة الأموال ونهب العوائل التي تقوم بتهجيرها قسراً من مناطقها ومدنها ومحلاتها وبيوتها تحت عباءة الحكومة وحمايتها غير المباشرة. ومن هنا أجد لزاماً أن أحذر مرة أخرى من هذا التيار ومن هذا "الجيش العقائدي" المتخلف والعدواني والإرهابي, إذ أنهم يشكلون خطراً على المجتمع وعلى مستقبل العراق الفيدرالي الديمقراطي المستقل.

منتصف كانون الثاني / يناير 2007

¤ الحلقة الثانية (2-2) الطائفية المقيتة وهيئة علماء المسلمين في العراق