|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  7  / 6 / 2020                                 خالد جواد شبيل                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل العنصرية حالة طارئة في أمريكا؟!

خالد جواد شبيل
(موقع الناس)

أول الكلام:
مع مقتل المواطن الأمريكي الأفريقي جورج فلويد في يوم 25 ماي المنصرم بسبب من وحشية وأسلوب فظ أمام الملأ، ومن جرّاء الضغط على رقبة الضحية برجل ضابط أبيض جلس عليه بحالة ركوع لمدة ثماني دقائق وعشرين ثانية، ولم تجد صيحات متقطعة من الضحية : "لا أستطيع التنفس" و "سأموت".. كما لم تجد توسلات المارة بالضابط الجاني أن يكف عن الضغط على رقبته لأنه سيموت.. وفعلا لفظت الضحية أنفاسها بقتل عمد مع سبق الأصرار..

منذ ذلك التاريخ والاحتجاجات والتظاهرات لا تني تزداد وتتسع في المدن الأمريكية وحتى في العالم مثل لندن وسدني.. وقد رافقها في بدايتها بعض الفوضى وكذلك نهب لبعض المحلات التجارية مما أرعبت الإدارة الأمريكية ورئيسها المذعور الذي توارى عن الأنظار ثم خرج يرفع الإنجيل في احدى الكنائس مما أثار استياءً لدى القسسة في لعبة مكشوفة للتمترس بالدين!

مما يلفت النظر أو الاستغراب حقاً أن بعض وسائل الإعلام العربية وبعض العرب والعراقيين منهم راح يمتدح النظام الأمريكي ويصفه بالديمقراطي وإن الممارسات العنصرية حالات فردية طارئة؟! فهل الأمر كذلك؟!

***
منذ الهجرة الأوربية للعالم الجديد وخاصة الاسبانية والبريطانية والفرنسية والهولندية أي من اللاتين والانغلوسكسون، حاولوا اكتشاف الواقع الجديد من السكان الأصليين ومنهم تعلموا زراعة التبغ والبطاطاس والطماطم والفُلفُل والذرة...الخ ثم بدأت حملة مسعورة لطرد السكان الأصليين والاستيلاء على أراضيهم ومع ازدياد عدد الموجات المهاجرة حتى أخذت طابعاً كولونيالياً أهم سماته العنف وإبادة السكان الأصليين، ثم بدأت الحاجة الى أيادٍ عاملة فازدهرت تجارة العبيد الذين يؤتى بهم من أفريقيا مقيدين من الجنسين وبدأت الممارسات العنصرية في أبشع صورها متمثلة في العبودية!

وكان اسم العبيد يلحق بأسماء مالكيهم..وسرعان ما تجمعت ثروات طائلة من الزراعة والمعادن الثمينة وخاصة الذهب.. وحيث تقدمت أساليب الصناعة خاصة في ولايات الشمال الأمريكي التي تجهزها ولايات الجنوب الزراعي بالمواد الخام حدثت الحرب الشهيرة بين الشمال الصناعي الذي تقدمت به الآلة واستغنى عن العبيد وطالب بتحريرهم وبين الجنوب الزراعي الذي يعتمد الزراعات الهامة من قبيل القطن و الحبوب وتربية المواشي حيث الأيدي العاملة المعتمدة على قوّة العبيد (رواية الصخب والعنف لوليم فوكنر تعكس بصدق الأصداء الاجتماعية لتلك الحرب).. نشبت الحرب وصدرت قوانين الغاء العبودية وبدأت المرحلة الصناعية تعم كل الولايات بما فيها المكننة الزراعية.. لكن الغاء العبودية هل هو الغاء للعنصرية؟ ظل التمييز العنصري يمارس يومياً والحقد على السود يلاحقهم في العمل والمقاهي والمطاعم ووسائل النقل ودور السينما.. أي أخذت العنصرية سِمة العزل الاجتماعي العنصري..

أعتقد أن تطور الرأسمالية أتي بتقاليد مخففة ودعوة للمساواة بعد أن اثبت السود جدارة في مجالين هامين تفوقهم فيهما على البيض وهما الموسيقى التي عشقها البيض التي كانوا يمارسونها للترويح عن أنفسهم في العمل المضني بما يسمى الركتايم
rag•time وهي موسيقى ذات ايقاعات جميلة مع رقص يصحب الغناء الحزين ستتبلور لدى السود الذي بدأوا يشتغلون بالنقل الملاحي عبر نهر المسيسيبي وفي مدينة سانت لويس ولدت موسيقى الجاز! التي تجاوزت أمريكا وأصبح لها شعبية في القارة العجوز وفي العالم كله.. والصعيد الثاني هو الرياضة حيث برز السود في رياضات الركبي وكرة القدم الأمريكية وكرة السلة والملاكمة حيث ابدعوا أيما إبداع وأثروا الحياة الثقافية والفنية والأدبية..

العنصرية إذن هي نتاج تاريخي رافق الكولنيالية فالامبريالية ومازالت عقابيلها مستمرة ولكن مقنّعة وتنفجر بين حين وآخر حين يتهيأ لها صحافيون شرفاء يكشفون عنها، فالجريمة تزداد في مجتمع السود حيث العطالة والظلم والفقر وما ينتج عنها من أمراض الإدمان والدعارة.. ولكن الجريمة التي يرتكبها الأسود غير التي يرتكبها الأبيض.. فالقسوة والاحكام القضائية تبلغ مداها الأقصى لدى الأسود..

إن إحصائيات الشرطة الفدرالية تنبىء أن القتل الذي يمارسه ضباط الشرطة يبلغ 1200 قتيل سنوياً، ولكن في 99% لا يتم اتهام الضباط أي هم بمنجاة من العقوبة! والذين يحاسبون لا يخضعون الى عقوبات فعلية!!

والدليل إن الوحشية التي تناقلتها وسائل الإعلام حتى بعد مقتل فلويد لا نظير لها فالضرب بالهراوات بشدة على الرؤوس والأيدي والأرجل ومختلف المناطق في الجسم واستخدام الأرجل من قبل الشرطة لتقييد المتظاهرين من الجنسين دلل على وحشية متزايدة.. ولا حرمة للمتقدمين في السن فقد دفع رجل سبعيني أعزل بقوة من قبل شرطيين وأرتطم رأسه بشدة في البلاط الأرضي وشج رأسه وبقي ينزف دون أسعاف..

أحسب أن تطورات كبيرة ستحدث في أمريكا لصالح الإنسان وحقوقه أنى كان، ففي استراليا مازالت المظاهرات تتسع لإحقاق حقوق السكان الأصليين ورفع الحيف عنهم.. فهل سيكون للإنسان العراقي نصيب من حقوقه؟ وهل ستوقف قتل المتظاهرين من قبل الميليشيات المنحطة أخلاقياً!! وهل سيطلق جميع المخطوفين والمخطوفات؟ والأهم هل سيحاسب القتلة المأجورين من ذيول إيران؟! هل سيفي الكاظمي بوعده؟ أجزم بكلمة من حرفين (لا)، لأنه عزز المحاصصة ومنح الخارجية لفؤاد حسين وما أدراك ما فؤاد حسين!!


السابع من حزيران 2020








 





 



 







 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter