نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل الشطري

 

 

 

 

الجمعة 28/4/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

اكراد العراق الحلم و المستقبل المجهول

 

 د. كامل الشطري
kamel4349@maktoob.com

المسألة الكردية من اهم القضايا التاريخية المعاصرة التي احتلت الصدارة في التاريخ الحديث وتجاوزت الحدود المحلية و الاقليمية لانها قضية ارض وتاريخ و قضية شعب عادلة وقومية مضطهدة والعقدة الرئيسية التي سوف تواجهها السياسة العراقية و الاقليمية و الدولية تكمن في ايجاد المخارج و الحلول اللازمة التي ترضي كل الاطراف التي لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بهذه المسألة التي تضمن حقوق الجميع وبأسلوب حضاري و متمدن عن طريق الحوار السلمي و الشفاف و بروح المسؤولية العالية والحرص الشديد وبنفس طويل من اجل ضمان مصالح كل الاطراف المعنية دون تجاوز على الحقوق التاريخية و الانسانية والقانونية والاستحقاقات الدستورية و احترام مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها كما تؤكده القوانين والاعراف الدولية و الشرائع السماوية .
فالاكراد شعب حي لهم لغتهم و تاريخهم وخصوصيتهم سكنوا العراق منذ’ الاف السنين و قد تحملوا كباقي العراقيين القتل و القمع و التشريد و ارهاب الدولة في كل الحكومات التي تعاقبت على سدّة الحكم في العراق منذ’ تأسيس الدولة العراقية الحديثة و لغاية سقوط النظام البائد في 9 ابريل ( نيسان ) 2003 و قد سجّل التاريخ العراقي مواقف مشرفة للشعب الكوردي في التلاحم ألاخوي العراقي بين العرب و الكورد و التركمان و بقية مكونات وشرائح المجتمع العراقي في التصدي للنظام الدكتاتوري السابق و احتضان الحركة الوطنية العراقية فكان اقليم كردستان- العراق ساحة للعمليات السياسية و المسلحة و ملاذآ آمنآ نسبيآ للقيادات السياسية العراقية العاملة في كردستان ومن مختلف فصائل المعارضة العراقية وكان المنفذ الرئيسي لكل الاحرار في العراق الذين تصدوا للنظام الصدامي آنذاك و قد احتضن الشعب الكوردي و في احلك الظروف كل فصائل المعارضة العراقية وقدم لهم كل ما يملك من ماله و قوته ودمائه الغالية فقد كان التعاضد و التكاتف و المصير المشترك رمزآ للاخوة العربية - الكوردية العراقية من اجل التصدي للنظام الدكتاتوري واسقاطه .
فالاكراد عانوا الويلات و القمع و التشريد و الحرمان منذ’ عقود طويلة و هم طلاّب حق و ان منطقة اقليم كردستان في شمال العراق تعيش حالة من الازدهار الاقتصادي و الاستقرار الامني وهذا مايميزها عن بقية مناطق العراق خصوصآ في بغداد و المنطقة الغربية التي تتعرض لعمليات ارهابية مسلحة و وضع امني صعب لايبشر بأنفراج قريب وهذا كله يعزز تطلعات الاكراد في الانفصال خصوصآ وان الاكراد يحكمون انفسهم منذ’ حرب الخليج الثانية عام 1991 فقد اكد السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان على ان الحق في الاستقلال هو حق طبيعي و شرعي للاكراد و لكنه اكد ايضآ ان المطلب الوحيد لشعبه حاليا هو تطبيق الدستور الجديد للتقدم نحوعراق ديمقراطي اتحادي تعددي وهنا لابد من القول ان رياح التغيير الايجابية حاليآ التي تصب في صالح العملية السياسية الديمقراطية في العراق خصوصآ بعد انفراج أزمة تشكيل الحكومة العراقية و تكليف الدكتور جواد المالكي رئيسآ جديدآ للوزراء في العراق سيخلق واقعآ سياسيآ جديدآ على الساحة العراقية بصورة عامة و في اقليم كردستان بصورة خاصة و ان ابطاله قوى محلية واقليمية لها اهداف محددة قد تعرقل العملية السياسية الجارية في العراق الان وتؤدي الى ازمة حادة بين حكومة اقليم كوردستان من جانب و الحكومة الاتحادية في بغداد في الجانب الثاني و اسبابها الرئيسية الوضع المحتقن قي كركوك و العمليات العسكرية التركية الكردية وان من اهم المشاكل العالقة في العراق هي مسألة كركوك و لا اريد الدخول في التفاصيل في هذا الموضوع المعقد ولكن بالخطوط العريضة اغلب الاطراف العراقية اجمعت على ان قضية كركوك سوف يكون حلها وفق المادة 58 من قانون ادارة الدولة العراقية التي رحلت الى الدستور العراقي الدائم و سيكون الحل الدائم لمشكلة كركوك وفق جدول زمني واليات محددة يعرفها الجميع وتمر بثلاث مراحل تنتهي المرحلة الاخيرة منها في 15 كانون الاول (ديسمبر ) 2007 وهذا الجدول ليس بالموعد البعيد خصوصآ وان الكورد مصرون على الالتزام به و تطبيقه حرفيآ هذا في الجانب النظري اما في الجانب العملي اولآ ليس هناك من الناحية الفنية اسراع وتفعيل للمباديء المتفق عليها حول كركوك و ثانيآ هناك شرائح واسعة و مهمة من المجتمع العراقي و من خارج الاجماع الكوردي و قوى سياسية اخرى لها ثقلها على الساحة العراقية مثل التيار الصدري لاترى حلآ لكركوك بطريقة الاستفتاء وهي تقاوم هذا الحل حتى و ان تطلب ذلك رفع السلاح و ترى في كركوك مدينة عراقية للتآخي بين الكورد و العرب و التركمان و الكلدوآشوريين وغيرهم من العراقيين هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الخارجي فهو الموقف من انفصال اقليم كردستان واقامة دولة كردستان الكبرى الذي يؤرق دول الجوار خصوصآ تركيا و ايران اللتين فيهما ثقل كبير من ابناء الشعب الكوردي و تعيشان حالة من المواجهات المسلحة اليومية خصوصآ و ان منطقة اقليم كردستان العراق اصبحت مكانآ آمنآ و منطلقآ للقوى و الاحزاب والحركات التحررية الكوردستانية المتواجدة في اقليم كردستان العراق لمواجهة تركيا و ايران عسكريآ و مواجهة سورية سياسآ واعلاميآ و هذا النهج لا يرضي تركيا و ايران و سوريا ودولآ وقوى اخرى تعارض مشروع الشعب الكوردي في انفصال اقليم كردستان و قيام دولة كردستان الكبرى و التي تشكل مساحات واسعة من العراق وايران وتركيا و سورية التي تعتيرها هذه الدول هي جزءآ من اراضيها خصوصآ وان ألدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا لا تؤيدان اقامة دولة موحدة للشعب الكوردي على الاقل في الوقت الحاضر و لأسباب اقليمية و دولية معروفة للجميع وفق مصالح استراتيجية في المنطقة مما يجعل تلك الدول تنهج نهجآ اخر يصب في احقاق الحقوق المشروعة للشعب الكوردي و منحه الضمانات السياسية و الدستوريه و القانونية ضمن تلك الدول وهذا النهج يضعف الموقف الكوردي في تحقيق حلمه الكبير في بناء دولة كوردستان الكبرى .
لهذه الاسباب و نتيجة للانفراج السياسي المفترض في العراق فقد ازدادت المخاوف في داخل العراق و محيطه الاقليمي من المطامع الكوردية في اقليم كوردستان العراق وعموم المنطقة و ان كانت مشروعة مما يثير فضول المراقب و المحلل السياسي بأحتمال حدوث مواجهات متعددة الاطراف في الايام القادمة بين قوى واحزاب عراقية عربية و تركمانية مدعومة من شخصيات قيادية دينية و سياسية وحكومية برلمانية و الطرف الكوردي في الجانب الثاني مما قد يؤدي هذا العمل الى اتساع مساحة الخلافات و تعميقها بين الكيانات السياسة العراقية و يؤدي الى تدخل اقليمي الخاسر فية العراق والشعب العراقي ولاننسى ان الفسحة من الديمقراطية التي يعيشها اقليم كوردستان و رفع سقف المطالب الكوردية في الفترة القريبة الماضية اثناء العملية السياسية ومحطاتها المختلفة قد اثار الطموح الكوردي هذا مخاوف العراقيين من غير الكورد وكذلك الاتراك والايرانيين وانظمة عربية اخرى لا تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها ولا تؤمن بالديمقراطية و لكن في الوقت نفسة يحب ان لاننسى بأن :
القيادات الكوردية تتميز بواقعية التشخيص و التحرك السياسي و التماسك و وحدة الموقف و تدرك جيدا تلك المخاطر التي تهددها لذا سوف تنطلق في مواجهة ومعالجة الامور المعقدة في الواقع السياسي العراقي و الاقليمي بسياسة واقعية تستمد قوتها من الفهم االواقعي و التحليل العملي لمجريات العملية السياسية الديمقراطية في العراق اولآ و الظرف الاقليمي و الدولي و انعكاساته على القضية الكوردية ثانيآ فأي تقارب سياسي اقتصادي مسشترك بين تركيا و الولايات المتحدة الامريكية قد يلقي بظلاله سلبآ على القضية الكوردية و طموح الشعب الكوردي في التحرر و بناء دولته الكبرى و ثانيآ العامل الداخلي فأي انفراج للازمة السياسية و الامنية في العراق قد ينعكس سلبا ايضآ على اقليم كوردستان لان الديمقراطية في العراق لاتزال في مراحلها الاولى فهي وليدة التكوين لايمكن ان نلم بجميع مفرداتها بين ليلة و ضحاها لانها عملية ممارسة و تطبيق و مسؤولية عالية من الوعي و الفهم و ثقافة عامة وهذا ينعكس ايضآ على الدستور الذي يتطلب الارادة الوطنية الصادقة و الاعتراف بحقوق الاخرين من قبل الشعب العراقي كله ومن النخب السياسية العراقية بمختلف معتقداتها و توجهاتها السياسية و الفكرية و المذهبية .
لذا فقد اتسمت السياسة الكوردية بالحكمة و التعقل والواقعية و اتباع سياسة الشد و الجذب و رفع سقف المطالب السياسية في الوقت المناسب وهي سياسة اثبتت نجاحها في عموم اقليم كوردستان العراق  .
فالمتتبع للوضع السياسي في العراق يقرأ في تصريحات السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان انها اكثر مرونة من سابقاتها و اكثر واقعية فقد نقلت وكالة الانباء الكويتية عنه ولاول مرة بأنه لايمكن لاقليم كوردستان ان يتطوربمعزل عن العراق و ان حماية اقليم كوردستان هي مسؤولية العراق اولا و مسؤولية ابناءه ثانيا و هذا التصريح يعتز به جميع العراقيين خصوصآ وان هناك حشود كبيره للجيش التركي و الجيش الايراني على الصعيد الخارجي بحجة تتبع حزب العمال الكردستاني داخل الحدود العراقية وقد يكون الهدف اخر مغزاه اجهاض التجربة الديمقراطية و المكاسب التي تحققت في اقليم كوردستان و استهداف مجمل العملية السياسية في العراق والمشكلة تزداد تعقيدآ كلما اقتربت مشكلة كركوك من الحل النهائي فالوضع في كركوك بركان يتفجر في اي لحظة اذا لم تسارع القيادات السياسية العراقية المختلفة الى اخماده و احتواءه وحله بالطرق السلمية قبل فوات الاوان .