| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قاسم محمد علي

kasim-delovan@live.dk

 

 

 

                                                                                     السبت 17/9/ 2011

     

القيادة الكوردستانية والإدانة الخجولة للقصف

قاسم محمد علي    

تجدد المدفعية الإيرانية والطائرات الحربية التركية بين فترة وأخرى قصفها المكثف وغير الإنساني على قرى ومدن كوردستان العراق المحاذية لحدود البلدين بذريعة ملاحقة واستهداف مقاتلي «حزب الحياة الحرة الكوردستاني» (پزاك) من جانب إيران، وبحجة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني من جانب تركيا.

ترى بعض دول الجوار من الكيان الكوردي في إقليم كوردستان العراق خطراً وتهديداً على أمنها القومي، وبالتالي هناك خطر خارجي حقيقي يهدد المستقبل السياسي لإقليم كوردستان. موضوع البحث في المقال يتركز حول دور القيادة السياسية الكوردستانية وكيفية تعاطيها مع تلك التهديدات والإعتداءات الإيرانية والتركية المتكررة على إقليم كوردستان. أما دور الحكومة المركزية في بغداد حول تلك الإعتداءات تطرقنا اليه في مقالنا السابق بعنوان التجاوزات الإيرانية وموقف الدولة الإتحادية وحق الشعوب في العيش بسلام.

القصف الإيراني - التركي للقرى والمدن العراقية في إقليم كوردستان يعتبر عدواناً صريحاً وخرقاً للأعراف والمواثيق الدولية ومخالفاً لقوانين حقوق الإنسان. التجاوزات الإيرانية-التركية على السيادة العراقية وعلى سيادة الإقليم بحجة ملاحقة عناصر پزاك وPKK لايبرر إطلاقاً قصف القرى والمدن الآمنة والآهلة بالسكان المدنيين وتشريد الآلاف من المواطنين الكورد العزل الذين لاحول لهم ولاقوة. من الحق الطبيعي لتركيا وإيران حماية حدودها لكن من داخل أراضيها وفي حدودها دون الإعتداء على الغير أو تجاوز سيادة البلدان الأخرى. كما ذكرنا في إحدى مقالاتنا السابقة حول نفس الموضوع، إن قوات حلف الشمال الأطلسي رغم أنها أكبر قوة عسكرية في العالم، لاتستطيع السيطرة على الحدود الباكستانية الأفغانية ولاتتمكن من منع تسلل قوات الطالبان أو القضاء على معاقل الطالبان على الحدود، رغم تواجدها المكثف في تلك المنطقة الحدودية، ولا إسرائيل تستطيع ان تحمي حدودها بوجه العمليات العسكرية القادمة اليها من فلسطين، رغم تقنيتها العسكرية العالية على الحدود مع المدن الفلسطينية. كذلك تقصف القوات التركية وتشن الهجمات العسكرية ومنذ سنين طويلة على جبال قنديل من دون جدوى، وإيران تقصف أيضاً ومنذ سنين القرى والمدن الكوردية في إقليم كوردستان على الحدود العراقية الإيرانية، دون أن تتمكن من القضاء على مقاتلي حزب پزاك، فما هو الهدف إذن من القصف المتكرر للقرى والمدن الكوردية الآمنة في الإقليم، وقتل المواطنين الكورد الأبرياء وتدمير قراهم ومدنهم وتشريدهم؟ إن هذه المشكلة ليست معركة عسكرية يمكن حسمها عن طريق القصف المدفعي والهجوم العسكري، وتركيا، إحدى الدول الإقليمية الكبرى تحارب حزب العمال الكوردستاني لأكثر من 27 عاماً دون أن تتمكن من القضاء على PKK وحركته المسلحة. لذلك نعتقد بأن هذه المشكلة إنما هي قضية سياسية، وبالتالي قد يمكن حلها بإسلوب حضاري وبشكل سلمي عن طريق الحوار والجلوس على طاولة المفاوضات وقبول الآخر والإعتراف بالحقوق القومية للشعوب الأخرى، إذا كانت هناك رغبة صادقة ونوايا للسلم وعزيمة عند البلدين لحل هذه المشكلة القومية حلاً سلمياً وديمقراطياً. من ناحية أخرى تركيا التي تدعي وتتظاهر بأنها تدافع عن الحرية والديمقراطية والإصلاحات السياسية التي تطالب بها شعوب المنطقة اليوم، عليها أن تتفهم بأن الشعب الكوردي مثل باقي شعوب المنطقة أيضاً يتطلع الى الحرية والديمقراطية والمساواة في الحقوق القومية، لذلك يتوجب على الدولة التركية توفير المناخ الملائم للحوار السياسي والعمل السياسي السلمي الپرلماني للأحزاب الكوردية في تركيا والكف عن ملاحقة وإعتقال قادة وأعضاء الأحزاب الكوردية التي تؤمن بالنضال السياسي السلمي.

عندما يتعرض الإقليم  الى إعتداء خارجي من قبل دول الجوار، من واجب القيادة السياسية الكوردستانية وأحزابها الحاكمة بالإضافة الى السلطة التشريعية التحرك الدبلوماسي والسياسي السريع لحماية أمن الإقليم وسلامة شعوبه، والجدير بالذكر خلف القصف الإيراني – التركي الأخير ضحايا وشرد مئات العوائل، وبالتالي كان يتوجب على القيادة السياسية الكوردستانية والجهات المسؤولة

- أن ترتقي الى مستوى الحدث وتكون أكثر جدية في مواقفها تجاه تلك البلدان وان تتخذ جميع الإجراءات القانونية وتستخدم كل القنوات الدبلوماسية وتطرق جميع الأبواب الدولية  لحشد التأيد الدولي وممارسة القدر الأكبر من الضغط الدولي على تركيا وإيران لوقف عدوانهما المنسق والمشترك على إقليم كوردستان وخرقهما المستمر لسيادة العراق والإقليم، وليس الإكتفاء فقط بالإدانة الخجولة للقصف.

- أن تمارس القدر الأكبر من الضغط السياسي على الحكومة العراقية لتحمل مسؤولياتها الوطنية وكسر صمتها واتخاذها مواقف حازمة وصريحة ضد العدوان الإيراني والتركي على المواطنيين الكورد العزل في الإقليم بالإضافة الى حث الحكومة المركزية على تقديم الشكوى والإحتجاج الى المحافل الدولية ضد هذه الدول.

- أن تطالب الحكومة العراقية بإستدعاء سفرائها لدى إيران وتركيا وأن تطالب من سفراء البلدين بمغادرة العراق لحين وقف عدوانهما وقصفهما غير الإنساني للمدنيين العزل في المناطق الحدودية في الإقليم ووضع حداً لتجاوزاتهما المتكررة على السيادة العراقية وسيادة الإقليم ومطالبة هذه البلدان بدفع التعويضات للمتضررين من جراء تجاوزاتهما والدمار الذي ألحقته بحياة الناس وبممتلكاتهم.

الإعتداءات الخارجية على القرى والمدن الكوردستانية في الإقليم بالإضافة الى تدهور الأوضاع الأمنية وتعرض الكورد والتركمان لعمليات القتل والتهديد والتهجير في السعدية وجلولاء وفي باقي المناطق المستقطعة عن إقليم كوردستان، كذلك عدم معالجة المشاكل العالقة ولسنين طويلة بين الإقليم والمركز (مشكلة المناطق المستقطعة عن إقليم كوردستان، تحديد الحدود الجغرافية للإقليم، مشكلة قوات الپيشمركة، مشكلة ميزانية الإقليم ومشكلة الثروات النفطية وقانون النفط والغاز) تثبت من ناحية فشل الدبلوماسية الكوردية وعدم قدرة القيادة السياسية الكوردستانية في كيفية التعامل مع الإعتداءات الخارجية التي يتعرض لها الإقليم من قبل دول الجوار ومن ناحية أخرى تثبت فشل الرؤية السياسية للقيادة الكوردستانية وعدم قدرتها على تثبيت الحقوق الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية في العراق الجديد. لقد قدمت القيادة السياسية الكوردستانية إمتيازات إقتصادية هائلة الى الشركات التركية للإستثمار في الإقليم وحولت إقليم كوردستان الى مركزاً تجارياً للبضائع التركية. تلك الإمتيازات الإقتصادية ساهمت بشكل كبيرعلى إنتعاش الإقتصاد التركي، بينما في المقابل تمارس هذه البلدان العدوان المباشر على الإقليم من خلال قصف قرانا وتدمير بيوتنا وقتل أبنائنا. وبالتالي يتوجب على الجهات المسؤولة في الإقليم اللجوء من ناحية الى المقاطعة الإقتصادية للشركات والبضائع التركية والإستعاضة بهما بشركات وبضائع من دول أخرى وفق خطة إقتصادية منظمة، والإبتعاد عن تحويل الإقليم الى سوق للبضائع التركية والذي يحول الإقليم الى فريسة سهلة للإستسلام متى ما دعت المصالح السياسية التركية لفرض حصار إقتصادي على الإقليم لأغراض سياسية، ومن ناحية أخرى أن تتخذ مواقف سياسية حازمة وصارمة ضد هذه البلدان وسياساتها العدائية ضد الإقليم وتطلعات شعبه الى الحرية والديمقراطية والعيش بسلام وآمان مع شعوب المنطقة.

وفي الختام نذكر القيادة الكوردستانية بأن المصالح السياسية والإقتصادية والمصالح العليا للبلد وأمنه القومي هي التي تحدد طبيعة العلاقة والصداقة بين البلدان وليس العكس، لكن وللأسف الشديد تضع القيادة الكوردستانية المصالح السياسية والإقتصادية والمصالح العليا للإقليم في خدمة بناء نوع من العلاقات الشخصية لها مع القادة السياسيين في العراق ومع قادة البلدان المجاورة، أيماناً منها قد تستطيع الحصول على بعض المكاسب من تلك الجهات العراقية ومن تلك الدول من خلال الصداقة والعلاقات الشخصية. لا الدولة العراقية مستعدة من خلال علاقات قادتها الشخصية المتميزة مع القيادة السياسية الكوردستانية لتنفيذ المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية أو حماية أرواح وممتلكات الكورد في المناطق المسقطعة عن إقليم كوردستان ولا قادة إيران أو تركيا تنوي من خلال علاقاتها الشخصية مع القيادة السياسية الكوردستانية وقف عدوان بلدانها على الإقليم وإحترام سيادته وسيادة العراق.

 

دانيمارك \ كوبنهاكن، الأربعاء 14 أيلول 2011


 

free web counter