|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  15 / 4 / 2016                                 د. خليل الجنابي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حذاري من خِداع الجماهير

د. خليل الجنابي
(موقع الناس)

المتتبع للأحداث الساخنة في العراق وصولاً إلى الإعتصام داخل مجلس البرلمان ، يلاحظ مفارقات عجيبة ، ألا وهي أن من قامت المظاهرات والإحتجاجات الجماهيرية منذ شهور ضدهم مطالبة تنحيتهم من مناصبهم ومحاسبتهم عما إقترفوه طيلة فترة وجودهم في الحكم ، نراهم اليوم وبقدرة قادر يتصدرون حملة ( الإصلاح ) التي أرعبتهم سابقاً . هل هي صحوة ضمير حقاً !! أم أنها محاولة لركوب الموجة التي يختلط فيها ( الحابل بالنابل ) كما يقولون .

إن الجماهير على مدى عقود قد خبرت الأحزاب السياسية والشخوص التي تتصدر المشهد السياسي سواء كانت شيعية أم سنية ، عربية أم كردية أم من قوميات وطوائف وملل مختلفة ، وخلال هذه السنوات العجاف التي أوصلت العراق إلى حالة لا تسر غير العدو الذي سعى جاهداً إلى دفع البلد إلي حافة الإنهيار .

بالتأكيد أن التوسع في دائرة الإحتجاجات ( طولاً وعرضاً ) هو من صالح الجماهير المنتفضة ، لكن حذاري من ركوب هذه الموجة من قِبل من حاول سابقاً إجهاضها بشتى الطرق والوسائل وإدعى أنها تحاول إجهاض المشروع الإسلامي ووصفوها بأنها جاءت من خلف الحدود لإفشال التجربة الديمقراطية الفتية التي يعيشها العراق وينعم شعبه بالخير والسعادة والأمان !! .

إن توقيع ( ميثاق الشرف ) الذي صدعوا رؤوسنا فيه جاء لإنقاذ أنفسهم من الورطة التي هم فيها الآن وهي عملية إلتفاف على المطالبات في تشكيل حكومة كفاءات مهنية بعيدة عن تأثير الأحزاب وسطوتها ، وأن الشخصيات التي وقَعَت هذه الوثيقة هي نفسها صاحبة ( المشكلة ) التي طمسنا في متاهاتها ووصلنا إلى قاعها المظلم .

الإصلاح الذي تبحث عنه الجماهير المتظاهرة في ساحات التحرير في أطراف الوطن ، هو تقويض نظام المحاصصة الأثنية المقيت ثم الإطاحة بحيتان الفساد المالي والإداري وإعادة ما سرقره إلى خزائن الدولة الخاوية . علينا أن لا ننخدع مرة أخرى فإن السيدات والسادة النواب الذين إعتصموا داخل مجلس البرلمان هم جزء من الكابينة السياسية التي تسعى الجماهير لتغييرها بلا إستثناء ، لأنهم لم يقدموا شيئاً للمواطن طيلة تربعهم على المال والسلطة والمسؤولية . فعلام الآن يقفون إلى جانب الصف الوطني !! .

من جانب آخر علينا أن نفرق بين الناس البسطاء من الذين خُدعوا في السابق من قِبل أحزابهم وإنحيازهم الآن إلى صف الجماهير ومساهمتهم في ساحات الإعتصام ، علينا أن نحتضنهم في وقفتهم المخلصة هذه ليكونوا لنا عوناً في الأيام القادمة ، وصوتهم سيكون بلا شك حاسماً في التغيير المنشود في أية إنتخابات قادمة .

كما لابد من الإعتراف بأن هناك شخصيات وطنية داخل قبة البرلمان تسعى جاهدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الخراب الدائر ، لكنها مع الأسف ضاعت في وسط هذا الضجيج والصخب الدائر والذي وصل إلى حد التراشق بالكراسي وقناني المياه والحمد لله أنها ( قناني بلاستيكية ) غير موجعة !! .

لا نريد أن نسابق الأحداث ونقول أن ما يجري في قبة البرلمان لا يعدو عن كونه ( زوبعة في فنجان ) وهي عملية لإحباط همم المتظاهرين والإلتفاف على مطالبهم القاضية بالتغيير الشامل وبناء عراق مدني ديمقراطي ودولة العدالة الإجتماعية بعيداً عن الطائفية والأثنية ويدحر الدواعش في كل مكان ويعيد اللاجئين إلى بيوتهم ويوفر لقمة العيش للمواطن ويخلصه من الفقر والجهل والمرض والتخلف ويوفر الأمن والسلام في ربوع الوطن .


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter