|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  28  / 11 / 2014                                كاظم فنجان الحمامي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شرطة البغدادية

كاظم فنجان الحمامي

نحن لا نحب البغدادية ولا نكرهها، لكننا نميل إليها لأنها تمثل لنا المرصد الإعلامي الرقابي المتخصص بفضح المخالفات وكشف الانتهاكات والتشهير بالتجاوزات، وكانت هي الفضائية الوطنية السبّاقة في تسليط الأضواء على اللصوص والحرامية، وكأنها تمتلك شرطة سرية تعمل في الخفاء، ومجهزة بمعدات حديثة للرصد والتحري والمتابعة.

دعونا نضع النقاط على الحروف الزئبقية السائبة، ونستعرض آخر الفضائح التي كشفت فيها البغدادية وجود عملية فساد مالي كبيرة تخص تحويل مبلغ 148 مليار دينار من قبل الفرع الرئيس لمصرف الرافدين إلى مصرف البلاد الإسلامي، وطالبت الجهات المختصة بإيقاف هذه العملية.

كانت النائبة السابقة (مها الدوري) أول من رفع راية كشف التسلل في ملاعب البغدادية، وطالبت باحتساب ضربات حرة مباشرة ضد المتورطين بالصفقة، فتعالت ضدها صيحات الاستنكار والاحتجاج. كان مدير المصرف (باسم الحسني) في طليعة المحتجين الغاضبين، لكنه عاد للاعتراف في غضون بضعة أيام، فأقر بوجود (خلل وتلاعب وإهمال) في تحويل مبلغ 142 مليار دينار إلى مصرف البلاد الإسلامي، وقال في مؤتمر صحفي: (نضمن بأن الأموال التي أشيع في وسائل الإعلام إنها سرقت في أمان وتم استرجاعها بعد 48 ساعة)، وهو الذي نفى في تصريح سابق ما كشفته البغدادية.

ألا ترون هذا التفاوت الصارخ بين مراصد هذه القناة الفضائية التي ليس لها من يمثلها داخل البنك، وبين مجسات إدارة البنك المعززة بأقوى التقنيات الأمنية وأدق الأنظمة المالية وأعقد البرامج الحسابية. هل تعرضت عيون الرقابة المالية المزروعة داخل المصرف إلى الإصابة بالرمد الصديدي ؟. وهل تعطلت أبراج المراقبة التي يتحكم بها المفتش العام إلى الشلل المفاجئ ؟. وهل تعثرت إجراءات الصرف والتحويل إلى المستوى الذي جعلها لا تحسن الحساب ؟. وكيف تسلل الخلل والتلاعب والإهمال إلى الخزانات الحصينة المكلفة رسمياً وشرعياً بحماية المال العام ؟. ثم أين اختفى المخبر السري ؟، وأين اختفى أصحاب الضمائر الوطنية الحية ؟. لأنه من غير المعقول أن تتحول مها الدوري إلى زرقاء اليمامة، وتتحول البغدادية إلى مركز فضائي من مراكز الشرطة الوطنية الافتراضية ؟.

ربما لا يتسع الوقت لاستعراض كل التساؤلات المحيرة، لكن السؤال المهم هو: لماذا هذا التعتيم والتكتم على اسم اللص المستفيد من التحويل ؟. أما السؤال الأهم فهو: كم عدد المرات السابقة التي تسربت فيها الأموال بهذه الطريقة الغامضة ؟.

ختاما لابد من توجيه الشكر والتقدير إلى زرقاء اليمامة، والشكر موصول إلى عناصر شرطة البغدادية ومفارزهم الخارقة وعيونهم الثاقبة.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter