|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة 22/3/ 2013                                د. جاسم الصفار                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


 تساؤلات بعد الفاجعة

د. جاسم الصفار *
Jaaltimimi5@gmail.com

اثر الجريمة البشعة التي فجعت بها عاصمتنا الحبيبة بغداد امس الثلاثاء المصادف 19.03.2013 كتبت على صفحتي في الفيس بوك انه لم تعد الخيارات كثيرة كما كانت امام الشعب العراقي، فقد فجر الارهابيون اليوم كل الخيارات في الطريق الى المصالحة السياسية لديمومة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، ولم يعد امام العراق كدولة وشعب غير الحزم. ألحزم في الحرب على الفساد والحزم في مقارعة الارهاب. وقبل هذا وذاك، ألحزم في اختيار سلطة تنفيذية لا يكون بعضها فاسد وبعضها الاخر متورط بالإرهاب وبعضها الثالث يتنقل بين الاثنين أو متردد مستفيد من تردده. وبعد ان تقلصت خياراتنا وتحددت مواقفنا وفقاً لها، المطلوب من السلبيين والمذعورين والمنكسرة إرادتهم من المثقفين العراقيين الاحتفاظ بسلبيتهم لأنفسهم.

وللموضوع ذاته اعود اليوم لمناقشة افكار هي بالأساس اسئلة يطرحها الشارع العراقي بعد مجزرة جديدة، وفي غياب اية ضمانات على انها سوف لن تتكرر قريباً. وما يجمع هذه الافكار والتساؤلات هو دعوتها للحزم والتصدي الشعبي والرسمي للإرهاب الذي تداخل مع السلطة واستمد منها قوته ومصادر ديمومته. ألتصدي بكل الوسائل المتاحة وفقاً للقوانين المتبعة في بلادنا دون اي ابطاء، فدماء الابرياء من ابناء شعبنا هي ثمن الوقت المضيع.

الجريمة تشير الى وجود خلل كبير في المنظومة الامنية لحماية بغداد. وتبعاً لتقارير الأجهزة الأمنية فأن الإرهابيين تمكنوا من الاستفادة من سيارات غير خاضعة للتفتيش يستخدمها كبار المسئولين في الحكومة والبرلمان للدخول الى بغداد ونقل المتفجرات والاسلحة اليها. وهنا لابد من التساؤل عن السبب الذي يحول دون تفتيش هذه السيارات عند دخولها او خروجها من بغداد؟ واذا كان العائق هو "الحصانة" فلا بأس من تمرير واقرار تشريعات وقوانين منظمة جديدة تسد هذه الثغرة وغيرها من خلال المؤسسة التشريعية بنفس اليات اقرار الميزانية اي بالأغلبية، فلا مجال بعد اليوم لهدر الوقت في التوافقات. بحيث يسمح بتفتيش جميع السيارات الداخلة الى بغداد دون ان تكون الحصانة او المسئولية عائقا. ثم اين هو مشروع تحصين بغداد وتحديد الدخول اليها بأربعة منافذ فقط، والذي صدع المسئولون رؤوسنا به قبل سنتين تقريباً؟

يتساءل الشارع العراقي اليوم كذلك عن موضوع الملفات التي يلوح بوجودها رئيس الوزراء نوري المالكي بين فترة واخرى، والتي تتضمن حسبه ادلة عن تورط مسئولين في الدولة بالإرهاب. لماذا لا يجري تقديم جميع الملفات التي لها علاقة بالإرهاب دون تباطئ الى الجهات القضائية والامنية لاتخاذ التدابير اللازمة بشأنها؟ فأي تلكؤ في هذا الخصوص سيؤخذ على رئيس الوزراء نفسه ويفسر تصريحاته السابقة على انها قد اطلقت لابتزاز مناوئيه ويشكك بمنهجية ومصداقية حربه على الارهاب.

ويقابل قلق الشارع العراقي، صلف وعنجهية من طرف الارهابيين ربما بسبب وعود مطمئنة تجعلهم يعلقون امالا كبيرة على الافلات من العقاب بفضل متنفذين في اجهزة السلطة المختلفة يستخدمون نفوذهم في شتى المجالات من اجل استصدار قوانين بالعفو عنهم او بتهريبهم من سجونهم. ولكي تتبدد امال الارهابيين واسباب اطمئنانهم وصلفهم، يتعين على السلطة تنفيذ جميع الاحكام الصادرة بحق المتورطين بإهدار الدم العراقي دون ابطاء.

وأخيرا فانه يجب ان يتوفر دعم شعبي واضح للحزم في مكافحة الارهاب وذلك في حراك جماهيري واسع تنظمه وتدعمه قوى وتيارات وطنية معادية للإرهاب، يسبقها اعتماد نهج يضع قضية التصدي للإرهاب في أولويات أهدافها فبدون الامن والامان لا مجال للحديث عن اي اصلاح اجتماعي-اقتصادي ولا مصداقية لأي من وعود هذه القوى الانتخابية. فالوطن يكتسب معانيه من المواطن-الانسان قبل كل شيء، ولا قيمة بعدئذ لكل الشعارات الوطنية الرنانة ما لم تكن حماية حياة الانسان في صلبها.

 



* مدير مركز تطوير وأبحاث - روسيا ألإتحادية
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter