|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 20/5/ 2012                                د. جاسم الصفار                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 


خاطرة بمناسبة إنعقاد المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي  

الأصالة

د. جاسم الصفار *
Jaaltimimi5@gmail.com

أعود بذاكرتي إلى ألعام 1973، حينها صادفت زيارة مشتركة للشاعرين ألفلسطينيين ألكبيرين توفيق زياد ومحمود درويش إلى موسكو. وبهذه ألمناسبة نظم ألطلبة ألفلسطينيون ندوة شعرية في جامعة ألصداقة، دعي إليها ألضيفان ألكبيران. وقد كان ألشاعر ألمبدع محمود درويش وقتها قد غادر إسرائيل بصورة نهائية وتوطدت علاقاته بقيادة منظمة ألتحرير ألفلسطينية أما ألشاعر توفيق زياد فقد كان متمسكاً بوجوده على أرضه ومواصلاً لنضاله في صفوف ألحزب ألشيوعي ألاسرائيلي. ربما لهذا ألسبب بالذات طلب ألمنظمون للندوة من محمود درويش أن يلقي كلمة ألإفتتاح متجاوزين بذلك ألرمز ألنضالي ألفلسطيني توفيق زياد.

توجه ألشاعر محمود درويش، بكل تواضع وأدب إلى ألمنصة وقتها، لا ليفتتح ألندوة بل ليقدم ألشاعر ألشيوعي توفيق زياد مثنياً على نضاله ونضال رفاقه ألشيوعيين وراجياً إياه أن يشرَف ألحضور بافتتاحه للندوة. وبعد أن ألقى توفيق زياد كلمة ألافتتاح معقباً إياها بباقة من أشعار ألمقاومة ألرائعة ، عاد محمود درويش إلى ألمنصة ليتحفنا بأجمل قصائده مبتدئاً برائعته "فلسطينية ألعينين". وقد أثارت إهتمامي وقتها مقاطع في هذه ألقصيدة ألجميلة، أتذكر منها (خيول ألروم أعرفها وإن يتبدل ألميدان....فبيض ألنمل لن يلد ألنسور وبيضة ألأفعى يخفي قشرها ثعبان....).

لا أدري لماذا تخيلت حينها أن محمود درويش كان قد إختار متعمداً هذه ألقصيدة بألذات ليعنونها إلى ألمناضل توفيق زياد ولكل المناضلين الشيوعيين الاسرائيليين، ليذكرهم بأنه ما زال على العهد (رفيقاً) وإن تغير (الميدان)، وأنه مازال يقارع نفس العدو العنصري الاسرائيلي، ألذي لم يتغير بألنسبة له بعد مغادرته لاسرائيل (فبيض ألنمل لن يلد ألنسور وبيضة ألأفعى يخفي قشرها ثعبان)

هكذا نحن، تمر ألسنين وتتغير فيه ميادين نضالنا ألفكري وألسياسي، إلا أن عدونا مهما تغيرت ألوانه وملامحه يبقى شاخصاً أمام عيوننا وفي أعماق ذاكرتنا. وتبقى عزيزة علينا تلك ألمدرسة ألتي بدأنا فيها أول خطواتنا في فضاءات ألسياسة وألفكر ألرحبة. بعضنا أعاد ترتيب ألأوليات لتتناسب مع ألواقع وتغيراته وألاخرين منا بقى مصر على تغيير ألواقع رغماً عن أنفه.

لقد ألقت الحياة بوجهنا، نحن جيل النصف الثاني من القرن العشرين، بوقائع جديدة ومتغيرات تضرب في عمق ألنظرية ألتي نؤمن بها وتمتحن خياراتنا. ومهما تنوعت ميادين نشاطنا ألفكري سواء كان ذلك في إطار منظومة ألأفكار ألشيوعية ألبلشفية أو ألاشتراكية ألديمقراطية فانه يتعين علينا جميعاً تعطيل آليات ألاستغلال في ألنظام ألاقتصادي ألاجتماعي ألرأسمالي منذ بدايات هيكلته وتطوره في عراقنا ألحبيب. ولا محالة من ألتصدي لأية محاولة للارتداد عن ألعملية ألديمقراطية وألعودة إلى جحيم ألدكتاتورية. ألمشتركات كثيرة في برامج وسياسات أليسار ألعراقي وألقوى ألعلمانية وألديمقراطية. أمام كثرتها تتضائل ألاختلافات وتنزوي ألخلافات ويبقى ألشعار ألموحد لنا جميعاً هو نفس ألشعار ألذي أطلقته طليعة أليسار ألعراقي، مدرسة ألنضال ألأولى، ألحزب ألشيوعي ألعراقي (وطن حر وشعب سعيد) تكون فيه ألأولوية لحرية ألوطن وألانسان وألرفاه ألاجتماعي.

وختاماً، ففي نفس ألسياق، أطلق ألأخ رزكار عقراوي على موقعه في (ألحوار ألمتمدن) في نهاية شهر مارس من ألعام ألجاري نداءاً إلى فصائل أليسار ألعراقي وعلى رأسها ألحزب ألشيوعي ألعراقي بلم ألشمل وألتمحور حول مشتركات جامعة. ولكن هذا ألنداء لم يتطور حتى من قبل مطلقه إلى مبادرة محددة ألمعالم. وهنا لا بد من ألتنويه إلى أن أي مبادرة لرص صفوف أليسار ألعراقي يجب أن تقوم على أرضية صالحة، قوامها من وجهة نظري، ألاعتراف بحق أي من فصائل أليسار ألعراقي في تبني ألبرنامج ألسياسي ألذي تراه مناسباً دون أن يقابل من ألفصائل ألأخرى بتهم ألتخوين أو ألارتداد أو أي من كليشات ألاتهام ألأخرى. على أن هذا لا يعني ألتخلي عن حق ألنقد ألموضوعي ألذي من شأنه أن يؤسس لتطور فكر وسياسة ألحركة ألاشتراكية في ألعراق....كما علمتنا ألماركسية



* مدير مركز تطوير وأبحاث - روسيا ألإتحادية
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter