|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  26 / 9 / 2016                                 جمال الخرسان                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



 الباحث يوسف ابو الفوز : على أوربا ان تعمل الكثير لاجل انجاز عملية اندماج حقيقية
وعلى الاجنبي معرفة واجباته قبل ان يطالب بما له من حقوق !
(*)

تصوير وحوار : جمال الخرسان
(موقع الناس)

في الاوساط الفنلندية ، الادبية والاكاديمية، صار اسم الكاتب الروائي العراقي يوسف ابو الفوز متداول كثيرا، وتتابع بعض وسائل الاعلام الفنلندية تصريحاته وتجري لقاءات معه للحديث عن محاور متعددة منها الاوضاع في العراق ونشاطاته الادبية والثقافية ، والاكثر بروزا في الفترة الاخيرة هي مجال عمله كباحث في جامعة تامبيرا الفنلندية، التي تعتبر واحدة من اهم المؤسسات الاكاديمية. حول موجات اللجوء الاخيرة ، سياسات الاندماج وما يجب على المهاجر ان يقدمه للمجتمع الذي يعيش فيه جاء الحوار التالي :

باعتبارك باحثا في جامعة تامبيرا الفنلندية في قسم الأنثروبولوجيا (علم الانسان) ، في موضوع التعدد الثقافي والمهاجرين في فنلندا ... هل تجد ورش العمل في مجال الابحاث والعلوم عن مشكلات الاجانب في فنلندا مفهومة وواضحة وتعالج بشكل علمي ام ان تلك الورش غير مطلعة بما يكفي على المشكلات التي يعاني منها المهاجرون؟
-
في السنوات الاخيرة يمكن القول ان هناك تقدم ملموس وملحوظ في هذا الامر، ارتباطا بظهور جيل جديد من الباحثيين الفنلنديين الميدانيين، ممن صاروا لا يكتفون بالجلوس في المكاتب، بل والعديد منهم يسعى بشكل جاد لتعلم اللغات الاجنبية وخصوصا الشرقية، ومنها اللغة العربية، والعيش والاختلاط مع المهاجرين واللاجئين وزيارة بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا، للتعرف عن كثب على الواقع الاجتماعي وجذور المشكلات الاجتماعية، من هنا القول اننا يمكن ان نأمل في المزيد من التطور والنجاحات في هذا المجال، وهناك امثلة مشرقة في استيعاب مشاكل المهاجرين وعموم الاجانب في فنلندا واروبا، تعكسها العديد من الدراسات والنشاطات الاكاديمية التي انجزت مؤخرا في فنلندا.

هل المؤسسات الفنلندية الرسمية وغير الرسمية ادت ما عليها في سبيل انجاح مشروع الاندماج ، وهل هناك ما ينقص جهود الجانب الفنلندي تجاه الاجانب؟
- للاسف ان عموم البلاد الاوربية، ومنها فنلندا، وخصوصا المؤسسات الرسمية، لم تنجح كثيرا في سياسة الاندماج، وابرز دليل هو عدد حاملي الجنسيات الاوربية من مواطنيها ،خصوصا من الشباب ومن مواليد هذه البلدان ، الذين التحقوا بالمنظمات المتطرفة والارهابية كالقاعدة وداعش. ان الاعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل بين الاجانب وتهميشهم سهل للدعاة المتأسلمين المتطرفين للنشاط بين صفوف الشباب خصوصا. ان سياسة التوطين على شكل "غيتوات" معزولة، ساهم في تقوقع الاجانب على انفسهم. ومن جانب اخر، أن سياسة الدول الاوربية في التعامل مع الجماعات الدينية، على اختلافها، على اساس كونها مؤسسات ثقافية، منحها فرصة استغلال ألية الديمقراطية الاوربية لمد نشاطاتها لامتلاك اماكن خاصة بها، بحجة انها اماكن عبادة ولاداء الطقوس، لكنها تحولت الى اماكن للتقوقع والتنظيم وللتثقيف الخاص ، سواء للتثقيف ضد المدنية والتطور الحضاري او للتنظيم لاغراض تكفيرية وجهادية، خصوصا تلك الاماكن التي تم بناءها بمساعدة أموال خليجية. في لقاءات عامة ولوسائل الاعلام ، اقول دائما للفنلنديين ان التعدد الثقافي لا يعني تذوقك للكباب والدولمة وسماع شريط موسيقي عربي او افغاني، انه يتمثل في سياسة اندماج حقيقية، في محاولة فهم ان المهاجر لايقطع تذكرة بأتجاه واحد، وانه يبقى مرتبطا بجذوره وثقافته، ومن هنا ضرورة دعمه للحفاظ وتطوير ما هو ايجابي وانساني في ثقافته الاصلية ومساعدته لامتلاك معارف وتجارب حضارية جديدة، ومنح عموم الاجانب ، والشباب خصوصا، المزيد من الفرص في العمل والتوظيف في مؤسسات الدولة ليكونوا جزءا منتجا ومثمرا من المجتمع، وزجهم في النشاطات والفعاليات ليس باعتبارهم ديكورا او رقما انتخابيا وانما جزءا من نسيج المجتمع . ان اوربا ما زال بانتظارها الكثير لتعمله لاجل انجاز عملية اندماج حقيقية.

وماذا عن مسؤولية الاجانب انفسهم في عملية الاندماج ؟
- نعم .. نعم ، شكرا للسؤال، ان المهمة هنا مشتركة تماما، فالاندماج مهمة متبادلة، وان الاجانب عموما مطالبين بأن يكونوا ايجابيين ومتسامحين في فهم متطلبات الحياة في هذه البلاد الاوربية المتطورة، ما داموا اختاروا بانفسهم القدوم اليها، فعليهم السعي لتعلم لغة البلاد واحترام قوانينها والسعي لاحترام ثقافة وعادات المجتمع. ان البعض من الاخوة الاجانب ، ومنهم العراقيين طبعا، يفهم الاندماج وكأنه التنكر لهويته الوطنية، وهو هنا يخلط بين ما نسميه "الانصهار" وبين عملية "الاندماج". ان الاندماج هو عملية طويلة وعميقة ولها عدة مراحل، واذ تحرص فيها على الحفاظ على الاساس الايجابي من هويتك وجذورك، يتطلب مراعاة قوانين وثقافة البلد الاوربي . وقبل ان تطالب بحقوقك عليك ان تعرف واجباتك اولا وعندها ستكون المعادلة متوازنة . ان فنلندا بشكل عام بلد يمكن للانسان فيه، ومهما كان عمره ، ان يبدأ حياته من جديد على كل الاصعدة . وبالتاكيد لا يمكن تحقيق كل شيء بسهولة ، خصوصا ان عموم البلاد الاوربية تعاني حاليا من ازمات اقتصادية وسياسية انعكست بشكل كبير على واقع هذه المجتمعات وافرزت ظواهر وقوانين غير معروفة قبل عقد من الزمان. ولكن عموما ان الاجنبي المهاجر واللاجيء عليه احترام المواطنة لهذه البلاد وان يكون مخلصا لها وعندها يمكنه المطالبة بحقوقه بصوت عال ويحافظ على هويته الثقافية.

في خريف العام 2015 وبسبب موجات اللاجئين حصل تضخيم اعلامي لبعض السلبيات، وبالفعل كانت هناك اساءات من قبل بعض المهاجرين... ذلك ما اثار الخوف عند الشعب الفنلندي على مستقبل ابنائهم ثقافيا، امنيا واجتماعيا... هل استطاعت الجهات المعنية بما في ذلك الاجانب توضيح الصورة وتعديل الموقف؟
-
يطول الحديث حول موجة اللاجئين الاخيرة الى اوربا وفنلندا ، ومن الضروري القول انها حصلت وفنلندا تحديدا لم تكن جاهزة لها، اذ وصلها العام الماضي اكثر من 32 الف طالب لجوء، بينهم اكثر من 22 عراقي ، وفنلندا كانت لا تملك سوى 25 مركز لاستقبال وايواء اللاجئين وهي لا تتسع سوى لاسكان بضعة الاف، ناهيك عن الحاجة الماسة لكم هائل من الموظفين والمترجمين والحراس والطباخين والممرضين الخ ، فدخلت البلاد بأزمة حقيقية . اضافة الى كون الحكومة التي امسكت ادارة الدولة بعد انتخابات نيسان 2015 ، جاءت الى السلطة بسياسة تقشفية نتيجة الاوضاع الاقتصادية المتردية للبلاد ، فمارست سياسة متشددة مع اللاجئين دوافعها اقتصادية اساسا. وللاسف ان الكثير من الاخوة من طالبي اللجوء، ومنهم اخوتنا العراقيين، كانت غائبة عنهم هذه الحقائق، فكانوا يريدون ان يحصلوا على كل شيء بسرعة، مثلما غشهم ووعدهم المهربون. يضاف الى ان الكثير من الاخوة طالبي اللجوء عاشوا حالة يمكن تسميتها "الصدمة الحضارية"، فالمجتمع الفنلندي قطع اشواطا بعيدة في تطوره الحضاري حتى مقارنة ببعض البلدان الاوربية . فمثلا شاب عراقي يحضر من بيئة محافظة ، ولم يسمع في بلاده امرأة تضحك في الشارع بصوت عال، ويجد نفسه يعيش وسط مجتمع يمنح المراة الحرية الكاملة والاستقلالية في الشخصية، فيسيء فهم ذلك والتعامل معه، فتحصل الكثير من الملابسات والاشكالات . في هذه الاجواء المربكة للجميع ، كانت المنظمات العنصرية والفاشية الجديدة تجد لها متنفس في النشاط ، وصارت تعتاش على اخطاء البعض من اللاجئين، فجرى التضخيم من حالات جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب التي حدثت فعلا، وجرى المتاجرة بأخطاء طالبي اللجوء الذين للاسف كان بعضهم يقوم بممارسات غير مفهومة الدوافع للفنلندي واحيانا مخجلة وتسيء لكل الاجانب . فتولدت ازمة وحالة من عدم الثقة اثارت موجة من الخوف والتردد والحذر بين الفنلنديين ، بحيث صار احيانا من الصعب امام الجهات المعنية بالدفاع عن الاجانب واللاجئين تفسير والدفاع عن ما يحدث . ومع ذلك فأن الجهات المعنية ، واقصد هنا المؤسسات الاكاديمية ، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان ومعها احزاب اليسار، قد بذلت الكثير من الجهود لايضاح الكثير من الحقائق ، من ذلك ان على الحكومة ان تكف من النظر لقضية اللاجئين من منظور اقتصادي بحت ، وانه من الخطأ التعامل مع طالبي اللجوء ككتلة واحدة ، ويجب تفهم الفارق الثقافي والاختلاف في المفاهيم وفهم القوانين . وتم مرارا وفي محافل اكاديمية ورسمية فنلندية انتقاد الصحافة الصفراء والمتاجرة باخطاء الاجانب وتضخيمها. كما قام الكثير من الباحثين والناشطين، من الفنلنديين ومن الاجانب، وتطوعا، بزيارة مراكز استقبال اللاجئين، وتنظيم لقاءات عامة للاجانب واللاجئين، للحديث عن الكثير من المشكلات واثارة النقاش حولها، لاجل توفير قناعات مشتركة تساهم في توفير بعض الاجابات للكثير من الأسئلة.

كيف يمكن للمهاجر ان يقوّي موقف الجهات التي تحرص على الدفاع عنه في فنلندا؟
-
هذه احدى الاشكالات الجدية التي واجهتها المنظمات والجهات المدافعة عن حقوق الاجانب ومنهم العراقيين . في الصيف الماضي ، نظمت جامعة تامبيرا ندوة خاصة عن تأثير الابحاث الاكاديمية على مراكز القرار، وكان لي شرف المشاركة فيها . ان تسعى الجامعة ، او اي جهة مستقلة واكاديمية لايصال مقترحات وافكار للجهات الرسمية حول قضية ما ، يتطلب توفير قناعات مختلفة امام الجهات المعنية بتنفيذ المقترحات ، منها شرعية وانسانية هذه المقترحات. ان الاجانب واللاجئين يمكنهم اساسا مساعدة انفسهم وذلك بأحترام قوانين البلاد ، ومحاولة تفهم ان هناك فارق ثقافي وحضاري كبير عليهم مراعاته. فمن الضروري التفكير في تنفيذ ماهو المطلوب من واجبات الى جانب المطالبة بالحقوق . فلا يمكن لاي جهة ان تعتذر عن مساعدتك اذا اقتنعت بشرعية حاجتك واهميتها. ولكن كيف تستطيع ان تكون اوراقك قوية وتدافع عن قضية ما حين لا يساعدك فيها صاحب القضية؟ ما معنى ان يحضر البوليس لفض اشتباكات بالايدي في حفلتين، في مكان مختلفين، في العاصمة هلسنكي، في نفس الاسبوع ، اقامها الاخوة العراقيين احتفالا بعيد الاضحى الاخير؟! وبفارق لايام قليلة تقام مباراة كرة قدم تنتهي بنفس الشكل؟ ماذا تنتظر من صحف التابلويد التي تنتظر هكذا اخبار لتكون على صفحاتها الاولى؟ اي صورة سترسم للعراقيين ولعموم الاجانب؟ سواء القدامى او الجدد ؟ أخبرني كيف يدافع ناشط فنلندي او باحث جامعي عن العراقيين وهو يتحدث مع شخص يمسك بصحيفة تحمل مثل هذه الاخبار؟ الان امامنا دعوة من وزارة الداخلية الفنلندية لاجتماع خاص، دعت له، عدد من الباحثين، من المهتمين تحديدا بالشأن العراقي، للتحاور معهم وتبادل وجهات النظر حول محاور معينة تخص موضوع اللاجئين، وساكون شخصيا معهم، واتمنى - من كل قلبي - في وقت الزيارة الا تكون على مكتب المعنين في الوزارة تقاريرا واخبار من مثل هذا النوع الذي ذكرناه. ان أهلنا يقولون ان الخير يعمم، وايضا ان الاخبار السيئة ايضا تعمم على الاخرين ويتضررون منها رغم عنهم !

ماذا تقترح على المهاجرين وخصوصا الجدد في اطار التفاعل مع هذا المجتمع واستثمار العديد من القنوات الهادفة فيه؟
-
من الضروري ان نفهم ان المجتمع الفنلندي مر بمراحل تطور عميقة ، وصارت له قوانينه وعاداته المختلفة، وفيها ما لا يتلائم مع عاداتنا وتقاليدنا ، فالمطلوب منا احترام اختلاف الاخر. فهم حقيقية ان الفنلنديين لهم ثقافة مختلفة تماما عنا ، فمثلا ان عموم الفنلنديين ، هم ناس محبون لان يكون لهم مساحة خاصة بهم، فهذا هو تكوينهم ، لذا مثلا تجدهم يجلسون منفردين في وسائل النقل العام ، وحين يتحاشون الجلوس الى الاخرين، حتى لو كان فنلنديا، لا يعني هذا موقفا عنصريا او كراهية، بقدر ماهو طبعهم . فعلينا ان نتفهم ذلك ونحاول التعايش والتكيف معه. وهذا لا يعني عدم وجود اشخاص مغرر بهم او واقعين تحت تاثير خطاب الكراهية او حتى يحملون مشاعر عنصرية ، ولكن بشكل عام ان الفنلنديين بقدر ما هم منغلقون على انفسهم، لكنهم اناس دمثون ومسالمون، ويمكن التحاور معهم بسهولة عند الضرورة ، وهذا يحتاج احترام عاداتهم ومعرفة لغتهم . ان الانخراط في المجتمع من خلال الدراسة والعمل سيفتح الكثير من المجالات امامنا لبناء علاقات طيبة مع اهل البلاد وبناء صداقات عميقة . وأن هناك العشرات من المؤسسات الثقافية والاجتماعية التي يمكن الاشتراك في نشاطاتها ومن خلالها يمكن بناء جسور لفهم هذا المجتمع وايضا تقديم صورة طيبة عن ثقافتنا ووطننا الام .

بطاقة الكاتب يوسف أبو الفوز
الاسم الصريح : يوسف علي هدّاد
مواليد السماوة 1956
ظهرت كتاباته الصحفية والقصصية في العديد من الدوريات والنشريات العراقية والعربية والفنلندية والكردستانية .
لأسباب سياسية، اضطر لمغادرة العراق صيف 1979، مشيا على الاقدام عبر الصحراء الى العربية السعودية ثم الكويت ، ثم اليمن الديمقراطية الجنوبية (عدن).
في الكويت للاعوام 1979ـ 1980 كتب في الصحافة الكويتية بأسماء مستعارة عديدة،وحرر عمود سياسي أسبوعي ساخر، ووقعه بأسم "أبو الفوز" الذي من يومها صار اسما فنيا له.
عاد الى الوطن، الى كردستان العراق عام 1982 والتحق بحركة الكفاح المسلح، مع قوات الأنصار الشيوعيين، لمقاومة النظام الديكتاتوري، حتى حملة الإبادة المسماة بـ"الأنفال" في صيف 1988، حيث بدأت رحلته مع التشرد والمنفى في عدة بلدان ، حيث اعتقل وسجن في بلدان عربية واوربية لعدم امتلاكه اوراق قانونية ثبوتية.
يقيم ويعمل في فنلندا منذ مطلع 1995.
عضو وناشط في العديد من المنظمات الثقافية العراقية والفنلندية .
نال جائزة الابداع الفنلندية السنوية لعام 2015 التي تمنحها المنظمة الثقافية للكتاب والفنانين الفنلندية المعروفة بأسم "Kiila"، مناصفة مع شاعر فنلندي ، ولاول مرة تمنح الجائزة لكاتب من اصول اجنبية .
في أذارعام 2016 ، في حفل تكريمي خاص، منحته مدينة كيرافا (ضواحي هلسنكي)، محل اقامته، راية المدينة، تقديرا لمجمل نشاطه الثقافي والاجتماعي، ولاول مرة تمنح المدينة رايتها لشخص من اصول اجنبية.
له عشرة اصدارات ادبية بين مجاميع قصصية وروايات، وفي عام 2000 صدر كتابه "طائر الدهشة" مترجما الى اللغة الفنلندية . وكتب واخرج للتلفزيون الفنلندي افلاما وثائقية عن العراق ، وله عدة اعمال معدة للنشر وقيد الاعداد .


(*) صحيفة العالم الجديد 26 ايلول 2016
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter