|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  23  / 5 / 2010                                 د. جمال العتابي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عبد الرحمن ... اًعتليت عرش المحبة

د. جمال العتابي *

اًبا عشتار .. اًشعر ان الاف المدن ، الاف البحار والانهر ، الاف الاشجار ، والفراشات والطيور تعيش في قلبك..
كنت قد صادقت الصمت ، منذ اللحظة الاًولى التي وطاًت فيها قدمك عتبة ( طريق الشعب ) و ( الرواد) .. في ملامح وجهك قصيدة جديدة ،منذ الخطوة الاًولى التي تمتد من ميسان الى (البتاويين) ، كنت قد فتحت قلبك ، فوجدنا انفسنا فيه ، كالماء الصافي .

من أي نافذة اًرنو للماضي ؟ من أي باب نمد يدنا للمستقبل ؟ كنا نود اكتشاف قارات جديدة ، ولكن اًين ؟ في الطرقات الدامسة، في حدائق (الرواد) وساحاتها .. في لوحات وتخطيطات .. رسمتها اناملك الرقيقة ؟ ..

ربما اًصنع بالكلمات شيئاً يساوي حزنك المعلق بالجدران .. كل جدران الطرق، في الغرفة الزجاجية الاًولى المطلة على ممر (الرواد) .. لم نحشر فيها،اًبداً انا ، وانت ، يوسف الناصر ، فلاح ، قيس قاسم ، مصطفى اًحمد ، سامي العتابي ، ليث الحمداني ، محمود حمد ، كنا نشعر حينها ان العالم كله يعيش ، بيننا ، ومعنا ، كنت تجمع الريح لتبني لك بيتاً ، مع ( عشتار) التي قدمت الينا مبكراً، خلاف كل زملائك الذين عزفوا عن الزواج ، واختاروا ( الصعلكة ) والسهر في الليل .. شئت لوحدك ، ان تعيش في عالم الاطفال والعرائس. مع فتاة تحلم بعيد .. لكنك لم تهنأ حتى بهذة الاًمنية ، لقد اغتالوها ، يا عبد الرحمن .. كل امسك بمعوله يهدم الحلم ، ولم تبق لنا عيون ..حين سافرت الى بلاد ( الارصفة) .. لم تفكر اولاً انك سافرت الى بلاد الحسناوات. اذ كانوا قد انهالوا علينا ضرباً بالمعاول...

كل الناس يموتون .. احرقوا الوطن ، وصار سجناً وبنوا على انقاضه وطناً اخر ، انتزعوا كل قلب .. فقتلك حبك للوطن ..

المؤسف ، ان الاشياء التي تبعث على الحزن ، هي وحدها التي تدعوني ان اتذكرك يا رحمن ... لم اتخيل في يوم ما انني ساًرثيك .. بعد انقطاع لثلاثين عاماً ، عشت فيها وحدك في الغربة ، فجاًة تظهر انت على واجهة الصفحات .. مبتسماً.. خجولاً ، رشيقاً ، ًانيقا ، صورتك هي نفسها التي اينعت غصناً في قلبي ، لكنها انطفاًت ، يا حسرتي ..

وها هي عشتار تفتح عقد ضفائرها .. وتمشط شعرها على اكتافك .. ترفرف معها العصافير المليئة بالاسرار .. اين هي الان ، ترى هل كبرت ، واصبحت امرأة كيف تحدق بالوجوه من بعدك ؟ كيف تلملم رسوماتك ولوحاتك واشياءك .. كيف تجمع قطرات المطر ، فوق وريقات علقتها في غرفتك ، وفي ( نفنوف) عشتار ، ملاًى بعطر العراق ، بعطرنا ، عطر اصدقائك.

ها انت يا رحمن احرقت مشاعل ذاكرتي.. لكنك اعتليت عرش المحبةً .

 

* كاتب عراقي




 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter