|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  15  / 11 / 2009                                د. جمال العتابي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اللهاث وراء المناصب والامتيازات

د. جمال حسن العتابي  *

أبرز مايميز المشهد السياسي ألان ، في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية سعي القوى السياسية إلى تحقيق الغاية الأهم في التمثيل البرلماني . بأي قدر ممكن لكسب أصوات الناخبين عبر أساليب ووسائل انتخابية متعددة ، بما يضمن الفوز بالمقاعد البرلمانية . لذا شهدت هذه الفترة تشكيل العديد من الكيانات السياسية باصطفاف وتحالفات جديدة شاركت فيها أطراف سياسية وأحزاب ومنظمات وقوى عشائرية ، ليست بالضرورة إنها متفقة بالرؤى والمنطلقات الفكرية والسياسية باستثناء الاتفاق على برنامج انتخابي غير واضح المعالم لحد الآن ،

لقد وجدت العديد من القوى والشخصيات السياسية . إن من ( مصلحتها ) أن تسرع باللحاق بهذا الكيان أو التجمع قبل أن تخسر فرصتها التاريخية بخوض الانتخابات

ليس هناك ثمة مايدعو للقلق حين يرى المرء إن هذه القوى تمارس حقها الطبيعي في التحالف أو الاختلاف ضمن أجواء ديمقراطية سليمة . وان تلتقي مع بعضها على صيغ عمل مشترك . وليس هناك مايمنع هذه الأطراف كذلك بتحديد اتجاهاتها

نحو الغايات والأهداف الوطنية أو في اختياراتها بالأطراف التي تتحالف معها أو تختلف .

ولقد شهدت التجربة العراقية على قصرها ملامح واضحة من هذا السلوك السياسي المشروع الذي يؤكد حق القوى والسياسيين في الاختيار والموقف . بما تمليه مصلحة الوطـن والشعب .

الا ان الظاهرة اللافتة للانتباه ،

إن هذا المشهد أفرز حقائق أخرى ضمن هذا الحراك السياسي . أولها كما اعتقد هي هشاشة التيار الوسط المعتدل أو هامشيته ،وضعف دوره السياسي في التأثير على الحياة السياسية لأسباب عديدة .

فمنذ سقوط الديكتاتورية في عام 2003 كان المواطن العراقي يتطلع بأمل إلى العديد من القوى والشخصيات التي قدمت نفسها بأنها تمثل تياراً ديمقراطياً قادراً على العمل في ظل أجواء مختلفة لاتخضع لحسابات طائفية أو قومية وتمكنت هذه القوى أن تحظى بقدر جيد من الاحترام والقبول في الشارع العراقي غير المنحاز لطرف يحمل سمات التخندق الطائفي أو الأيدلوجي ، وهذا القدر مكن هذه الأطراف من أن تكسب مواقع ومناصب حكومية رفيعة في الدولة . والبعض الآخر حقق نجاحاً واضحاً في الانتخابات البرلمانية السابقة لأنها تنتمي إلى مايسمى بالتيار الديمقراطي المستقل . والإنسان العراقي كان يحدوه أمل كبير ان يؤسس هؤلاء بصدق حقيقي لمشروعهم الوطني ويوفروا أسباب اكتمال نضجه وازدهاره بعيداً عن المصالح الخاصة . والأنانية الضيقة . التي تضع مصلحة الوطن غايتها الأولى .

لكن من المؤسف جداً. ان هذه القوى ومن يمثلها لم تضع في حساباتها هذه المصلحة أولاً . ولا التفكير بمستقبل العراق السياسـي . فسارعت للانضمـام إلـى كيانات كبيـرة لتضمـن ( الفـوز) بمقعـد برلمانـي . أو حكومي وتخلـت عـن ( مشاريعها الديمقراطية ) بسرعة من اجل الظفر بهذه ( الغنيمة ) .لأنها واثقة تماماً إنها ستخسر (المستقبل) كما خسرت حاضرها وماضيها الذي خدعت به نفسها اولاً . وخدعت الآخرين طيلة عقود من الزمن . إن بعض تلك الشخصيات حتى وان شاخت وهرمت ، لاتريد أن تغادر الساحة السياسية . وتسعى بكل الأساليب أن لاتخسر امتيازاتها التي حققتها بالكذب والنفاق ، وهي وان جملت صورتها وحاولت أن تزيل تجاعيد الزمن عن وجهها بصبغ اللحي والشوارب ، فهي لن تتمكن أبداً أن تخدع العراقيين مرة أخرى من إنها ستكون المشروع البديل لعراق المستقبل . ولا يمكنها كذلك إن تقنع الناس البسطاء . بالمبررات الساذجة التي قدمتها من انها ستتمكن من (خلخلة) الكيانات الكبيرة ، باعادة النظر بميزان لكي تعيد حساباتها وفق هذا ( الواقع ) .

فهذه الكيانات لم تعد بحاجة إلى ( دماء فاسدة ) جل اهتمامها انتهاز الفرص والسعي للحصول على المال . والامتيازات التي منحها لهم شعب انطلت عليه هذه اللعبة السمجة التي مارسها ساسة محترفون ، يجيدون المناورة ، والقفز ، وحرق المراحل ، واللعب ، والمكر ، واقتناص الفرص ، والصيد السميـن .

فهذه الأسماء لم يعد أمامها سوى هذا الخيار . فالزمن يمضي . ومساحة الأمل تضيق بتلك الأصوات التي شرّعت للنفاق والانتهازية وأدلجت لمشاريع ( ديمقراطية ) وهمية وكاذبة لاأساس لها . وحسناً فعلـت . إنها كشفت عن نفسها .
 

* كاتب عراقي



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter