|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  20 / 1 / 2016                                 جلال رومي                               كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العميل المدّعي والملازم المتهم

جلال رومي ( أحمد عرب )
(موقع الناس)

هذه حكاية من حياة الأنصار اكتبها لأول مرة ومن الذاكرة فقط ، فارجوا من الأنصار الذين عايشوا الأحداث التصحيح أو الإضافة.
سأكتب عن قضية لم يطلع عليها الكثيرون وسوف أحاول أن اسردها: !!!!!!!

كنتُ احد أنصار سرية شربازير التابعة إلى البتاليون التاسع صيف عام 1982
استدعاني أمر البتاليون (ن . هو) على عجل وطلب مني ان اذهب مع الرفيق دكتور دلير وبدون ان يعرف بذلك أي رفيق من الأنصار بتلك المهمة، والتي كانت إلى قرية (عه زبان) من اجل علاج احد رفاق تنظيم الداخل بسبب إصابته بطلق ناري في صدره في مدينه السليمانية وقد أخبرونا منْ هو وفي اي بيت راقد، من الاسم عرفت من هو هذا الشخص المقصود حيث كان يتردد بين فترة وأخرى على مفارزنا ويلتقي ببعض الرفاق المسوؤلين ويعود ثانية إلى المدينة على عجل، ونادرا ما يقبل المبيت مع الأنصار، كان اسمه (هيرش جاو شين) شاب جميل وطويل، عيونه زرقاء، ومن عائلة تحسب على ملاك الحزب, حملنا الحقيبة الطبية وتحركنا على عجل وبعد ساعتين وصلنا لتلك القرية حيث أن أهلها هم من أصدقاء الحزب ولعدد من رفاقنا أقارب فيها، كان الرفيق الدكتور يحدثني عن بطولات هذا الشخص ، وشخص صغير أخر اسمه حمه بچكول مستفيدا منه للمساعدة عند قيامه بالعمليات العسكرية ضد النظام في داخل مدينه السليمانية.. وللحق کنتُ الذي اسمعه عن هذا الرفيق شيئا لا يصدق فهو رجل أسطوري . وصلنا البيت المطلوب وخوفنا ان يكون الرفيق قد فارق الحياة قبل وصولنا لأنه مصاب بطلق ناري في صدره، ولكننا تفاجأنا حين رأيناه يستقبلنا بباب البيت ويقول لا تخافوا فجرحي بسيطا، استلقى على الفراش وحين فحص الدكتور الجرح، أتضح أن العيار الناري دخل من أعلى صدره وخرج من أعلى البطن دون ان يمس أي جزء من الأحشاء الداخلية إذ أن الطلقة عملت ممرا لها، فعندما سكب الدكتور المادة المعقمة من أعلى الصدر نزلت من أعلى البطن فأي صدفة هذه، أم ربما القدر أراد له ان يعيش , الدكتور طمأنه وطمأننا بان حالة الرفيق لا تثير القلق واتخذ الإجراءات الطبية اللازمة لذلك. بتنا تلك الليلة معه وحدثنا بما جرى فقال (انه تعرض لإطلاق ناري من احد عناصر الحزب الاشتراكي تنظيمات الداخل وللتوضيح (فرقة اغتيالات) حيث كان في مكان أعلى مني وكان يحسبني من رجال مخابرات السلطة) ,

عند معرفه الرفيق أمر البتاليون بتفاصيل الحادث، سارع بإرسال برقية للحزب الاشتراكي محتجا على هذا العمل المتهور لتعريض حياة احد رفاق تنظيم الداخل للخطر ووجوب اتخاذ الإجراء اللازم لعدم التكرار,الرفيق الجريح بصحة جيدة ويعتزم الرجوع للمدينة للقيام بمهام جديدة وحدثنا عن عملية قام بها داخل المدينة حيث ادعى أنه قتل جنديان و حصل على بندقيتين كلاشنكوف كغنائم وإحدى هاتين البندقيتين كان يحملها الشهيد أشتي والذي استشهد هو وعددا من الرفاق في ربيع نفس العام قرب مجمع كاريزه ، فأي بطولة هذه واي صدفة سوف يفرح لها الجميع؟ ومن سيحمل بندقية الرفيق البطل أشتي؟ كأننا في حلم، شئ لا يصدق حقا، سألته أين البنادق فقال لي في الجنطة الخلفية للسيارة حيث أوقفتني مفرزة مرور واخذوا السيارة لان السيارة لم تكن مفحوصة لهذه السنة والسىلاح في مكان أمين في الجنطه وهي مقفلة والمفتاح معي، وسوف أرسل السيارة للفحص وبعدها سأجلب البندقيتين لكم فلا خوف , رجع الرفيق في اليوم الثاني بعد ان اخذ العلاج وكنا قلقين على هذا البطل الأسطورة بعد حوالي أسبوع جاء مره أخرى وبشكل ما يشبه السري وسلم البندقيتين إلى أمر البتاليون وكانت بندقية الشهيد من ضمنها كنا نعرف مواصفاتها و وجدنا أثار رصاصتان موجود على جسم البندقية وحزامها وكان كل ما قاله صحيحا بدو ن مبالغة.

كان هذا الرفيق يتردد بين فترة وأخرى على المفارز الأنصارية ولكن الأخبار التي تصل إلينا من عوائل رفاقنا في مدينة السليمانية تطلب من الحزب عدم الثقة بهذا الشخص ولكن لا أحدا يستجيب، الدلائل الكثيرة التي يحملونها معهم تؤكد أن هذا الشخص خائن، لهذا أصبح هناك تناقضا وصراعا بين منْ يعتبره خائنا ومن يعتبره بطلا.

في خريف 1982 جاء من المدينة مدعيا بأن الظروف الحالية غير مناسبة لوجوده بالداخل فاضطر للالتحاق بمفارز الأنصار وأصبح حينذاك أمر فصيل مقر البتاليون وبسلطة استثنائية لكونه بطلا، ليس لرفاق سريتنا علاقة به ورفاقنا من أهالي السليمانية مثل الرفيق عمر حامد أمر السرية والرفيق عطا وماموستا خالد لا يثقون به ويحذرون منه، وقد حذروني منه بشكل خاص خوفا على أهلي في بغداد , في بداية خريف 1982 كانت هناك أوامرٌ بقيام سريتنا وفصيل مقر البتاليون للقيام بعمل مشترك وهو نصب كمين يتشكل من مفرزة كبيرة على الشارع الرابط بين محافظة السليمانية وناحية عربد مهمتها تفتيش هويات ركاب السيارات وتوزيع بيانات الحزب وجمع التبرعات للأنصار، ويبدأ العمل بعد الساعة الرابعة عصرا اي بعد انسحاب مدرعات حماية الطريق
.
العملية تحتاج إلى عدد كبير من أسلحة الإسناد من قاذفات صواريخ ورشاشات لان المنطقة قريبة جدا من السليمانية والمعسكرات وهذا الطريق حيوي جدا فالسيارات القادمة من بغداد عن طريق دربندخان تمر منه والقادمة من حلبجة وسيد صادق تمر منه أيضا ..... ,كان عددنا تقريبا الخمسين نصيرا وكلهم رفاق إبطال ومستعدون لتنفيذ أي عمل يـُطلب منهم، سريتنا كانت بقيادة الرفيق عمر حامد وفصيل المقر بقيادة رفيق ملازم من مكتب البتاليون وأمر الفصيل هيرش جاوشين وزعنا المهام وكل رفيق يعرف مهمته، أنا كمسؤول سياسي اخترت مجموعة رفاق لهم إمكانيات جيدة بالثقافة والسياسة وقادرين على إيصال سياسة الحزب للجماهير ويجيدون اللغة العربية والكردية وأنا كنت معهم وأتذكر منهم الرفيق دلشاد (دلير جلال) (والرفيق ئارام مصطفى) ,واعتذر من الذين لا أتذكرهم، أوقفنا عشرات السيارات ووزعنا أدبيات الحزب وجمعنا تبرعات كنا بحاجة ماسة لها وشرحنا سياسة الحزب كان عملا رائعا ومنظما من قبل سريتنا , أما فصيل مقر القاطع فقام بنفس العمل ومن خلال إحدى النساء في إحدى السيارات أرشدت الرفيق الملازم على وجود ضابط مخابرات في الباص الذي صعد الرفاق إليه وبالفعل القي القبض عليه وانزل من السيارة وهنا بيت القصيد حيث تدخل هيرش جاوشين لإطلاق سراح الضابط وجرت مشاحنة لم نتدخل نحن بها لان المسألة تخص فصيل المقر ادعى هيرش بان هذا الضابط من أصدقاء الحزب ويساعدنا كثيرا وأصر على ذلك ولغرض التغطية على ذلك قام بإثارة موضوع يغطي على عمله، فقد ادعى بان الملازم تحرش بإحدى النساء في إحدى السيارات وقد أبلغته، بذلك، أخيرا انتصر هذا الخائن وأطلق سراح ضابط المخابرات ونجح بتشويه سمعة احد الرفاق ,وللعلم كان كل واحد منا إصبعه على زناد البندقية ولا مجال لنا ان نهادن مع اي من كان.

رجعنا إلى أماكن عملنا ومرت الأيام، وإذا بهذا المدعو هيرش يدّعي استغلاله للعفو الحكومي ليذهب مرة ثانية إلى المدينة وقبل أحداث بشتاشان وبعدها كانت تصل إلينا أخبار ممارسات هذا الخائن ضد عوائل رفاقنا فقد أذاقهم عذابا حتى وصل به الأمر بأن ألقى قنبلة يدوية على بيت عائلة احد رفاقنا، مع كل هذا وكان هناك من يدافع عنه ,كان الرفيق ابو تارا على علم بما يجري وقد حاول استدراجه إلى مناطق تواجدنا فكان يتحجج بعدم قدرته الوصول إلينا حتى لا ينكشف أمره، كان يعرف جيدا سبب استدعائه ويعرف جيدا ان رفاقنا في المدينة سوف لن يتركوه دون عقاب فلذلك اختار وبالتنسيق مع والده ان يأتي مع والد الشهيد ياسين في 1983 وبالضبط في شهر أيلول وبعد معركة سوليميش بيومين اي 27/9/1983 أرسله والده مع والد الشهيد البطل ياسين والذي استشهد في معركة سولميش وطلب منه ارجاعه معه فتعهد ابو الشهيد ياسين (حاجي محمد) بارجاعة معه إلى السليمانية وبالفعل جاء والتقى بالرفيق ابو تارا وكان ابو تار يعرف بالتفصيل إعمال هذا الخائن وعلى مضض اضطر بتسليمه لأبي الشهيد ياسين بعد ان بصق بوجهه وحذره من اي عمل يؤذي الحزب وعوائل الرفاق ومرت الأيام وبعد انتفاضة كردستان المجيدة وبعد العثور على ملفات المتعاونين مع النظام الفاشي نال عقابه الذي يستحقه.

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter