|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  9  / 3 / 2016                                 جاسم المطير                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

رسائل جاسم المطير (60)

جاسم المطير
(موقع الناس)


انتفاضة الطلبة وانتفاضة البوّابة..!

كل العراقيين يعرفون أن الحركة الطلابية العراقية تتميز بموكبٍ وتاريخٍ لا ينتهيان في انتفاضات الشعب العراقي.

في نفس الموكب والتاريخ منح طلبة جامعة المثنى أنفسهم إرادة حرة، نادرة وكريمة، في زمانٍ عراقيٍ مليء بالألم والعجز والغضب.

انتفضوا ،ببراعة، ضد الظلم اللاحق بهم من وزارة التعليم العالي، ثم انتفض طلبة جامعة الكوفة وجامعة كربلاء مؤيدين لهم ، عارضين مطالبهم الجامعية الخاصة ، بذات الوقت .

ربما تنتفض حركات طلابية في جامعات أخرى في بغداد والبصرة والناصرية وغيرها ضد وقائع وممارسات بوليسية وعدوانية وضد الإرهاب والاعتداءات والسأم . ربما نرى في يوم جمعة قادمة طلبة نازحين يشاركون انتفاضة الطلبة العراقيين المخذولين بجريمة احتلال مدنهم وجامعاتهم من خنازير داعش.

الطلبة المنتفضون وجدوا أنفسهم مهمشين بعيني وزيرهم حسين الشهرستاني المعروف أنه من نوع الحكام، الذين ينظرون الى الطلبة باعتبارهم أولاداً مشاكسين وليسوا طلاب علم.

على نحو جماعي ،محتوم وحاسم، قام طلبة جامعة المثنى بتلقين الوزير حسين الشهرستاني درساً، جاداً وجريئاً، مصحوباً بضجة مصورة من قبل المراسلين التلفزيونيين والصحفيين.. إنه درس طلابي جديد يضاف الى انتفاضات الطلبة المشهورة عام 1968 في باريس وبراغ ويوغوسلافيا وامريكا ودول اسكندنافيا. كان لتلك الانتفاضات تأثير كبير على تغيير سياسة الدول العالمية.

وزير التعليم العالي (الدكتور حسين الشهرستاني) مثل سابقه من الوزراء التوتاليتاريين. رجل مغرور، متزمّت، لا يملك تفكيراً عصرياً، بل ينطلق من أفكار ومواقف تقليدية ، من مبررات وتفسيرات ليست علمية، مثلما كانت مواقفه وخططه حينما كان وزيراً للنفط مثيراً للجدل و للهجاء المأساوي بتقييد ثروات الوطن بأسلوب (جولات التراخيص) الخرافية. هذا الوزير مغمور بهالة الإعجاب بنغسه منذ توليه المناصب العليا في الدولة العراقية، بينما اثبت الواقع الفعلي أن الأخطاء الكبرى بمستوى (الكبائر) عشعشت وتعشعش في وزارتين سياديتين (النفظ والتعليم العالي) صنعها بنفسه وبعدم اصغائه لصوت العقلانية.

منذ عام 2003 لم يعمل أي وزير من وزراء التعليم العالي على تحقيق الإرتباط والتواصل بين (العلم) و(المجتمع). لقد تجاوز الوزراء ومنهم حسين الشهرستاني وقبله علي الأديب على الإلتزام العلمي و الثقافي داخل اروقة الجامعات، حتى صار الوزير هو (الطوطم) المسيطر دينياً على عقول ملايين الطلبة..!

أصبحت اغلبية الرئاسات الجامعية عنصراً من عناصر تفكيك الروبط الاجتماعية داخل الحرم الجامعي، من خلال هيمنة الوزير الشهرستاني، على سياسة وخطط الوزارة في البناء والمقاولات ، لضمان قيم ومصالح مجوعته النفعية من الرأسماليين الاسلاميين الجدد، الذين عملوا على تغييب الوعي الديمقراطي و التضامن الاجتماعي داخل الجامعات وغيبوا العواطف الوطنية المشتركة بين الطلاب.

لم يعد الوزير حسين الشهرستاني طيلة عام ونصف يلتفت الى واقع الحال بالنسبة لمشاكل الطلبة والاساتذة مما تمخض عن قيام الانتفاضة الطلابية في جامعة المثنى بوجه زائرها الوزير الشهرستاني، الذي لم يفهم ،حتى الآن، ولا يريد أن يفهم إيقاع الحياة الجامعية المعاصرة، الرافضة لكل شكل من اشكال الايديولوجية الشمولية ولكل الخصومات الشخصية والتوترات المذهبية.

مارس طلبة جامعة المثنى فعلاً ديمقراطياً واعياً في توقيتٍ ملاءمٍ مع المطالبات الجماهيرية الاصلاحية في عموم المدن العراقية، التي تعاني بنيتها الادارية من نماذج مختلفة من الفساد والفاسدين، مما جعل (المظاهرات الطلابية) بداية حقيقية لـ(انتفاضة البوّابة) التي بدأت يوم الجمعة 4 – 3 – 2016 حين طوّق مئات الآلاف من المتجمهرين المتظاهرين بوّابة المنطقة الخضراء كعنصر من عناصر الضغط على الطبقة السياسية الحاكمة، التي زعزعت البنية الاجتماعية والاقتصادية والمالية خلال 13 عاما من هيمنتها على مقاليد الحكم لم تنتج للشعب العراقي غير توابيت الموتى والشهداء بفعل اعمال الارهابيين القتلة، التي حوّلت العراق وحضارته إلى ركام وخراب واشلاء وضحايا ، في وقت نخر الفساد المالي والإداري أغلب القيادات السياسية الحاكمة في بغداد والمحافظات.

انتفاضة طلبة المثنى بوجه الوزير حسين الشهرستاني هي من أكثر الانتفاضات الطلابية نضجاً من الناحية السياسية، خاصة بعد تلاقيها مع التظاهر الجماهيري الواسع في ساحة التحرير وعلى بوابة المنطقة الخضراء.. إنها حركة جماهيرية أفقية تشق طريقها في الشارع العراقي لتصنع مشهداً جديداً في العراق بصورة مبتكرة ، طليعية وأخّاذة ،شكّلت بداية التواصل الجماهيري بين انتفاضة بغداد وانتفاضة المحافظات.

الانتفاضة الجديدة (انتفاضة الجامعة والشارع) هي بداية النهاية الواضحة والصريحة للنظام السياسي، الشاذ والغريب، الذي لا يمتلك شيئا غير وضع يديه على المقبض والمزلاج لنظام الفساد المالي والاداري.

ثمة علاقة وثيقة بين (انتفاضة الطلبة) و(انتفاضة البوّابة).. إنها المستوى المطلوب للسير في طريق انتصار إرادة الشعب العراقي حين تتحد المعارف والعلوم والكتب الجامعية والمدرسية مع أصوات وأماني الجماهير الكادحة يوم الجمعة القادمة في شوارع بغداد.

هذه الوحدة هي مادة كتابة تاريخ العراق الجديد .
 


بصرة لاهاي في 6 – 3 – 2016




 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter