|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  3  / 5 / 2017                                 جاسم المطير                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 
 

 


الرؤساء الثلاثة منافقون ..!

جاسم المطير
(موقع الناس)

استولتْ عليّ وعلى الكثيرين، نوبة من الدهشة حين قرأت في الصحف اليومية، البغدادية ، الصادرة يوم 2 ايار ان الرؤساء الثلاثة فؤاد معصوم (رئيس الجمهورية الاتحادية) وحيدر العبادي (رئيس الوزراء) وسليم الجبوري (رئيس مجلس النواب) قد وجهوا نصوصاً بيانية أو برقية لتهنئة العمال العراقيين بمناسبة عيدهم التاريخي العالمي.

ثم قرأتُ ان ثلاثة رؤساء آخرين هم: اياد علاوي، رئيس الوزراء الاسبق ونوري المالكي رئيس الوزراء السابق ومسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان، السابق والحالي، كلهم، نظروا الى السماء العراقية الغائمة فاختلطت افكارهم بافكار طارئة لمناشدة ابناء الطبقة العاملة ، ايضاً.

مرّت عليّ وعلى جميع القراء و جميع عمال العراق - لحظة قراءة البيانات الرئاسية - أسئلة الشك والريبة :
هل يعرف الرؤساء الثلاثة او الستة حال العمال العراقيين وحال البؤس في عائلاتهم واطفالهم الغارقة بالدموع ..؟ هل يعرفون محتوى مطابخ الكادحين .. هل يعرفون انفعالات العمال الجامحة بكل يوم من ايام السنة بدءاً من الأول من أيار واكثرهم عاطلين .. هل يعرفون ان غذاءهم بلا لحم ولا خل ولا خس ولا طماطم ولا بيض ولا عصائر ولا دجاج ولا اسماك ولا طيور من ذوات الريش الاحمر والابيض ، كما هو حال مطابخ القصور الرئاسية بالمنطقة الخضراء حيث الاغنام خانعة مذبوحة وحيث الامخاخ والالسن والخصي والسباكيتي مسحوقة في ايام الاعياد وغير الاعياد ..؟

ضحك الكثير من العمال في يوم الأول من أيار ضحكة عصبية ، فاترة وعابرة، إذ ادركوا، بنفس اليوم ، ان هذا الاختراع الرئاسي في بيانات التهنئة لا يمكن ان يكون غير بضاعة محمولة على ظهر كلمات شكلية لبيعها بالأسواق السياسية العراقية .

الواقع الفعلي يشير بوضوح تام منذ نيسان 2003 وما قبله ان العمال وحتى الفلاحين لا وجود لهم في عقول القادة السياسيين المسيطرين على الدولة العراقية، بل اصبح الرؤساء وجميع المتنفذين ينظرون الى حقوق العمال والفلاحين وجميع الكادحين كما ينظرون الى قياطين احذيتهم ..!

طبقة العمال اصبحت تسمية غريبة على آذان الرؤساء العراقيين.. لا يعرفون شيئاً عن احوالهم البائسة ،حيث لا يوجد أي ممثل للعمال في مجلس النواب ولا في مجلس الوزراء ولا في مجلس الرئاسة .

الرؤساء لا يعرفون شيئا عن آمالهم واحلامهم في زيادة رواتبهم وتحسين معيشتهم، لا يعرفون شيئا عن آلام الملايين من العمال العاطلين، لا يعرفون عن الجرذان والفئران المعشعشة في مساكنهم وبيوتهم المزرية تعيش مع اطفالهم، لا يعرفون شيئا عن مهنة اطفال العمال بعد ان تركوا المدارس والتيه بالشوارع كسبا للعيش. باختصار ان الرؤساء لا يعرفون كيف يحيا العمال وكيف يموتون..

الرؤساء حاولوا، كعادتهم، ان يصعدوا الى فوق أسرتهم بليلة عيد العمال ، بعد كتابة بيانات الانتهازية والنفاق.

ما زالوا يظنون ان قاطرة النفاق الاجتماعي والنفاق السياسي، الراكبين فيها تحتاج بين آونة واخرى الى نوع من الدهون لتحريكها الى امام رغم ان سكة الحديد مطعطعة ومستهلكة.

كان يوم الاول من ايار مناسبة ممتازة عندهم لوضع الدهون في ماكنة قاطرتهم بمناسبة عيد العمال العالمي ظناً منهم ان بياناتهم هي نوع من أفضالهم ومكارمهم (عيدية..) يمكنها ان تسكت نقيق الجوع في بطون العمال العاطلين واطفالهم.

البيانات المنافقة الكاذبة ، ايها الرؤساء، لا تستطيع ان تحسم عزلتكم عن الكادحين والعمال العراقيين وان تجاربكم الانتهازية – السيكولوجية في الامور السياسية لا ترفع عزلتكم عن العمال والفلاحين وكل الشعب ، مهما قلتم بالمناسبات الخالدة وغير الخالدة ، لأنهم يعرفونها انها كاذبة .

أولئك الآلاف من ابنائهم من خريجي المدارس والجامعات صاروا كناسين وحمالين.. آلاف آخرون وضعوا شهاداتهم الجامعية خلف الاكشاك والبسطيات، التي يقتاتون منها ادنى وسائل العيش والحياة ولا يحصدون غير اشواك سامة ، كل يوم.
بياناتكم، ايها السادة الرؤساء، سقطت على الارض تحت اقدام العمال البائسين بيوم عيدهم العالمي.
اختفى محتواها المنافق عن انظارهم بعد ساعات من نشرها، كما ستختفون انتم بعد حين كحجر ملقى في بحر السنين.

العمال العراقيون، أيها الناس ، جميعاً ، أيها الرؤساء والمرؤوسين، جميعاً، يحتاجون في عيدهم العالمي بداية حقيقية الى تحريك ارواحهم واياديهم واجسادهم كي تشدو افواه الملايين من اجل امتلاك حديقة زهور العدالة الاجتماعية في أدنى مراحل الوصول الى مرفأ الاشتراكية.

 

بصرة لاهاي في 2 أيار



 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter