|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  19  / 6 / 2020                                 جاسم المطير                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

زفزفات الفانتازيا و ألوان زخارفها في اشعار مظفر النواب..
(
8)

جاسم المطير
(موقع الناس)

الصلة الإيجابية بين الانسان و الانسان في اشعار مظفر النواب
مظفًر النواب يملك لغة شعرية دائرة في قلبه و في صوته و على صفحات أوراقه. تنطلق من صدره، بقوة ، ترعب كل لئيمٍ من لؤماء اعداء الشعب و الحرية و ثعالبها الخاتعة . يبحث ، دائماً، عن اكتشاف الفرق بين ( الصراخ الهادر) و ( الصوت الأليم ) في قراءة قصيدتِه بعفةِ حديثِ الطيور، المتحابة، القادرة على التفريق بين الوقوف على اعلى النخيل او في أسفل العجوة. لا يحب ان يكون بموضعٍ واحدٍ . مبدأه يقوم على : أن من يبحث عن الطريق عليه ان يتحرّكمن مكانه و ان يفصح عن هديرِ القول و الفعل .

لا يتعجرف مظفر النواب ، في قصائدهِ، إلّا على الظالمين من حكامٍ لهم ميزة التعجرف و سوء اعتقاد . حتى أعداءه يأتيهم ناصحاً، بل ربما يذهب اليهم دمثاً .

لا نجد في قصائده اي بيت من أبيات شعر خادجٍ . كل بيتٍ يولد بتمامِ معناه ، كل فكرةٍ جاءت في قصيدة (الريل) انما جاءت بموضعها الواضح . اي انها لم تمد ذراعها اكثر مما ينبغي . حين يتحدث عن القلب الحي ، و قد الف الحيوية بافكاره الشعرية بطريقة إتمام كمال البيت الشعري الواحد او المفردة الشعرية الواحدة لا شيء شعري يجزيء وحدة موقفه ولا شيء يمزق مصير فكرته لا شيء يمنعه من قول الحقيقة كاملة اننا نرى كل ذلك صريحا و خفيا بعقيدة بيته الشعري الواحد مثل :

( يا ريل بالله بغنج
من تجزي بام شامات
لا تمشي مشية هجر
قلبي بعد ما مات ..
)

هنا ، ثلاثية هموم ، ترتقي بحدثٍ من احداث (الريل) الى مستوىً انسانيٍ رفيعٍ: (1) الغنج و(2) الهجر و (3)القلب الحي. انه نظامٌ شعريٌ من نهجٍ يؤلف بين الحرية الإنسانية و الطاقة الانسانية و المعرفة الإنسانية .

اي حب ضخم هذا ألذي يرضى بفاتحة الهجر .. لكن جرأته تتكامل بالقول ان القلب العاشق ما زال حياً و عظيماً. انه قلب واسع لا يثلمه مرور قطار الحبيبة على قرية ام شامات . ما زالت القرية باقية ، طولاً و عرضاً، في مقصودها الجافي ، لكنه غير المنكسر . ربما مدّت هذه الذاكرة ضوء سراج ، طولاً و عرضاً، من عربة القطار، السريع في مشيته، ليشم تراب قرية (ام شامات) حين يمر بها.

هذا هو مذهب الإخلاص الاعلى في الحب. او ان بديع الكلام في هذه القصيدة كان يستقصي عن حالتين ، مضمونين ، في الحب ؛ الاول يتطابق مع الجزئية . الثاني يستقرئ الكلية الاخلاقية . الجزئية ، المصاغة، هنا ، هي ( هجرة الحبيب) بينما الكلية المصاغة ، هنا، اعتراف الحبيبة بأن قلبها، قلب الحب ، لا يموت. ان قصيدة (الريل و حمد) مجلس فيها المستبد ( الحب) و فيها الاستثنائي (الهجرة).

هكذا يتمثل الشاعر مظفر النواب ، نفسه ، متحملاً صحبة هذه الثنائية العاطفية ، في علاقته بالوطن . حيث حُرِمَ من الرعوية الوطنية من قبل تاريخية السلطات العراقية، منذ خمسينات القرن العشرين ، حتى اليوم ، اذ يعيش في مهجره القسري من دون ان تطلق الدولة انحباس راتبه التقاعدي كي يواصل كرامته في عيش حر شريف يستدل به بعض دروب ما تبقى من قليل حياته الصعبة يتحكم به و بتكوينه اليومي فراش المرض المتعدد الأنواع من الصراع و الأذى من دون ان تضمن له دولته رغيف عيشه ، بلا منة، بكونه حقا و ليس احسانا وقد يظل الى اخر لحظة من حياته يعاني من عقدة (الرغيف مع الاضطهاد) ، بينما يستحق الشاعر ، وهذا الشاعر ، بالذات، ان يحصل على (الرغيف مع التكريم) . أراني ، مضطراً، هنا، ان أقول : ان زيارة المريض نعمة معينة ، لكنها لا تحرر الانسان المريض . حسناً ما صنعه وزير الثقافة الأسبق الدكتور عبد الأمير الحمداني بابتكار زيارة خاصة الى مضجع الشاعر مظفر النواب في مستشفى امارة الشارقة، بصحبة شاعر عراقي اسمه ( ناظم السماوي) ، متمرسٍ على سجيةِ الوفاءِ و الإخلاصِ لموحّد ثورية الشعر الشعبي العراقي ، قبل رحيله ، بالرغم من ان هذه الزيارة الشكلية ، المتأخرة، لا تحرر شاعر الريل من خراب الواقع السياسي في العراق ، كما لا تحرر الشعر العراقي و الشعراء العراقيين من أسباب الخوف من عواصف المستقبل .

كل الوقائع في سلسلة حياة مظفر النواب تشير الى قدرته الفائقة على تجاوز كل شكل من أشكال مواجهة التراث المالي في علاقة الكثير من الشعراء بالدولة او بزعمائها من القادة السياسيين ، الوطنيين و غير الوطنيين، المحبين لشعوبهم او غير المحبين. حيث يعتبرون ( المال الشعري) ناتجاً تلقائياً ، عن مديح قائد السلطة باعتبار هذا الناتج المالي التلقائي هو احد حقوق الأقليات الشعرية . من الواضح ان هذا المفهوم لم يكن له وجود في مرتكزات القصيدة الشعرية النوّابية ، منذ ( الريل و حمد) التي تحولت الى اغان لا تخلو حفلاتها الموسيقية من الأسس المالية ، التي لم ينتفع منها ، اي شيء ، شاعرها النوابي. كما ان النشر الأزلي المتواصل من قبل دور النشر العربية و الأفراد المفصومين منها لم يراعوا حقوق النشر بأبسط معدلاته .

حالات سلبية كثيرة واجهها الشاعر مظفر النواب منذ بداية انطلاقته الشعرية - الشعبية ، لكنها لم تؤثر على شخصيته الشعرية و لم تدفعه الى التعقيد . كما لم يندفع ، طوال حياته الشعرية ، الى اي شكل من أشكال الكتابة في (شعر المديح) كما فعل شعراء عراقيون اخرون مثل محمد مهدي الجواهري و بدر شاكر السياب و عبد الرزاق عبد الواحد ، واخرين كثار ، للتوسل بالحكام من اجل الحصول على بعض ( المال الشعري). لذلك ظل الشاعر مظفر النواب ، يواجه سياسة الترهيب و البطش و القهر و السجن وغير ذلك من أشكال الاضطهاد ، التي لم تغيّر اخلاقه . ظل شخصاً متواضعاً، حليماً، رؤوفاً مع أصدقائه ، معطاءً ، جميلاً في علاقاته النسائية القائمة على تبادل الإعجاب و المحبة. لم يعجبه (عقل الدولة) في أية مرحلة من مراحل حياته. إذ كان سلوكه السياسي - الفكري مبنياً منذ بدايته الشعرية الاولى ، حتى الآن، على معارضة ( الدولة) و سلاطينها الطغاة . لم يتعرف على (الوسطية الاخلاقية ) و لا على ( المهنية الشعرية ). كما انه لم يكن يتلاءم مع الانزواء في صفوف ( النخب) او في جماعات ( الخاصة) من القوم . كانت أحاسيسه ، كلها، خاضعة للعلاقة مع ( العامة) من الناس . كانت صداقاته متفرعة مع عمال و فلاحين و طلاب ومعلمين و مع بورجوازيين و كادحين و غيرهم من أوساط الشعب العراقي او السوري و الفلسطيني و غيرها . لم يكن (المال) عنصراً محتملاً بصداقته. انه شاعر معني بالتعامل مع أية قضية شعبية ( عامة ) من دون ان يرتعب من اخلاقية الآلة البوليسية ، التي تقمع او تقف بالضد من مصالحه (الخاصة) . لذلك تواصل شعره بنصٍ (سياسيٍ ) واحدٍ مناوئٍ لكل تشريع حكومي لا يحترم الحقوق و الواجبات الأساسية، المتبادلة، بين المواطن القوي و المواطن الضعيف ، بين ( الحاكم) و ( المحكوم) على وفق (مبادئ حقوق الانسان) المدوّنة في الإعلان العالمي بالأمم المتحدة و في ترتيبات المنظمات العالمية ، جميعاً. من تصنيفاته (الاجتماعية ) أوجد الشاعر مظفر النواب ، رؤية شعرية و مواقف سياسية ، تقدمية، مناوئة لكل اخلاقيةٍ، رجعيةٍ، لا ينتج منها أو عنها ، خطوات إنسانية مقدامة ، تساهم في بناء مجتمع الحرية و الديمقراطية . كان من جراء هذه الرؤية شديد التقدير لإشعار شاعر اللغة الفصحى القريب من وعي و فهم الناس البسطاء ، المتجسد بشاعرية و شعبية ( معروف الرصافي) ، الذي حطّم طوَّق الأساليب التقليدية – الرجعية ، من اجل ان يكون شعره صنفاً فاضلاً من أصناف مكارم الاخلاق الشعبية المناوئة للأخلاقية الطبقية – البورجوازية. كانت الأخلاقية البورجوازية الناشئة ، حديثاً، في العراق من صلب الأخلاقية الاقطاعية قد اعتمدت وقامت على استخدام الاٍرهاب البوليسي ، الشامل، في تعاملها مع الجماهير الشعبية ومنهم ، الطليعية الثقافية ، بما فيهم الطليعة الشعرية ، التي تكوّنت ،لاحقاً ، من مجموعة الشعراء الشعبيين التقدميين (عريان سيد خلف و شاكر السماوي و ريسان الخزعلي و عزيز السماوي و أبو سرحان و علي الشيباني و زهير الدجيلي و ناظم السماوي و كريم العراقي و وفاء عبد الرزاق و و كاظم غيلان رسمية محيبس و علي العضب و علي الشيباني و زاهد محمد و رياض النعماني و كامل الركابي و جمعة الحلفي وغيرهم من مئات الشعراء المرتبطين بوشائج شعبية متأهبة ، لمقارعة الاستبداد بكل انواعه . كذلك اعتماد أساليب الدفاع عن الحرية ، بوسائل حماية الحرية ، بما يؤدي إلى انطلاق روح الحرية، القائد الى الحرية الحقيقية. انحدرت هذه المجموعة من صلب الوعي بالشعر الشعبي و دوره في استخدام الشعر الشعبي الموصول برهانه بشكل او اخر بصناعة الخالق المظفري الأحد وثورية المعرفة الشعرية الجماعية ، المستخرجة من قصيدة (الريل) و ما تلاها ، حتى صار الشعر الشعبي ، التقدمي، وسيلة من وسائل كتابة التاريخ العراقي ،مما يفرض على الدولة و الحاكمين فيها، حباً و احتراماً، للشعر بكل اجناسه و صنوفه ، بتكريم اهم الشوارع و الساحات العراقية بأسماء شعراء و أدباء عراقيين ، بالطريقة الحلاوية الكريمة، عقلياً و شعورياً، حين قام البابليون بتسليح احدى الساحات العامة بتمثال الشاعر العقلي – العاطفي الفذ موفق محمد بيقينٍ ماليٍ مستقلٍ عن الدولة و عن وزارة الثقافة العراقية

ان تسلط الدولة العراقية على ماديات المجتمع و روحانياتها دفع قدرات و طاقات السلطات الحكومية (الأمنية) في بغداد و مدينة الكاظمية ، الى ممارسة أقصى نوع من انواع الاٍرهاب بحدودها القصوى مع شاعر ( الريل و حمد ) منذ ايام شبابه الطلابي و الجامعي حيث كان ( عقل الدولة) مناوئاً ، بكل أشكال التكبر و العنف، لكل نوع من أنواع الثقافة الشعبية الجديدة . كان منطقها الباطش ، المتشدد ، حافزاً ان يكون شاعر (الريل و حمد ) على استعداد للتحول الفوريإلى الفكر الثوري و الى ان يسوس اشعاره الشعبية ، ما بعد ( الريل ) بقيمةٍ استعماليةٍ، جديدة النوع ، في الشاعرية العراقية . كان غرارها في قصيدة (صويحب ) المسماة (مضايف هيل) ، التي تزينتْ أبهى عناصر الرفض الشعبي - الفلاحي ، لفروض سياسة الاٍرهاب و الترهيب ، الإقطاعية ، في الارياف العراقية كافة. كانت هذه القصيدة و ما تلاها من قصائد نوّابية ، قد احدثت نوعاً من التكامل الشعري مع نهجٍ شعريٍ ، لاحقٍ، اختطه مظفر النواب ، نفسه ، باستقلاليةٍ خصوصيةٍ، نالت ، محبة جماعية مشاعة ، من أفعال و مواقف ومشابهات مقتدرة من شعراء شعبيين عراقيين، آخرين، ساندوا طاقة أشعاره الشعبية ، بافتراض ان كل خطوة من خطاه الشاعرية - المستقبلية ، تكرّس علامة من علامات شعرية ، شعبية، من اجل مناوئة ( الاستبداد السلطوي) من جانب الدولة و الحكومة الإقطاعية . كما كان الفعل الاجتماعي ، بموقف اجتماعي معلوم في (الريل وحمد) مستنكراً ، استنكاراً ( مطلقاً) حالة (الاستبداد العاطفي) في الحب و العشق الشعبيين.

اصبح مظفر النواب شاعراً مراقباً من الدولة لأنه امتلك هالة الرقابة الشعرية على الدولة و المجتمع ، بسرعةٍ شعريةٍ لا مثيل لها. ربما بقصيدتين شعبيتين أوليتين. كما انه اصبح بهيبةٍ شعريةٍ، شعبية ، بالغاً مستوىً لا يقل عن مستوى التراث الشعري الفصيح ، المتحقق بزمان طويل و بعد كفاح طويل حققه (معروف الرصافي ) و اخرون . هكذا وصل شعر الشاعر الشعبي مظفر النواب ، بسرعة فائقة، الى الإدراك الطوعي في الوعي الاجتماعي و السياسي ، من خلال إتقانه المعرفة الثقافية الثورية و (الموقف الثقافي) من القضية المركزية الكبرى ، في العلاقة بين الراعي و الرعية ، بين الحاكم و المحكوم ، بين المواطن و الدولة. ربما كانت صداقته مع الوجوه ، التقدمية، الواعية ثقافياً من أصحابه في المدرسة الثانوية الكاظمية و في الكلية البغدادية و في معسكر اعتقال السعدية ، او من خلال انتمائه الى الحزب الشيوعي العراقي ، الذي كان هو الحزب الوحيد الأكثر اهتماماً و رعاية من الأحزاب الوطنية الأخرى لقضايا الأدب و الأدباء و توكيد روابطهم الشعبية . لا شك ان هذه العلاقة ساهمتْ في قوة عزيمة و شكيمة شخصية مظفر النواب و ثورية شاعريته ، مما صيّره محبوباً الى النفوس ، بالرغم من بقاء روحه الاستقلالية، في السلوكية الحزبية العمومية و الخصوصية . غير انه لم يكن شاعراً منقاداً نحو الخضوع تحت معنى من معاني الطاعة الحزبية.

كانت العلاقة بين الشاعر النواب و الحزب الشيوعي علاقة محبة على وفق الخصال الحميدة ، المتبادلة في العشق الحقيقي المخلص و الطبيعي ، المرئي و اللامرئي في جواهر الإحساس بالثقة و الامان في قصيدة ( الريل و حمد ) حيث استمرتْ و تواصلتْ علاقة الحزب الشيوعي مع مظفر النواب او علاقة مظفر النواب مع الحزب الشيوعي، على أساس التآلف الفكري ، العام، عدا الفترة القصيرة و الأسباب الثانوية ، اللاتي اشرتُ إليهن في كتابي السابق (نقرة السلمان) و في كتابي عن هروب السجناء الشيوعيين من سجن الحلة المركزي عام ١٩٦٧ . لقد ادرك الشاعر مظفر النواب ان الناس ، جميعاً، هم من اصلٍ نوعيٍ واحدٍ في الخلق . ان ما يلحق بهم من أذىً على غرارِ (الريل وحمد) و ( مضايف هيل ) هو حال واقعي يتطلب من الشاعر ،عموماً، ان يكون فهيماً ومعرفياً ، مناضلاً صلباً ، قادراً على الشرح و البيان باللغة الشعرية ، سواء كانت لغته التعبيرية ، فصحى او شعبية . لا بد ان يكون أميناً في التعبير الشعري ، متفرساً في مدلولاتِ جماعيةِ النضال الاجتماعي و منغمساً فيها ، مثلما كان مظفر النواب يؤدي مجهوداته الشعرية ، لتوريث موقفٍ شعريٍ، ابداعيٍ، ضد سلبيات الحياة وضد الرياء الاجتماعي ، كما في الريل او ضد الخزي السلطوي لتوهين الإرادة الإنسانية ، كما في جميع قصائده بعد الريل . لم يتوقف شعر النواب عن عمليةِ نقلِ صميم الوجدان العراقي من (الصراع الذاتي) الى (عمومية) القضية، الشعبية ، النضالية ، لترويض السلطات الرجعية الحاكمة بجميع أنواعها، واجبارها على نبذ النظرة الحيوانية الى الانسان.

بهذه الصورة كانت احدى منجزات مظفر النواب في الشعر الشعبي هي تنشئة الانسان الواعي وضمان انفتاحه على النفس و الجسد في الشؤون، العامة و الخاصة ، واتقان الفعل الشعري بصورة صائبة ،تماماً، انطلاقاً من مبدئية الشعر الشعبي في ان يكون خلاصا من أزمات إنسانية عصبية، كانت و ما زالت تستدعي العلاج باعتباره اختصاصا شعريا و ثقافيا .

يتبع
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter