|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  9  / 7 / 2016                                       جواد كاظم غلوم                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ما الذي عمَلتْهُ فينا الأسلمة السياسية ؟ !

جواد كاظم غلوم
(موقع الناس)

بلا اية مقدمات او تمهيد او افتتاح ،أخاطبك انت أيها المسلم المتطرّف ؛ فما زلت تُشعل حروبا وترتفع يداك بالسلاح لتوسعنا قتلا وإعاقة وأوجاعا لا أول لها ولا آخر ؛ لديّ قناعة تامة انه كلما وجد التأسلم السياسي وجد التطرف والعنف ومجابهة الضدّ بالمكابرة والشعور بالتفوّق والعنجهية باعتباره يأخذ تعاليمه ووصاياه من الله ادّعاءً لا صدقاً وهو ظله وظليله الحامي وكل ما عداه لا يعدو كونه عدوا وخصما للمقدّس الممنوع المساس به ولا يتحرج من تصفيته فكريا وجسديا لو صار عقبةً في طريقهِ.

انت ايها المتطرف المسلم الراديكالي النزعة يا من تدعّى انك مبعوث من السماء ، خرِّبْها على الآخر ولا تبقِ صرحا أو أثرا عظيما خالدا فأنت وحدك من تجعله أنقاضا وحجارة وركاما كامدا على صدورنا ولتشتم المدنية وأهلها ومنظريها واكفرْ بالديمقراطية وصناديق الاقتراع وصبّ جام غضبك على الناخبين ومرشحيهم ومجّدْ الشورى والبيعة والإمامة والخلافة فهما خير سبيل للخلاص كما يقول لك عقلك السلفي القاصر الكاره للتمدن .

أوسع الكراهية ولا تجعل أحدا يحبّ الآخر وخلِّ الريبة والشكّ والتوجس من العدو في قلوبنا كي يخاف احدنا من الطرف الاخر وان لم تقدر على قتل الكمية الهائلة من الشعوب فاعمل على تهجيرهم من ارض أجدادهم وأسلافهم ولينزحوا الى أيّ مكان في الأرض ويضيق بهم المقام في تلك المعمورة على رحبها وسعتها .

وليكن الجوع والفاقة والعوز عاما شاملا يحرق البطون والأمعاء ، والخوف راسخا يرعب العقل والنفس والقلق يحدو بنا الى مراكب البحر المخيفة خوف الغرق ومن ثم نقطع الفيافي والصحاري والأسلاك الشائكة ويلاحقنا درك الحدود ويجمعنا في مخابئ وسجون وجملونات وأقبية وجحور أتعس من جحور الحيوانات حجزا ومنعا من الحركة حيث لا حرية للانتقال والحركة والانفلات من الحجز والحجر .

خرّبْها تماما عن بكرة ابيها واجعل ربوعنا قحلا ويباسا وحقولنا صحراء عطشى ومدارسنا تعرّش في فصولها عناكب الجهل والتخلف والعماء العقلي .

خذ ما طاب لك من النساء مافاق المثنى والثلاث والرباع مضروبة بألفاظ العقود بدءا من العشرين حتى التسعين واجعلها سُنّة جديدة مندوبة لتتناكحوا حتى تباهوا بكم الأمم بعديدكم الهائل الجائع القاصر التربية والمغرق في مناقع الجهل عملا بما كان يفعله خلفاؤكم في بلاطاتهم حيث الجواري والقيان والإماء وما ملكت أيمانكم بما يفوق الآلاف من البيضاوات والسمراوات والشقراوات من الجنس الأبيض والأصفر والأسود يمرحن في ملاعبكم وقصوركم التي استلبتموها من رعيتكم والمختلفين معكم ومن اهل الكتاب والكافرين ليطفئن شهواتكم المتصحرة ولترسخوا جهاد النكاح ولترفعوا رايات الله تكبيرا وتوحيدا وحمدا واستغفارا عن ذنوب مافعل السفهاء منكم مثلما كان يفعل خلفاؤكم الامويون والعباسيون وقادتهم الفاتحون حتى تصل أعداد الإماء وملكات اليمين والجواري الجاهزات لفراشه ما يفوق الالف امرأة طوع أمره في كل وقت يريدهن .

خرّبْها ايها الاخ العاقّ بأهله الذي سميناه مسلما ، كم كنا ضالين تائهين مخطئين حين تآلفنا مع جارنا النصراني وصديقنا الايزيدي والكلداني والسرياني وكذا الكردي والتركماني والامازيغي وبقية خلق الله من اهل الكتاب والكافرين ؛ فارض الإسلام في عرفك وقناعاتك يجب ان تتطهر من الكافرين والفرق الضالة المضلة حتى وان انتسبت للإسلام ووحدت كلمة الخالق وأذعنت لقرآنه واتبعت سنة رسوله ونهجت سيرة الصحابة ومن بعدهم من التابعين فهؤلاء كالنجوم بأيهما اقتديتم اهتديتم مهما بلغ بهم سوء الخلق مأخذا .

خرّبها واجعل اعاليها سافلها وقممها مهاويَ للردى وربوعها مقابر وسراديب وبيوتها سجونا وشوارعها رعبا وخيفةً وفزعا بعد ان كانت قبلا مرتعا للتنزه ومشاوير رحبة وجميلة بين الأحباب والأصدقاء .

خرّبْها بتطرّفك وفقهك الضيق الفكر وامنع عنها وعنّا كل الأنشطة الفنية والثقافية واجعل الرقص والغناء والمسرح والأوبرا والتمثيل السينمائي وكل ما يمتّ الى المتعة البريئة في خانة الحرام لانها تُلهي المرء عن ذكر الله وتنسينا العبادات ؛ وليكن الحجاب والخمار سائدا اسود الطلعة والويل الويل ان يعرى وجه المرأة الحرمة او ينكشف شَعرها بغفلةٍ ما مع اني اعلم انك من نعتناك بالمتأسلم لا تبالي اذا يعرى الفقراء الأطفال والمعوزين وهم في امسّ الحاجة الى كسوة تقيهم برد الشتاء وتحميهم من حرّ الصيف وتستر أجسادهم .

خرّبْها واجعل أعزة اهلها أذلاّء وشتْـتهم في الأصقاع البعيدة وخذ من نسوتهم الأجمل والأكثر جذبا لتفتح اسواق النخاسة لتنشيط تجارة اللحم الابيض البشري وأكثرْ من السبايا بيعا ومساومة ولتكن أثمانها بخسة كرخص التراب لينالها المقتر والمفقر كما كان التاريخ يحدثنا بان قيمة المرأة الجارية السبية حين امتلأت دمشق بحسناوات الامازيغ بعد فتوحات الشمال الافريقي لا يتعدى الصاع من التمر او الدقيق او الزبيب ذاكرا هذا الحادث مثالا لا حصرا فهناك الكثير مما يقال هولا وفزعا حين نسمعه او نقرأه.

خربْها وأشعْ الفوضى أينما حللتَ وغزوتَ ليصل بك الامر حتى ان تتدخل في أزياء الناس وافرض عليهم جلبابك القصير ليكون على سنّة وهدي الرسول الكريم وما يماثل السراويل التي جاء بها أقرانك من الافغان والشيشان وتلصصْ على مدخني السيكاير كي تقطع اصابعهم وجلد الرجال الذين تشككون بانهم زناة ورجم النساء حتى الموت على ظنّة الزنا وبتر أيدي من يسرق شيئا ولو كان مضطرا بسبب الحاجة والجوع الكافر فلابأس ان تسرقوا انتم الملايين وتديموا سطوتكم وحروبكم وسفالاتكم وسحتكم ويكثر رصيدكم حراما دون ان يدنو احد حتى من قصّ ظِفرٍ واحد منكم واعملوا تخريجات فقهية مضحكة في احكام السرقة وعواقبها ولا تحاسبوا من يمدّ يده الى المال العام بذريعة ان المسلم السارق له حقّ فيه مهما كانت ضآلة النسبة فيه كما قال جدّنا ابو العلاء المعري هازئا :

يدٌ بخمس مئينٍ عسجدٍ فديتْ ---- ما بالها قُطعتْ في ربع دينار

نعرف انكم في شغل شاغل على الدوام في تثبيت الحكم لكم ولا تمتلكون الوقت الكافي لمعالجة المشاكل لا العادية ولا المستعصية ، فشارب الخمر ليس بحاجة الى التوجيه والإرشاد من قبلكم انما يجب ان يقتل فورا كما السارق الذي يجب قطع يده وجريرة الزنا لسعا بالسوط او رجما بالحجارة والويل الويل لمن تتضح مثليته او يشك باضطراب في هويته الجنسية والتي لا دخل له في تكوينها فهذا يؤخذ الى اعلى مكان شاهق ويرمى على الارض معصّب العينين لتتكسر عظامه وتتناثر أشلاؤه ويتطاير دمه ... فلا علاج لهؤلاء الاّ الفناء والسحق والجلد والرجم والبتر وحزّ الرقاب بسكّين أعمى لإطالة عذابه ونحره بطيئا .

أنت ايها المسلم المتطرف دموي النزعة الى حدّ يفوق الوحش عنفا وصلافة واستهتارا بالحياة ، تريد ان تدمّر الحاضر بكل بنائه التحتي والفوقي ، انت لا تستشرف المقبل وكيف سيكون مستقبل الرعية غدا وكل اهتمامك منصبٌّ على الماضي وحده وأي ماضٍ مظلم مخزٍ هو ما يروق لك ، انت تحبّ صفحات الدماء وسطور الغزو وفصول فقه النكاح واستحواذ بيت المال وأخذ الجزية وتكفير من هم ليسوا على شاكلتك .

اجل هكذا يعمل التأسلم السياسي ويصبح غاية في المنحى الراديكالي حينما تتحوّل السلفية من فكرة دعوية لتتحول بعدها الى عقيدة سياسية فلماذا نعمل على جرّ الاسلام ليكون سياسيا وكل الشعوب والامم التي تريد ان تنهض عليها أول الامر ان تفصل الدين عن الدولة ؟؟ ... فهذا التزاوج غير المتكافئ ينتج لنا الكثير من الخلل الوراثي وذريته تكون مليئة بالعاهات والسقام غير القابلة للشفاء ، تماما كما الحروب التي تنتج لنا غلمان أشأم كلهم وتعركنا عرك الرحى مثلما يجري الان وربما سيأتي ما هو أسوأ في المقبل الأتي لاحقا لو ظللنا مكتوفي الأيدي معطّلي العقل والأمل .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter