|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  22  / 12 / 2014                                       جواد كاظم غلوم                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أنا وصديقتي الريحُ المتلوّنة الوجوه

جواد كاظم غلوم


الرياح الصديقة حملّتني سلاما مبلَّلا منها
نازحا على ظَهرِ غيمةٍ مكتنزةٍ بالمطر
لامسني ، دعَك جِلدي ، نقَــعَ مخيلتي
حتى اضطرّني للاستحمام في انوثتها
والالتفافِ بمنشفتها التماساً لِبَلـلِها الرطيب
ألمُّ ماءَ الذاكرة السائح من جسدي
لئلا يلسعني هجرانها

******************

أغلقتُ نافذتي بوجه الرياح العاهرة
التي ترغمني على الاستمناء
صممت مسمعيّ عن مهرّجي أسواق النخاسة
ودلاّلي دكاكين السبيّ الزهيدةِ الثمن
لستُ ممن يسيل لعابه لعشقٍ مكفّنٍ بالغبار
أركضُ وراء فتاوى الصحاري
أشتري ترابها وهواءها الرخيص
ففي قلبي حبٌ كبير بحجمٍ عائلي
لايتعامل بتقسيط الوعود الى آجال بعيدة
لايعرف آماداً لانتهاء الصلاحية
احفظه بعيدا عن متناول أيادي الفراق والهجر
ولا أضع لافتة " أوگازيون " لتخفيض أثمانهِ
لست ممن يسوّق لشراء قبلتين مباعتين
ليأخذ الثالثة بالمجان
عروضي لم تكن يوما ما خاصةً
أروّجها في عُلَب الليل البخسة
دمائي ليست منزوعة الوفاء
فأنا كنزٌ من الحبّ العذريّ
مغلّفٌ بسيلوفان صوفيٍّ
معلّقٌ برفوفٍ لا تطالها سوى الأكفّ الثريّة

*******************

ميزاني ليس عادلا وفق لوائحهم
فهو يُحني كفّتهُ امام خفّة الجمال
ونعومة فراء الدببة القطبية
وملمس الحرير الدمقْسيّ
ينكسرُ مائلا لو مرّ نسيم عطر امرأةٍ عابرة
يتمايلُ بهجةً لو قربت منه باقة ريحان متطايرة
تظلّلُ قصيدةً أحرقتْها الشمس
ميزاني يأنفُ الانحناء لأكياس الاوراق الخضر
المدموغة بعلامة " $ "
يشتمُ رسم " جورج واشنطون " المطبوعة عليها
آنسُ لصورة " سلمى لاغرلوف " على العملة الورقية
ذات العشرين كورونا
لألعب مع الطفل " نيلز " ورفاقه البجع والأوز (*)
أتشهّى لغة الطيور المائيّة
وجهي ذو طلعةٍ لم تتغير ملامحها
لستُ حمّال أوجهٍ شتى
ملامحي ذاتُها بلا شاربي " ستالين " المارد
أو عنجهية " نيتشه "
ولا عمامة مكتنزي الاصفر الرنّان
ناخري العقول بالآمال الكاذبة
بالوعود المزيّفة المسكوكة بطغراء الخديعة
قد أكون لوثةً دبِقة لشاعرٍ أطعمَ فمَهُ
وجبةً مغطاةً بالعفن اللذيذ
مارسَ رجْساً شهيّاً مع متهتِّكة في خرِبة نائية
دسّ تفاحةً مرميةً على الرصيفِ خلسةً
أخفاها في جيبهِ استحياءً
علّمتني الرياح كيف أمشي في تضاريسها
واثق الخطى ، رابط الجأش
أرمي عكّازي في موقدٍ حامٍ
ليتفتّـتَ رمادا ، أتسلّق وحدي بلا أظفار
بلا حبالٍ رخوةٍ
أبحر في سمومها ، هجيرها ، نسيمها
باردةً ، حارقةً ، دافئة ، عاتيةً ، ساكنةً
عصفتْ أم هدأتْ ، سيّان عندي
هي ركبي وأرجوحتي وبريدي الى من أحـنُّ

 

(*) سلمى لاغرلوف كاتبة سويدية حصلت على جائزة نوبل عام/ 1909 ، تم تكريمها مرارا لأبداعها في الرواية ووُضعت صورتها على العملة الورقية ذات العشرين كورونا في السويد ومن اهم مؤلفاتها قصة " مغامرات نيلز " المشاكس التي علّمته الطيور حبّ الوداعة . عاشت في القدس ردحا من الزمن



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter