|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 7/1/ 2013                                           جمعة عبدالله                        كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ابعاد الجيش عن الصراع السياسي

جمعة عبدالله 

تتكاثر المشاكل والازمات العويصة التي تحيط بالحكومة من كل جانب وصوب , نتيجة عجزها وشللها في المعالجة السليمة , وفقدان السيطرة والتحكم في مجابهة حدة الخلافات والصراعات في الواقع العراقي , وايضا في التنافس السياسي القائم على اسلوب الغرور والغطرسة وفقدان الحرص والمسؤولية الاستخفاف ونية الاستحواذ على مفاصل السلطة المركزية . ويتضح من الخط البياني بان هناك تراجع واضح نحو الاسوأ في جميع مناحي الحياة العامة , ولم تعد قادرة على الخروج من عنق الزجاجة , ولم تعد وسائل معالجتها تخدم الهدف العام , اي خدمة مصالح العليا للوطن وصيانة الهوية العراقية من الخروقات ومن استعلاء الخطاب الطائفي ,ولم تنجح او تفلح في تخفيف حدة الازمات والنزاعات والخلافات السياسية , لان مساعيها في المعالجة تتخطى بنود الدستور والعمل السياسي النزيه ,الذي يصب بالضد من التوافق السياسي والاتفاقيات التي انتجت حكومة الشراكة الوطنية . وازاء هذه الحالات الناتجة , تتعطل مهام تسيير شؤون الدولة والحكومة والبرلمان وفق ماهو مطلوب ومرتجى بما يخدم تطلعات وطموحات كل الطوائف الدينية والمذهبية والقومية بالتوافق المطلوب , مع اشتداد الازمة وغياب الحلول الواقعية والموضوعية , وغياب العقل السياسي الناضج الذي يحمي الشعب من المخاطر الانزلاق نحو الهاوية , بدأت تتصاعد النية والرغبة الجامحة في زج الجيش واقحامه في النزاعات والخلافات القائمة بين الكتل البرلمانية , حتى وصل بها الحال الى التفكير الجدي بنزول الجيش الى الساحات والمدن ليعيق التظاهرات والاحتجاجات السلمية , مما يزيد الوضع اكثر احراجا وتعقيدا وبالتالي يفسد الحل السياسي القائم على الدستور وينسف الحوار والتوافق السياسي ويخلق حالة فوضى وبلبلة سياسية تهدد بعواقب وخيمة , ويكون بالضد من رغبة المكونات الشعب السياسية والدينية , ان الرغبة الجامحة بالحرص الوطني المسؤول يتطلب ابعاد الجيش عن شؤون الساسية ودروبها ودهاليزيها في حشره في خارج اختصاصاته وصلاحياته , باعتباره حامي الوطن ويدافع عن اهداف الشعب عامة دون تفريق او تمييز ,وانه بعد سقوط النظام الدكتاتوري اصبح ليس جيشا مسيس بعقيدة الحزب الحاكم , انه ملك للجميع وان صفة استقلاليته من الشؤون السياسية تحتفظ باهميتها القصوى ولايمكن الحياد عنها في زجه في الصراع والتنافس السياسي او اقحامه في حل الازمة السياسية الطاحنة , لذا ينبغي ان نتعلم من ثورات الربيع العربي في تونس ومصر , حيث وقف الجيش على الحياد وامتنع عن تنفيذ الاوامر في اجهاض وقمع الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية , ورفض الوقوف حجرة عثرة في طموحات الجماهير الثائرة , مما اكتسب سمعة ومكانة واعتزاز وتقدير جموع الشعب وعزز الثقة به في موقفه الوطني المسؤول بانه يحمل بحق هوية الوطن , بينما نلاحظ الجيش العراقي الذي فقد صفته الوطنية والهوية العراقية منذ عقود طويلة وخاصة اثناء الحكم الدكتاتوري , حيث اصبح اداة تنفيذية مطيعة وخانعة في قبضة الدكتاتور , وصار آلة القتل والدمار والخراب ضد الشعب بجميع طوائفه وقومياته , , حيث قام بدور فعال في قمع وخنق انتفاضة الشعب عام 1991 بالدم والخراب , وكذلك دوره المشين في الحرب الابادة ضد الشعب الكردي في تنفيذ سياسة البعث في حرق وتدمير كردستان بكل الاساليب الوحشية , وفي تحقيق رغبات الطاغي المجنون بمرض حب العظمة , والتباهي بانه جيش سياسي عقائدي , ولكن بعد سقوط الحقبة الدكتاتورية افرزت واقع جديد ومرحلة تختلف عن الماضي البغيض , ومعطيات جديدة , فقد اختلف دور الجيش من ملك الى الحزب الحاكم الى ملك لكل الطوائف والقوميات ,لذا من الصعوبة البالغة ارجاعه الى الوراء والتحكم به حسب الرغبات السياسية , وهذا يعتبر مخالف للدستور والتوافق السياسي والوطني , في زجه في تنفيذ قرارات لاتخدم الشعب , بل تزيد تناحره وصراعه وتهدد الوطن بالتفتت والانقسام . لذا فان الحذر والقلق المشروع في استخدامه في النزاعات والخلافات بين الفرقاء السياسيين , يجب المحافظة على مظلته الوطنية واستقلاليته المهنية بان يكون درع للوطن والشعب عموما , يجب ان نعيد الثقة المفقودة بان يصبح ملك لكل مكونات الشعب العراقي .

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter