|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  5  / 10 / 2016                                            جاسم العايف                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سيرة : .. محمود عبد الوهاب ..بحجم الكف (1)

جاسم العايف *
(موقع الناس)

"أنْ تكتبَ يعني أن تقولَ لمن يُصغي إليك قولاً يجهل حقيقتَه أو شيئاً من حقيقته ، وإلا فلماذا تكتب أو تقول . أن تكتب يعني أن تملك ما يُقال، وما يقال ينبغي أن يكون نافعاً.
الكتابة مخاضٌ حقيقي،ومن دون هذا المخاض تُولد النصوص خُدّجاً.غالباً - إن لم تكن دائماً - تأتي الكتابة عن الذات في نهاية العمر لا في بدايته ، والكتابة عن الذات هو ما يُصطلَح عليه في الأجناس الأدبية بالسيرة الذاتية التي يُكرّس فيها الكاتب جهده في سرد حياته وتجربته ومواقفه من الحياة والفكر والإبداع . أهي القبض على ما فات من سنوات العمر الجميل والإمساك بها ؟. أهو رثاء العمر أم زهوه"؟.
.... محمود عبد الوهاب

نحتفي برواية "سيرة بحجم الكف" ،لأستاذنا "محمود عبد الوهاب"،دون أن نتطرق إلى سيرته ، كونها حياتياً - ثقافياً، واسعة بسعة هذا العالم، الذي عاشه وجهد، طويلاً للمساهمة في محاولة تغييره، بالوسائل المتاحة له، من أجل حياة إنسانية - عادلة و لائقة، بالبشر، بغض النظر عن اللون والعرق والجنس والدين، والزمان والمكان .

"سيرة بحجم الكف"،طبعت على نفقة اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في البصرة- 2015 - دمشق - صمم الغلاف : الشاعر واثق غازي - والصورة للمصور الفنان : أحمد محمود. هي حكاية رجل شغف بالكتب وقراءتها:.. " تأسرني الكتب كثيراً. متى نشأت هذه الهواية..؟. هل أسمّيها هواية بعد العمر..؟، متى تأصّلت ..؟. أجهل تحديد الزمن تماماً،لكنها إذا اقترنت بعمر إنسانٍ تجاوز العقد الخامس الآن، قد تُعدّ تاريخاً متقدماً".

مرة دخل،السارد، سوق الكتب القديمة ، وقصد إحدى المكتبات واقتنى كتاباً، ووجد فيه صورة فوتوغرافية قديمة ، ومن خلال الصورة ، تبدأ حكايتها لتجدد الحضور في شخوصها، و الذين يسعون للتحدث عن أنفسهم، عبر السارد،من خلال الصورة الملتقطة عام 1942 . " الواقفون في الصورة من اليمين إلى اليسار،كمال وخليل وعبد الواحد وأخي الذي كان متنحياً عنهم قليلاً،متكئاً بمرفقه على حاجز الجسر الخشبي المؤدي إلى السوق، رافعاً ذقنه إلى أعلى، مركّزاً بصره نحو عدسة التصوير". سعى راوي السيرة ، على تبيان الزمان - المكان، في ما يسرد ،عبر طابع الأزياء التي عليها، الخلان في الصورة، والذاكرة والأحداث، ومن خلال إعادة الحياة، لشخوص الصورة والذين كف بعضهم ، عن الحياة، في ظروفٍ ، وأزمنةْ ، متباينة ، ولم يعد لهم في الحاضر،زمن السرد، سوى الصورة التي جمعتهم ، لحظة ما ، ليقوم السارد بملاحقتهم ، و إعادة، حيواتهم،وخصائصهم ومصائرهم عبر تحريكهم، وبث الحياة - الغائبة - فيهم والكشف عن ظروفهم ،وما كانوا عليه، ويسهم "عبد الواحد" الوحيد،في الصورة، الذي لا يزال يتمتع بالحياة ، ليتذكر مع تقدمه في العمر، ويروي، ما يعلمه عنهم، و الأحداث، وخصائصهم، ونزواتهم، والظروف، التي كانت تحيط بكلٍ منهم. في ص(115)، ما يعادل الفهرس، يعمد "السارد" لأرسل رسالة واضحة،"، وهو هنا أستاذنا "محمود"، عبر العنونة التالية: (( وحدات الرواية))، و يقسمها بالشكل التالي: (( الوحدة الأولى: في سوق الكتب القديمة. الوحدة الثانية: الصورة تروي حكايتها.الوحدة الثالثة: خارج الصورة- داخل السيرة)). "سيرة بحجم الكف" تذهب نحو، تأكيد الغياب،المادي- النهائي ، قدر البشر، الذي لا فكاك منه:(بإعياء، تقودني خطواتي، محدّقاً إلى ما حولي، لم أعد أرى سوى ذلك الظلام الذي تراه حينما تغلق عينيك هارباً من مصير قادم تجهل أوانه (...) المارة يتناقصون كما لو أن الأرض أخذت تمتصهم واحداً بعد الآخر).


(1)
تشرفت بإدارة الجلسة الثقافية الخاصة برواية" سيرة بحجم الكف"، و فضلت التنحي جانباً ، وعدم قراءة هذه الورقة ، لفسح المجال للزملاء الكرام لتقديم مداخلاتهم.

 

* كاتب عراقي
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter