|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 2/9/ 2012                                 إبراهيم الخياط                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على رأي الحكومة: لسنا باكستان

 إبراهيم الخياط *

 انتقد أهل الحكومة عندنا التقارير الأمريكية التي صنفت العراق ضمن أكثر الدول فشلاً في العالم، واصفين تلك التقارير أنها "غير واقعية". وقالوا "ليس من الإنصاف وضع العراق ضمن هذه اللائحة، لأن العراق مرّ بظروف على مدى 50 عاما لم تمر بها تلك البلدان"، عادين "المقارنة غير واقعية لأنها لم تستخدم المعايير القياسية نفسها، فما ينطبق على العراق قد لا ينطبق على باكستان لذلك هناك خطأ في اعتماد المعايير".

وأضافوا أن "العراق خرج من أزمة حقيقية والان هو على السكة الصحيحة"، مبينين أنه "لدينا مشكلات وكوارث ادارية لكن هناك تفاؤلا بالرؤية المستقبلية وهذا يختلف عن الدول الاخرى التي لا مستقبل لها".

ولا أحد يعلم وجه الاعتراض الحكومي عندنا، هل هو على "أكثر" باعتبارها أداة التفضيل؟ أم على الفشل المبين وهو ما تنفيه الحكومة جملة وتفصيلا رغم نعتها للمشكلات بـ (الكوارث)؟ أم على التجني الأمريكي غير المتوقع وغير الواقعي؟ أم على ضياع المعايير القياسية وانعدام الضمير العالمي في التقييم؟ أم على الحول الاممي في عدم رؤية العراق على السكة الصحيحة؟

ومن حق الحكومة أن تتحفظ وتعترض، وحتى أن تتخذ خطوات دبلوماسية حيال أية أفعال، ولكن عليها أن تقنع شعبها أولا، فالفشل في الأداء الحكومي لا يحتاج إلى تقارير دولية لأن المواطن يرى الفشل الذريع طاغيا مع خروجه صباحا إلى عمله وحتى عودته مساءً، فماذا نسمي انعدام الخدمات البلدية والصحية والتربوية والكهرباء والغاز والماء (للعلم فالماء لا يصل ـ مثلا ـ الطوابق الأولى لمباني ساحة الأندلس ـ وسط بغداد إلا بالماطورات)، وتقطعت السبل وتحفرت حتى صار العراقيون متيقنين أن بلادهم بطولها وعرضها لا يوجد فيها شارع واحد صاغ سليم، ثم ماذا نسمي انعدام فرص العمل التي صارت ماركة مسجلة فقط لعوائل كتل الوزراء في وزاراتهم، وماذا نسمي تبخر قوت الشعب المخزون في البطاقة التموينية، وماذا نسمي تمزق ملف الحريات وتهتكه من شدّة الطعنات الرسمية فيه، وماذا نسمي الفرجة السياسية المتنفذة على الفساد الذي صار دولة تختال داخل الدولة، وصار فقدان الملايين لا يعد أمرا ذا شأن بعد الهدر الهائل للمليارات السائبة، وماذا نسمي الخروقات والانهيارات الأمنية المتتالية حتى ونحن نداري دمعنا ودمنا بعد تمكن الإرهاب من مبنى مكافحة الإرهاب تذكرنا ناظر "مدرسة المشاغبين" الذي يؤنب والد الطالب المنحرف بقوله: ابنك سرق سيارة مدير مكتب مكافحة سرقة السيارات.

هذا ما يعرفه أهلنا، أما مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية فالذي قالته في تقريرها، في شهر تموز الماضي، والذي اعادت "نيويورك تايمز" نشره، ان العراق يقع ضمن البلدان التي تحتل المراتب العشر الأولى بين الدول الأكثر فشلا في العالم.


ومن بين مجموع الدول الأكثر فشلا كان هناك 37 دولة في مرحلة الخطر، ومن أبرزها 10 دول مرتبة عدديا من 1 إلى 10 هي: الصومال وتشاد والسودان وزيمبابوي والكونغو وأفغانستان والعراق وأفريقيا الوسطى وغينيا وباكستان.

وحتى باكستان عدّت فاشلة رغم أن وزير الداخلية في حكومة إقليمها "بلوشستان" استقال بعد الهجوم الذي تعرض له مسجد في إحدى مدائن إقليمه وحينها اتهم شرطته بأنها مسؤولة عن تراخي الأمن وأدان نفسه واستقال، وهنا يصح رأي أهل حكومتنا: فما يحدث في باكستان لا يحدث في العراق.

 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter