|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 26/2/ 2013                                 إبراهيم الخياط                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ميس الكلام

سجل أيها التاريخ

إبراهيم الخياط *

عدا ثورة الجيش والشعب العظيمة في 14 تموز 1958، فلا يوم يضاهي يوم وثبة كانون المجيدة 1948 في تاريخ عراقنا المعاصر سوى الهبّة الزاهرة لأبناء شعبنا في احتجاجات اليوم المبارك 25 شباط 2011 وما تلاه على مدى ثمانية أشهر رائعات حتى أفل الوهج مع استشهاد الفنان هادي المهدي عشية 9/9، ولأسباب كثيرة، موضوعية وذاتية، داخلية وخارجية، خاصة وعامة، توقفت الكرة المقدسة التي رماها أبناء شعبنا عند متراس معلوم، ولكن ماذا عما حصل؟ وهنا لا ندع التاريخ يتحدث بل نقول للتاريخ : أيها المدوّن الظالم سجّل.. سجّل أيها التاريخ :
ـ لقد شنت الحكومة هجوما سافرا على فكرة الاحتجاج وعلى المنظمين والداعين له قبل إنطلاقه، وبان رعبها من الحركة الشعبية المطلبية والسياسية العابرة للطائفية، وكأنها ليست حكومة منتخبة.

ـ فتية اسمهم (شباب شباط) أطلقوا التظاهرة، وهم شبان من خير بيوتات العراق، وذوو مستويات فكرية ورؤى سياسية تستحق الثناء والزهو، ونالوا اعجاب الناس لا سيما المثقفين، وحوّلوا الساحة الشاهدة الى ملتقى للارتقاء بالذوق والفكر فضلا عن الاصرار على المطالب العادلة.

ـ بدأت الاحتجاجات المباركة في ساحة التحرير ببغداد، والساحة مع نصبها العتيد هما رمزان يعنيان الكثير.

ـ اتسمت شعارات التظاهرة بالروح الدستورية والسلمية، فكان الشعار الاكثر ترديدا "الشعب يريد إصلاح النظام" وكذلك "الشعب يريد إسقاط الفساد" بالاضافة الى شعارات أخرى، والى أهازيج وقصائد ـ للان ـ محافظة على حيويتها.

ـ تراجعت الحكومة أمام المتظاهرين وأطلقت وعود "المائة يوم" التي لم ينفذ منها شيء، فقد كانت مناورة، ولو كانت الحكومة ناصحة وحريصة لكان لها أن تتلافى منذ ذلك اليوم تظاهرات الغربية ودعوات الشد والجذب الطائفيين.

ـ إستقوت الحكومة ببعض أبناء العشائر من الفرات الاوسط، واندس بينهم المأجورون والمرتزقة والبلطجية الذين قاموا بالاعتداء على المتظاهرين السلميين في محاولة لردعهم وتشتيت جمعهم.

ـ اتسمت التظاهرات الاسبوعية المستمرة بالمشاركة الواسعة للنساء والشابات الرائعات.

ـ فيما كانت التظاهرات على أوجها صبيحة الجمعة 25 شباط 2011 وهي داعمة للعملية السياسية وللحكومة المنتخبة، وتفصح عن هويتها الديمقراطية المدنية جهرا وعلانية، فاذا بالقناة التلفزيونية الرسمية ترتأي أن تعرض من شفافيتها المتناهية افلام الكارتون لأحبابنا الصغار وكأن بغداد ليست مطوّقة، وكأن التجوال غير محظور، وكأن المطعم التركي لم يتحوّل لمقر لقيادة القوات العسكرية والامنية التي فاق عددها المتظاهرين العزل الحاملين فقط قلوبا تنبض بحب العراق.

وتعيدنا اللقطة هذه الى لقطة أخرى للقناة ذاتها، اذ عرضت ـ أيضا ـ أفلام الكارتون من فرط شفافيتها المتناهية صبيحة التاسع من شباط 1963 مع اعدام الزعيم في استوديوهاتها، وكأن بغداد لم يسحلها الحرس الدموي في الشوارع العارية.

وسجّل.. سجّل أيها التاريخ :
بغداد.. بغداد.. بغداد تبقى شامخة
بغداد.. بغداد.. بغداد بينا شامخة.
 

 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter