|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 26/8/ 2012                                 إبراهيم الخياط                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الإصلاح باطل

 إبراهيم الخياط *

طرح التحالف الوطني ورقة اسماها بالإصلاحات السياسية ودعا رئيسه د.إبراهيم الجعفري في بيان تلاه السبت 7 تموز 2012 جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية إلى التعامل الايجابي مع المبادرة.

وتباينت الردود، فالعراقية متوجسة، والكردستانية بعيدة، وأطراف من التحالف الوطني تنفي وجود ورقة، فيما الأزمة تشتد، فما أن يخفت رماد اقتراح حتى ترى قبسا من اقتراح جديد، وتتجادح الاقتراحات في المضمار والكل جالس على بغلته لا يريد النزول، وهنا البغال مدججة بالوزارات والأموال والنفوذ والجاه وحتى البترول.

ومع الردود المتباينة، ساد اللغط بينهم والتراشق غير الحريص والاتهامات الرخيصة والتجييش العاطفي، فدبّ الخوف النبيل المشروع في أوصالنا لأننا نعرف أن نار الحرب والخراب ستسمن تجارها وتأكل حطبنا، ولكن مهما صار الأفق أسود فإنهم سوف يتفقون ويعبرون هذا المقطع الزمني الحرج من تاريخنا، ولا أقول هذا القول إلا من خبرة معهم، فحين يشعرون أنهم جميعا سيخسرون الكعكة الثرة، عندها يتفقون، كما حصل بعد التعب الطويل في تشكيل الحكومة اثر انتخابات 2010، ولكن إلى حين.

وسيظل شعبنا يعيش بين الحين والحين حيناً، حتى ظن الفكهون أنها مسرحية معدة، لأن المتصارعين غالبا ما في الوقت الضائع يتفقون، وغالبا ما تراهم يكيلون التهم المرعبة ثم يتزاورون وحتى يسمون الهدنة شراكة.

وهنا لا يحضرنا إلا جحا الذي أراد ابنه أن يتزوج ابنة السلطان، فأعد الزينة والحلوى وطاقم الأفراح، فلما استغرب أهل الحي فعلته، أجابهم أن الابن يريدها وهو وأمه موافقان وكذلك عشيرته الأقربون، فلِمَ لا يحتفلون، ولم يبق سوى رأي السلطان وابنته.

 والآن، لو سألنا: لماذا هذه الزيارات واللقاءات والمؤتمرات والحوارات والافطارات والتصريحات والأوراق واللجان؟ وطبعا يأتيك الجواب حارا: من أجل إعداد ورقة للإصلاح يتفق عليها، ثم يتم الاحتفال الكبير بإعلانها، طبعا وهنا لم يبق ـ أيضا ـ سوى رأي أهل المصلحة الحقيقيين في الإصلاح، وأعني سواد الناس.

ودعوني أقدم نصيحة للمتنفذين علّهم آخذين بها قبل الفوات، فأدعوهم أن يتركوا اللجان وتسويفاتها إلى الأخذ بدرس من دروس الحركة الاحتجاجية المباركة المنادية بإصلاح النظام التي عمّت ساحات الوطن لاسيما ساحة التحرير في شباط 2011، وان كانوا كارهين لها رغم أنها صفحة ناصعة من صفحات تاريخنا لا تقارن إلا بالوثبة المجيدة، والدرس هو أهزوجة "باطل" التي رددها أروع وأجمل وأنبل شباب العراق، ففيها كان برنامج (سياسي ـ اقتصادي ـ اجتماعي) شعبي للإصلاح، وهتف الشباب حتى بحّ صوتهم ضد الإرهاب، والبعث المقبور، والدكتاتوريـــــة، وخنق الحرية، ودولة الطوائف وتحصيصها، وخرق الدستور، وفقدان النــور والماء، ومدرسة الطين، وغلق التوظيف، ووقف التموين، وهدر الأموال، وشموخ الأزبال، والهجرة والتهجير، والعفو عن التزوير، وربط الهيئات المستقلة، والسرقة والرشوات، ونشر الصبّات، وقطع الطرقات، وزرع العبوات، واللون الواحد، والفكر الواحد، والحزب الواحد، وفقدان الامان، وذلّ الإنسان، والفقر والأمراض، وكثرة الأمية، وكثرة الوزراء، وطمّ الفساد، والاستحواذ، وكاتم الاصوات، وكامم الأفواه، وبيع المعامل، وتوظيف العمال، وعزل الطلاب، ولدانا وبنات، ورواتب المليار، وطفح الأمطار، والدَّين والايجار، وشحة الخدمات، وخنق الشباب، وتهميش المرأة، واهمال الأطفال، وضيم العمال، و"عركات" الكرسي، وأن تسرق شعبك، نعم وأن تسرق شعبك... باطل.

 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter