|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  23  / 4 / 2014                               إبراهيم الخياط                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تغريدة الاربعاء

ما يصيرون أوادم

إبراهيم الخياط *

ونحن نمرّ يوميا على المهرجان الكبير لصور مرشحي مجلس النواب على الجدران الكثيرة، نعرف أن عددا معينا منهم (325 فقط) سيجلسون تحت قبة البرلمان. ونعرف أيضا أن عددا منهم لا يصلحون لهذه المهمة، لانهم من أمراء وأميرات الفساد والطائفية والدم والجهل والظلام والارهاب. وهؤلاء اذا ما قلنا لهم اليوم: انكم آفات سياسية واجتماعية ولن تصبحوا أوادم في يوم من الايام .. فانهم سيأتون بعد 30 نيسان شامتين بنا، كونهم صاروا أعضاء في البرلمان والحكومة غصبا علينا. لكننا يومها لن نسكت، وسنروي لهم هذه الحكاية :
ابان العهد العثماني، كان لأحد ختيارية بغداد ولد شقي عاق مؤذ، ويوميا يشتكي منه الجيران والمحلة والسوق، حتى صار مصدر حزن وقلق وهمّ وغمّ لأبيه. ولان الاب عاجز بحكم العمر عن معاقبته وحجره، كان دائما يؤنبه: لك اسمع ابني، انته ما تصير آدمي، ولا فد يوم يصير براسك خير..

وتخلصا من تأنيبات الوالد وتوبيخاته، أقدم الولد على هجر البيت والمحلة بل بغداد برمتها. وبعد سنين، ولان أوضاع الدولة العثمانية كانت مثل عراق المحاصصة، حيث يستطيع كل من هبّ ودبّ أن يكون ما يشاء شرط عدم امتلاكه أية مؤهلات، اذا بالشاب العاق يصبح واليا على (ديار بكر)، ومنذ اليوم الأول لتسلمه المسؤولية يتذكر والده وقوله له بأنه سوف لا ينصلح حاله ولا يصبح آدميا، فنادى على الحاجب وأمره بتجهيز سرية من الخيالة تتوجه الى بغداد وتجلب فلان الساكن بالمحلة الفلانية والعكد الفلاني (ولم يخبره أنه والده).

من فورها توجهت السرية المقدامة الى بغداد وكل ظنّ اليوزباشي المسؤول عنها أنه متوجه لالقاء القبض على متمرد مطلوب للباب العالي. وبعد أيام وصلت السرية الى بغداد وعبرت محلة باب الشيخ ودخلت عكد فضوة عرب، وبعنف لا يوصف قام الجندرمة باخراج الملا صالح من داره واقتادوه مهانا منهوكا، وبقي طول الطريق يئن من الجوع والعطش والغلط، حتى ادخلوه فرحين على الوالي في مجلسه. وإذا بالملا المسكين يقف خائر القوى من التعب والاذى والتجريح بين يدي الوالي، فينظر كل منهما الى الآخر، الإبن العاق ينظر الى والده متشفيا بمنظره الذي صَعُبَ حتى على من كان موجوداً من الحاشية، بينما والده يرسل نظرات ملأى بالشفقة والحزن على ما وصل اليه إبنه من عقوق!! وبعد أن تبادلا تلك النظرات قطع صوت الإبن السكينة قائلا لوالده: "ها يابه صرت والي لو ما صرت؟ جنت دومك تكلي ما راح يصير براسي خير ولا أصير آدمي!!".

ردّ عليه والده بعيونٍ دامعة: "إبني آني ما كلتلك ما تصير والي، بس كلتلك ما راح تصير آدمي ولا يصير براسك خير، وهسه هم أكلك ما تصير آدمي ولا يصير براسك خير".
 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter