|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  21  / 2 / 2017                                 احسان جواد كاظم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

دار السيد ما مأمونة !

احسان جواد كاظم
(موقع الناس)

سوء تقدير نوري السعيد باشا رئيس الوزراء في العهد الملكي وعدم استقراءه العميق للمجتمع العراقي حينها جعله يتصور بأن " دار السيد مأمونة ", حتى قامت ثورة 14 تموز 1958 واكتسحت نظامه.

نرى ان اسياد اليوم قد استفادوا من تجربة نوري السعيد, فأحتاطوا بالمزيد من الاعوان المسلحين والاسلاك الشائكة, وعزلوا انفسهم في المنطقة الخضراء, لتبقى دارهم مأمونة. لكنهم لم يستفيدوا شيئاً من تجربة سلفهم المقبور صدام ونظامه القمعي القائم على احتقاره لابناء شعبه واسكات اية مطالبة بالحقوق والحريات.

احلامنا كوابيسهم... هاجس الخوف الذي يؤرقهم هو ما يفسر ردة الفعل الهستيرية التي اعترت الطغمة الحاكمة بمجرد محاولة بعض الشبان يوم 11 شباط الجاري, سمّوهم بالمندسين لعبور جسر الجمهورية الى الضفة المقابلة من النهر حيث دار السيد في المنطقة الخضراء. فأمطروهم بالرصاص واردوهم شهداء. ولو كان هدفهم هؤلاء ( المندسين ) حقاً لأكتفوا, ولكن هدفهم كان فض المظاهرة كلياً, حيث جرى ملاحقة المتظاهرين في ازقة منطقة البتاويين وساحة النصر وشارع الرشيد, بعيداً عن مكان التظاهر. لذا يظهر بأن كل الشغلة كانت مُبيتة ودُبرت بليل.

يظهر من تصريح رئيس الوزراء حيدر العبادي في اليوم التالي لأحداث ساحة التحرير. انه لا يعرف من اصدر الاوامر بتهدئة الحماس الشعبي, بأطلاق الرصاص. لان تصريحه جاء خالياً من تحميل اية جهة حكومية هذه المسؤولية, بل حاول تحميل المتظاهرين المسؤولية عن سقوط شهداء منهم... لكن, بذمتك يا رئيس الوزراء, هل تستدعي مجرد محاولة البعض عبور الجسر هذا الكم من القتلى برصاصكم وحقدكم, اكثر من عشر شهداء بعمر الورد ومئات الجرحى؟

ومهما كان عدد المندسين مع المتظاهرين, فأنه لم يكن بامكانهم عمل فتنة اكبر مما حققه المندسون في القوات ( الرسمية ) المهاجمة بقتلهم متظاهرين عُزل من ابناء شعبهم.

ثم ان مغريات الاندساس في اجهزة الدولة اكبر, لما فيها من امتيازات وسلطات وحرية حركة وسهولة تنفيذ, عنه من الاندساس بين متظاهرين سلميين لاتعدو ان تكون فتنة المندسين لو مرّت, بائسة... مجرد زوبعة في فنجان, لاسيما بوجود قيود صارمة التزم بها المتظاهرون, طيلة سنوات, لحرصهم على ان لا يحصل انحراف على طابع تظاهراتهم السلمية.

العبادي وتحالفه ومن معهم, بعد ان تباكوا, رياءاً, على سقوط الشهداء الذين حمّلوهم مسؤولية موتهم المبكر, تحدثوا في الاعلام عن سياسة فرض الارادات ولي الاذرع عن طريق التظاهر ثم اشاروا الى التوقيت غير الملائم للقيام بهذه التظاهرات بسبب الحرب ضد داعش. واعربوا عن نيتهم بتغيير وجوه ( فقط ) في الانتخابات القادمة, وطالبوا تبعاً لذلك, بتأجيل الدعوات الشعبية لمكافحة الفساد الى اجل غير مسمى. بينما لم يُلزموا طغمة الفساد المستمرة بسرقاتها ونخرها أسس الكيان العراقي بسوستها المحاصصية, بتجميد نهبها وتبديدها ثروات البلاد والتلاعب بمصير شعبها, ولو حتى, لما بعد داعش.

قمة السفالة ان يدعوا الذين قدموا نينوى الى داعش الارهابية على طبق من ذهب, ضحايا سياساتهم الانهزامية من العراقيين الى التخلي عن المطالبة باستحقاقات وشروط صنع النصر على داعش من محاربة الفساد واطلاق الحريات وصيانة الحقوق.

ان أمان دار السيد في المنطقة الخضراء مهددة ليس من المتظاهر السلمي الساعي الى نيل حقوقه بل من ذوي القمصان السود الذين لن يقتنعوا يوماً ان يكونوا مجرد عبيد تابعين لرغبات اسياد !!!


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter