|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  6  / 9 / 2015                                إبراهيم الحريري                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

نحن نتّهم!

إبراهيم الحريري

مأساة النازحين واللاجئين تتفاقم

أثارت صورة الطفل "آلان"، المرمي وحيداً منكباً على وجهه على شاطئ بعيد مهجور، اثارت العالم بأسره.

مع ذلك فقد كان لـ"آلان" بيت، ام، اب، اخ. وكان شأنه شأن سائر الأطفال في سائر انحاء العالم، يحب اللّعب. وكانت امه، وهي تقوده الى مركب الموت، تحدثه عن عالم آخر، لا يجوع فيه، لا يعرى، لا يختبئ تحت الأسرة، عندما ترعبه اصوات المتفجرات، عالمُ فيه الكثير من اللُّعب.

لم يصل "آلان" امه و اخيه الى هذا العالم، بل وصل جثة هامدة، منكبًا على وجهه، على شاطئ مهجور...
بإمكاننا ان نتحدث، ان ندين، ان نلعن، ان نبكي، ان نصرخ، ان نعول، لكن هذا، يا للفجيعة، لن يعيد "آلان" الى الحياة.

لكن لنتذكر، نحن العراقيات والعراقيين، كم "آلان "عراقيا واجه المصير ذاته، هو وأهله، هربا من نظام صدام حسين. وعندما توهّم العراقيون ان ذلك انتهى، وان بإمكانهم ان يبدأوا حياة جديدة، آمنة، إلا ان المآسي والكوارث تكرّرت الواحدة تلو الأخرى: الخطف، القتل على الهوية، التطهير الطائفي، الدموي، لمحلات ومدن بأسرها، نهب المليارات بلا خوف من ضمير او ذمة او دين.

ثم جاءت ام الكوارث : سقوط – تسليم الموصل، ومحافظات ومدن اخرى، لداعش، ذبْح آلاف الرجال، استباحة آلاف النساء وعرضهن في اسواق النخاسة...

وكرّت من جديد قوافل الهجرة، المئات، الآلاف، عشرات الآلاف من الأسر، تتيه في شوارع ومدن وبحار الهجرة، يصل من يصل، ويغرق من يغرق، بينما تتهيأ آلاف الأسر لأِتّباع طريق الموت ذاته.

هذا هو نظام المحاصصة والنهب الذي خلفه لنا المحتل...
وعندما تخْرج الملايين ممن لم يعد بوسعها الأحتمال، ولا تريد، او لا تجد سبيلا للخروج، مطالبة، بدلا من ذلك، بالخروج من نظام الفساد واللصوصية والنهب والأِفقار والنزوح والتهجير الخ... وبأن تعيش في بيوتها، على ارضها، في وطنها، عيشا آمنا كريما، يتصدى لها عتاة اللصوص والفاسدين والمدافعين عنهم ، بالقضاء الفاسد وبالتهديد بالسلاح..

الآن وحين تثير صورة الطفل "آلان" المواجع، لا يستطيع كل ضمير حي الاّ ان يصرخ بوجه كل من تسبّب في آلام العراقيات والعراقيين، بكل من كانوا السبب، بسياساتهم في نزوح وتهجير الملايين :

اننا نتهمكم!
كم من المليارات التي نهبتموها كانت كافية لإغاثة النازحين واللاجئين؟
هل تبرع واحد، واحد فقط، منكم بدينار لمعونة النازحين؟ بل ان الشبهات تحيط بالجهات الموكل لها توزيع مبالغ ومواد الإغاثة. وليس هذا غريب عليكم، يا من تغذيتم وتتغذون على دماء العراقيين والعراقيات، بؤسهم وشقائهم، احياء وموتى...

اننا نتهمكم!
ويوم الحساب ليس ببعيد، بل انه يقترب، يوماً بعد يوم...
سينتزع منكم الشعب امواله التي نهبتموها، ولن يحميكم قضاء فاسد مثلكم ولا طامع متربص خلف الحدود، ليداوي بها، قبل كل شيء، جراحات النازحين والمهجرين ويساعدهم على العودة الى مدنهم ومحلاتهم وبيوتهم بعد ان تتطهر من دنس الدواعش الكواسر، ومن اجل ان يتوقف نزيف الهجرة.
من اجل استخدام هذه الأموال لإعادة بناء عراق آمن، كريم، بشعبه، ولشعبه.
سيحصل هذا، عاجلا ام آجلا، فالساعة آتية لا ريب فيها، فأين تولّون بوجوهكم؟
ستَمْثلون، كما مثل مَن مِن قبلكم، امام قضاء نزيه عادل، ليس قضاء، غير المحمود، بل سيمثل معكم.
وسينهض كل ضحايكم، بمن فيهم من غيّبتهُم اشداق اللجى او افترستهم ضواري الفلا، ليصرخوا بأعلى اصواتهما :

اننا نتهمكم!
فلترتعد فرائصكم مِن عدالة الشعب ومِن عقابه!



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter