|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  31  / 10 / 2017                                إبراهيم الحريري                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الأزمة الاخيرة
الأسباب، المضاعفات، النتائج

إبراهيم الحريري
(موقع الناس)

يحار المرء من اين يبدأ في تناول الأزمة الأخيرة التي لم تتم فصولا. و مع انها بدأت تأخذ مسارها الصحيح، اي المفاوضات و الحوار بين حكومة الأقليم و السلطة الأتحادية، فانها مرشحة لأن تنفجر مرة اخرى، في اي وقت، بسبب الشروخ - الجراح العميقة التي خلفتها، على كل الصعد، و الأخطر على صعيد علاقات الاخوة بين الأكراد و العرب و الأطراف الأخرى في النسيج العراقي.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تنشب فيها الأزمة بين الاكراد وبين السلطة المركزية، منذ تاسيس الدولة العراقية، و هي كانت تتخذ اشكالا مختلقة، من التوتر، الى القتال. لكن هذه الأزمات، اي شكل اتخذت، لم تكن تفلح في تفكيك عرى الأخوة و التضامن، بين الأكراد وبين الأطراف الأخرى من الشعب العراقي، خصوصا العرب. بل كانت تزيد في لحمتها قوة وتماسكا.

منذ الأربعينيات رفع الحزب الشيوعي العراقي شعار " على صخرة الأتحاد العربي الكردي تتحطم مرامرات الأستعمار" و عندما انفجر، اوائل الستينيات، القتال بين الأكراد و حكومة عبد الكريم قاسم، نظم و قاد الحزب الشيوعي العراقي، مظاهرات "السلم في كردستان" . ومنذ اواخر الستينيات رفع الحزب الشيوعي الشعار الرائع " السلم في كردستان و الديمقراطية للعراق" الشعار الذي لم بفقد اهميته و راهنيته حتى الأن، بل خصوصا الآن.

و لم يقتصر الحزب الشيوعي العراقي،على رفع الشعارات و تنظيم اشكال التضامن السلمي مع الحركة الكردية المسلحة، بل ساهم، في اوقات مختلفة في الكفاح المسلح، الى جانب الفصائل القومية الكردية، وشكل، تحت قيادته، الفصائل التي ضمت الأكراد و العرب و الأشوريين الخ...و لقد دفع الحزب ثمنا غاليا من دماء اعضائه و كوادره و اصدقائه ، ليس، فقط، بسبب مشاركته في القتال الى جانب الفصائل القومية الكردية ضد القوات الحكومية ، بل، ايضا، بسبب القتال بين الفصائل القومية الكردية المسلحة (بشت أشان).

لكنه للمرة الأولى تأخذ الأزمة بين الأقليم و الحكومة المركزية (الأتحادية) شكل شرخ واسع ، عميق ، على الصعيد الشعبي، تساهم فيه اوساط واسعة: شعبية، سياسية، حتى ثقافية... يمكن ان يترك اثارا مدمرة على علاقات الاخوة و التضامن بين الكورد و بين العرب، بالأساس، هذا اذا اغفلنا الأطراف الاخرى.

كيف حدث ذلك؟

لن تنفع محاولات تغطية هذا التطور المؤسف الاليم بالعودة الى الشعارات و العبارات و الأغاني الرومانسية (هربجي! كرد و عرب فد حزام!) فقد انفك الحزام، و بان الجرح و تتطلب معالجته و لأمه وقتاً طويلا، هذا اذا امكن ذلك.

لا يمكن، بالطبع، الا الترحيب بالتطورات الأخيرة : الحوار، التفاوض، مساعي التهدئة الخ...

لكن ذلك ، وحده، لا يكفي

ينبغي التوجه الى اعادة بناء الجسور التي تخربت، من الأتجاهين و ليس باستطاعة النخب الحاكمة في الأتجاهين، القيام بذلك.

ذلك ان الحل يكمن في بناء الدولة المدنية الديمقراطية، في الاتجاهين

الحل يكمن في اشاعة الديمقراطية في الأتجاهين و في الحياة العراقية باسرها

الديمقراطية الحقة، ديمقراطية المواطنة، الديمقراطية المدنية، و ليس ديمقراطية المحاصصة و اقتسام السلطة و الغنائم.

بذلك وحده، باعادة بناء الدولة على هذه الاسس، يمكن اعادة بناء الأخوة العربيه - الكردية

و الا فأننا سنصحو ذات يوم على ازمة جديدة قد لا تبقي و لا تذر!




هاملتون كندا
31 10 2017




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter