|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  26  / 10 / 2015                                إبراهيم الحريري                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

"التحالف الرباعي": ما له وما عليه (8)
التغيير؟ ام التحرير؟

إبراهيم الحريري

يطرح هذا التساؤل منذ امد. ورغم ان احدا لم يعارض التغيير علنا، الا ان المواقف الفعلية، على الأرض، هي غير ذلك.

في الفورة الأُولى، لدى اكتساح مظاهرات التغيير الساحات والشوارع في اغلب مدن العراق، بصم الجميع، بالعشرة، على حزمة الأِصلاح الخجولة التي طرحها السيد العبادي، بل ان "البعض" ممن وقف، منذ البداية، خصوصا عندما كان على رأس السلطة، وقف وجوقته، في البرلمان وخارجه، موقف العداء من حركة التغيير، وكانت في بداياتها، ولم يدّخر وسعا في تسخير اجهزته، العلنية منها والسرية، للتنكيل بناشطي التغيير. وراح وجوقته يزايد على حزمة د.العبادي بدعوى انها غير كافية! وهي كذلك حقا، لكنها كلمة حق يراد بها باطل!

ثم بدأ العزف، بعد ان استعادت الجوقة انفاسها، وبأِشارة من المايسترو، سواء كان داخل العراق او خارجه، بدأ التشكيك؛ فمطالب حركة التغيير مشروعة، حسب هؤلاء، لكن تقف وراءها جهات ذات خلفيات ايديولوجية (تصريح السيد المالكي) اي، والعياذ بالله، "شوعية"! (انبيك عليا لو خرجت اليوم لقالوا عنك شيوعيا - من قصيدة لمظفر النواب، معذرة ان كنت لم اورد النص بحرفيته)، وينطبق الأمر على ابنه الحسين، سيد الشهداء، وعلى كل من خرج ليقاتل الظلم والظالمين والفساد والمفسدين)

وبينما راهن البعض على اضمحلال مظاهرات التغيير، بدأ، هنا وهناك، الضرب "تحت الحزام"، خطف هنا واغتيال هناك، ومن قبل جهات كان، وما يزال، من المفروض ان توجه نشاطها وسلاحها، ضد داعش(تصريحات ومواقف بعض قيادات الحشد الشعبي)، ولعل هذا ما يثير هواجس "التغيريين" ومخاوفهم.

اما الموقف على صعيد حركة التغيير وناشطيها من المعركة من اجل التحريرفكان، وما يزال، مختلفا، ان لم يكن معاكسا. فقد وجه الحزب الشيوعي، على حد علمي، اعضاءه ومناصريه الذين يرغبون في المشاركة في معركة التحرير، بالأِنخرط في القوات المسلحة والحشد الشعبي. وتشهد على ذلك قوائم شهداء الحزب من المنخرطين في الحشد. ولا اعتقد ان مواقف الآخرين، لمساهمين في حركة التغيير، اشخاصا ومنظمات وحركات، يختلف عن موقف الشيوعيين. فلم يعزل الشيوعيون، يوما، بين النضال الوطني من اجل التحرير، مهما تعددت اساليبه واشكاله، وفي اي ساحة من ساحات النضال، الوطني والقومي. تشهد على ذلك مواكب الشهداء، من الشيوعيين واصدقائهم، ضد الإستعمار ومعاهداته واحلافه والحكومات الموالية له، لم يعزلوا ذلك عن نضالهم من اجل الإصلاح والتغيير والتقدم الإحتماعي، دفاعا عن مصالح الكادحين والمظلومين. بل اعتبروهما وجهي عملية واحدة،هي عملية التغيير، مهما تعددت وجوهها،على كل صعيد.

ويكتسب، في الظروف الراهنة التي يمر بها العراق، الجمع الخلاّق بين وجهي عملية التغيير، اهمية بالغة. ولا يتطلب الأمر كبير جهد وتفكير لأِدراك اهمية وضرورة هذا الأمر، يكفي ان يتساءل المرء: كيف وصلت بنا، بالعراق، الأُمور الى ما هي عليه الآن، من تدهور وأِنحطاط بالغين، على كل صعيد؟ كيف حدث ان داعش تحتل الآن ما يقارب ثلث العراق؟ قيل وكتب الكثيرعن ذلك، يكفي الإشارة الى بعض المعالم: التقرير البرلماني عن سقوط الموصل، الفساد، المحاصصة الخ... القائمة التي تمتد طولا حتى تلتف حول اعناق كل من اوصل العراق والعراقيين الى ما هم عليه الآن.

يقال أن هذا ناتج عن الإحتلال والأسس التي ارساها ومن تولى تنفيذها. وهذا صحيح الى حد كبير. لكن ينبغي التساؤل: من شرع الأبواب امام الإحتلال؟ أ لم يكن صدام حسين ونظامه الدكتاتوري ومغامراته الحمقاء ضد ايران والكويت؟

يقال ان هذه مخططات قديمة للإمبريالية واسرائيل، وليس ثمة اي عاقل ذلك ينكر ذلك. لكن، مرة اخرى من سهل لهم تنفيذ مخططاتهم؟ أ ليس هو صدام حسين الذي يتباكى البعض عليه ويحنون الى نظامه؟

لقد سحق من عارضه وطالب بالتغيير، من داخل حزبه ومن الأحزاب والحركات الأُخرى، ثم استوى على العرش...

اراد ان يبني امراطورية تخلف امبراطورية الشاه، يكبر بها ويجلس على عرشها، لكنه شرّع ابواب العراق، على مصاريعها، لكل طامع ومحتل، (اللي يسوى والمايسوى) فصغر حد التلاشي، وها هوالعراق يكاد يتلاشى.

كان من الضروري فتح هذا القوس لتذكير من نسي، ويريدنا ان ننسى "الوضع والموضوع" (لذلك نكتة يعرفها البعض وليس هنا مجال "التذكير" بها، وارجو ان لا اضطر يوما الى فعل ذلك).

وها هم ورثة صدام حسين ومن ساروا، ويسيرون، على خطاه، وضعوا، بطمعهم وفسادهم وتفردهم ووقوفهم ضد كل شكل من اشكال التغيير، يضعون العراق امام منزلق خطير ويوسعون فتح ابواب العراق، المفتوحة اصلا، لكل اشكال التدخل ويوردون العراق وشعبه موارد الهلاك.

وإذ تشتد المراهنة على هذا الحلف او ذاك للقضاء على داعش ولـ"تحرير" العراق، فانه لا بد من التساؤل:
وماذ ابعد؟
من يضمن، اذا بقيت الأمور على حالها، انه لن تتشكل حركة اخرى بذات الأهداف اوبتحوير بسيط، تعيد الأمور الى "المربع الأَول". هذا اذا بقي ثمة مربع اومستطيل، اوحتى نقطة،مجرد نقطة؟ أ لم تولد داعش من رحم القاعدة، بشكل اشد ضراوة؟
بأي حلف ا وتحالف سنجتنجد حينئذٍ؟

ما اريد ان اتوصل، واصل بالقارئ اليه انه من اجل عدم تكرار دورة العنف بين الفترة والأُخرى ينبغي استئصال كل العوامل التي ادت وتؤدي الى انبعاث العنف من جديد، من جذورها. وانه لتحقيق ذلك لا بد من الشروع بالتغيير والإصلاح فورا، ولا ينفصل ملف المصالحة الوطنية، العتيد، الذي يجري لوكه من زمان، فنسمع جعجعة ولا نرى طحنا، بينما "ينطحن" العراق. وهو لا ينفصل عن ملف التغيير والتحرير ان لم يكن واحدا من اهم فصولهما.

هكذا يبدو التغيير والتحرير والمصالحة الواحاً من كتاب، قد يتقدم، احيانا، الواحد على الآخر، هنا او هناك، عنوانه "التغيير"!
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter