|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  17  / 2 / 2012                                إبراهيم الحريري                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 عن "سن الذهب" ادافع لا عن مفيد !

 ابراهيم الحريري

اثارت الخاطرة التي نشرتها تحت عنوان "التفسير المادي لسن الذهب" بعض النقاش، نشر بعضه في هذا الموقع او ذاك بينما تفضل البعض بالكتابة لي عبر بريدي الألكتروني. و تنقسم الردود بين مستحسن حد المبالغة وبين ناقد حد التهجم . و يذهب النقد، بغض النظر عن لغته، في اتجاهين : الأول يعتقد اني بردي كنت اتوخى "التقرب" بكلمة اخرى ، تملق، الرفيق مفيد ! و الاتجاه الأخر، يعتقد اني اتخذت الرد على مقالتي الصديق سعدي يوسف و السيد الشاهر تكئة لانتقاد، قل لمهاجمة ، ابو نيسان !

كلا الرأيين يجانب الصواب : فلا انا بالمتملق ، و يعرف ذلك عني كل من عمل معي، بل اني اتهم احيانا بالمشاكسة بسبب اعتدادي باستقلالي الشخصي حد المبالغة، بل انفر من المتسلقين و المتملقين حد التقزز. فالمتسلق - المتملق هو اما يعاني من ضعف في الشخصية او يحاول التسترعلى ضعفه و سقطاته... و انا لست بهذا و لا بذاك. فلقد ادنت ضعفي وسقطاتي ،علنا، حد الجلد .ولا احسب ان الرفيق مفيد يقرب المتسلقين و المتملقين و يحيط نفسه بهم، فتلك ، لعمري، خلة معيبة لا تليق بالشيوعي ، فكيف اذا كان قائدا، اذ تفقده القدرة على الحكم السليم على الاشخاص و الاحداث، ما دام لا يعتمد الموقف الموضوعي منها بل الرضا الشخصي . كما انني لست بحاجة الى تكئة لممارسة النقد مع نفسي و مع غيري ، لدرجة انني اتهم احيانا بالتشدد و عدم المرونة...

لا اريد ان اخوض في النقاش حول جدارة الرفيق مفيد لمركز سكرتير اللجنة المركزية، كما نشر في "الحوار" احد المعلقين الذي كتب انه لا يرى ان يكون الرفيق مفيد سكرتيرا و ليس لذلك علاقة، كما كتب، بسن مفيد الذهبية ، اقول لا اريد ان اخوض في هذا النقاش ...

فالمؤتمر التاسع للحزب لم ينعقد بعد، و لم تنتخب اللجنة المركزية الجديدة ، و لم اتشرف بأن اكون من بين المنتخبين لادلي برأيي بصراحة يعرفها عني الكثيرون ، و لا اعتقد ان الرفيق مفيد او غيره سيزعل اذا لم اصوت لصالحه ما دمنا ننطلق جميعا ، مهما اختلفت اصواتنا واراؤنا في بعضنا، لا من سن هذا او ذاك الذهبية ، بل من قضية الحزب و مصلحته.

اذن ما لنا و لكل هذا ، فهو خارج الصدد، كما يقول المناطقة من امثالي، ولنعد الى ما هو اهم !

فحسب النظرية "السنذهبية" او بالاصح "الانتي سنذهبية" التي اطلقها الصديق سعدي يوسف في واحدة من نزواته، باعتبار انه يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره، و "عرّت" بها و عمقها و عممها السيد صباح علي الشاهر، فانه لا يجوز للعزيز مفيد ان يكون سكرتيرا للحزب لانه يضع سنا ذهبية واحدة - لم يحدد مكانها في خارطة فكه ليتبين لنا الرشد من سننا او من سن مفيد - مع انه تسامح مع من يضع فكا او فكين ذهبيتين ، كما فهمت ، و ارجو ان لا اكون مخطئا (مع ان الخطأ و السهو مرجوع للطرفين كما تقول فواتير الشورجة ايام زمان) فقد يكون ابو الفكين الذهبيتين "منطراً" (او مضطراً ايهما اوقع) فللضرورة احكام، فهو و الحالة هذه معذور ، بحسب النظرية السنذهبية، لصاحبها السيد الشاهر - ماركة مسجلة - لكن ما عذر من ركّب سناً ذهبية واحدة في جانب واحد من فكه ؟ بل راح - و العياذ بالله - يتمقلج و يتغنج تمقلج و تغنج النساء، لزوم السن الواحدة (لزوم الشغل!)

قلت في نفسي لا يمكن ان يكون اصحاب النظرية السنذهبة مخطئين و لا بد ان يكون للسيد الشاهر سند من قانون الحزب الشيوعي (نظامه الداخلي) فوجدت انه يحرم من كان محكوما بجنحة او جناية مخلة بالشرف من عضوية الحزب , قلت اذهب الى قانون العقوبات البغدادي او اي قانون او دستور على وجه الارض فلم اجد مادة تحرم من ركب سنا ذهبية من ان يكون عضوا في اي حزب او جمعية ، و بالتالي فأِن من حقه ان يرشح لأَي مركز فيه، اذ لا يعقل ان يسمح له بان يكون عضوا كامل الأهلية في الحزب و يمنعه من شغل مركز متقدم فيه بدعوى سنه الذهبية ...

بقيت بضعة "تفاصيل" صغيرة ، فقد تأكد ان الرفيق مفيد، لسوء حظه و حظ اصحاب النظرية السنذهبية ، لا يضع مثل هذه السن و يمكن لمن يريد التأكد مراجعة طبيب اسنانه!

نعم ثمة تفصيل او تفصيلان آخران : فالشهيد سعيد متروك لم تمنعه سنه الذهبية‘على ما اتذكر، من ان يلعب ، في الكاظمية، دوراً بطولياً في مقاومة انقلاب شباط 63 (الذي نتذكر فظاعاته هذه الايام) و لا من مواجهة رصاص قطعان الحرس القومي التي لعل واحدة منها اصابت سنه الذهبية فما زادته الا بهاءً .

التفصيل الصغير الاخير يعود الى اواخر عام : 1958

كنت في مقر اللجنة المحلية لبغداد (اختارني مسؤولها الرفيق الراحل صالح دكله سكرتير شخصيا له - ترجم : شايجي و فراش و عامل استعلامات! الله يرحمك يا ابو سعد ، شلون كلاو اصلي ! لتحت السرّه!) عندما دخل المكتب رجل في اواسط الثلاثينات طويل ناحل كث الشعر ، موخوط بالشيب. هرع اعضاء اللجنة المحلية يتقدمهم الرفيق صالح لملاقاته بالعناق اذ كان عائدا من السفر. ضحك فبانت في الزاوية اليسرى من فمه سن ذهبية (تأكدت من ذلك من اخيه ، مهدي - ابو صلاح - المقيم في مونتريال - كندا في اتصال تلفوني اجريته معه قبل ايام) كانت المرة الاولى التي التقي فيها ابو ايمان، سلام عادل ، حسين الرضي...

سألتقيه ، فيما بعد مرات عديدة، كانت آخرها فجر العشرين من شباط في سرداب قصر النهاية...
لعل الجلادين استفزهم صموده الاسطوري فقلعوا، فيما قلعوا ، بالكلابتين، مثلما فعلوا باسنان الشهيد محمد حسين ابو العيس، كما تروي سافرة حافظ جميل ، زوجته وقتها، المعتقلة معه في قصر انهاية ، لعلهم اقتلعوا من بين ما اقتلعوا من بين اسنانه ، سنه الذهبية.

لم يرق سلام عادل، ابو ايمان، الرفيق الحبيب الخالد، الى الشهادة متغنجا ، بل ثابت الخطوة يمشي ملكا...

فهل سيستحي من يجب عليه ان يستحي ,أم نستحي نحن نيابة عنه، لنوفر عليه الجهد الصعب ؟!

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter