|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  9  / 7 / 2019                             حكمت شناوة السليم                                 كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تحية الى ثورة 14 تموز المجيدة

حكمت شناوة السليم
(موقع الناس) 

القسم الاول

تمر علينا في هذه الايام الذكرى السنوية لثورة تموز الخالدة وهي بحق ثورة الشعب بكافة فئاته ويرى الباحثون والمؤرخون بأن قيام ثورة 14 تموز واسقاط الملكيه جاء نتيجة نضال جيل كامل من الطبقه الوسطى والفلاحين والعمال ,وأنها الوريث الشعبي لوثبة كانون وانتفاضة تشرين وحركات الفلاحين المسلحه في الدغارة وألرميثه .

و ثورة 14 تموز من الحوادث المهمه التي كادت تقلب ميزان القوى في الداخل والخارج لصالح حركة التحررالوطني , لو قدر لهذه الثورة وحكومتها بالاستمرار لكان العراق اليوم في مصاف الدول المتقدمة ويمكن لها ان تتطور الى جمهورية ديمقراطيه ، لولا المخططات الاستعماريه الداخليه والخارجيه التي اسقطتها. وقد عادتها جميع الدول ألاستعماريه , وأعضاء حلف بغداد - تركيا وايران والباكستان وبريطانيا منذ الساعات ألأولى لقيامها. ولم تكن ثورة تموز مجرد تغيير في الحكم فهي لم تدمر الملكيه وحسب ,بل ان مستقبل طبقات بأسرها ومصيرها تأثر بعمق , لقد دمرت الى حد كبير السلطه الاجتماعيه لأكبر مشايخ مالكي الارض , وتعزز نوعآ ما موقع العمال والشرائح الوسطى والدنيا من المجتمع .
قامت ثورة 14 تموز نتيجة تراكمات من الفقر وألاستبداد السياسي ولمعرفة اسباب قيامها لابد من دراسة الحاله الأقتصاديه وألاجتماعيه والسياسيه قبل الثورة.

كانت طبقة الفلاحين تمثل النسبه الكبيرة من سكان العراق واكثرهم من سكنة الأرياف ,كانت الاراضي الصالحة للزراعه تقدر ب32,1 مليون دونم وكانت هذه الاراضي الزراعيه يسيطر عليها 253,254 عائله من الملاكين , ويختلف حجم ملكية مساحة الارض الزراعيه من عائلة اقطاعيه الى اخرى ,فمثلآ هناك 8 عوائل اقطاعيه تملك 1,434,825 دونمآ من هذه ألأراضي الزراعيه
ومن كبار الملاكين الاقطاعين احمد عجيل الياور يملك ما يقاري 509 الف دونم , ومحمد الحبيب شيخ ربيعه ما يقارب 207 الف دونم وبلاسم محمد الياسين احد شيوخ المياح ما يقارب 200 الف دونم وبيت السعدون 765 الف دونم والشيخ موحان الخير الله ما يقارب المليون دونم وهكذا بقيه الأقطاعيين امثال محمد العربي , ومجيد الخليفه وشواي الفهد , وفالح الصيهود ......
وهنا نورد نماذج لما ملكه رؤساء الوزراء الذين حكموا العراق بالتعاون مع العائلة المالكه

رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلااني 2453 دونم ، رئيس الوزراء جميل المدفعي 3976 ، رئيس الوزراء علي جودت الأيوبي 6366 دونم ، رئيس الوزراء حكمت سليمان 16676 دونم ، رئيس الوزراء مزاحم الباججي 1941 دونم ، رئيس الوزراء مصطفى العمري 12732 دونم ، عبد الوهاب مرجان 9170 دونم ، احمد مختار بابان 3958 دونم.

وهكذا نلاحظ وبأختصار بأن روؤساء العشائر واغنياء المدن ورجال الحكم تمكنوا وبأساليب مختلفه من السيطرة على الأراضي الصالحه للزراعه.

بعد تكوين الحكم الملكي في العراق ولتثبيت ألاقطاع في العراق اصدر مجلس النواب الذي كان اكثريته من ألاقطاعيين عدة ىتشريعات قانونيه ساهمت بتثبيت النظام ألأقطاعي ومن اشهر هذه القوانين قانون حقوق وواجبات الزراع الذي اشترط في احدى مواده منع الفلاحين من مغادرة ألاراضي التي يسكنونها ألا بعد تسديد جميع ما بذمتهم من ديون ألأقطاعي ويحق للأقطاعي ان يأخذ الرهائن من الفلاحين المطلوبين كاولادهم وزوجاتهم.

واصبح انتاج الفلاحين في نهاية الموسم الزراعي لا يسد معيشتهم اليوميه وكانوا يعيشون في اكواخ من القصب هم وحيواناتهم في كوخ واحد , ويعاملهم الاقطاعي معاملة العبيد يطيعون ما يأمر به. وقد اسس حراسآ خاصين به يطلق عليهم (الحوشيه) يقومون بمعاقبة الفلاحين بأساليب وحشيه وانتشرت بينهم الكثير من الامراض المستعصيه مثل السل والتراخوما وكانت هذه الأمراض تترك بدون علاج حتى وفاة المصاب , وما يستلمه الفلاح من اتعابه لا يقدر بربع من انتاجه والتعليم شبه معدوم في قراهم , مما اضطر الكثير منهم للهروب والسكن في مناطق حول المدن وخاصة في البصره كمحلة الرباط الكبير والصغير ومحلة الساعي والحسينية وعلى ضفاف الخندق وجميع محلات سكناهم معدومة الكهرباء والماء والصر ف الصحي وينامون على الأرض ايام الشتاء ويستعملون سعف النخيل كغطاء ايام الشتاء القارص وفي بغداد انتشرت اكواخهم في الشاكريه وغيرها .

اما الطبقه الوسطى من المثقفين خريجي المدارس العراقيه والأجنبيه فكانوا مبعدين عن الحكم مما دفع هذه الفئة الى اللجوء الى التنظيمات السرية كأحزاب وجمعيات .

يذكر الباحث الاستاذ حليم احمد في (موجز تاريخ العراق الحديث ص 128) : لم تزد المصروفات الحكوميه على شؤون التعليم والصحه والخدمات ألاجتماعيه عن عشرة ملايين دينار , أي سدس مجموع المصروفات العامه.

واصبح العراق وموارده الطبيعيه تدار من قبل حلف بغداد وخير وصف لنظام العراق قبل الثورة ما جاء في قصيدة الشاعر معروف الرصافي :

علم ودستور ومجلس امة    كل عن المعنى الصحيح محرف
اسماء ليس لها مسمى سوى الفاظها       اما معانيها فليست تعرف
من يقرأ الدستور يعلم انه         وفقآ لصك الانتداب مصنف


دخول العائله المالكه الى العراق ,وحكم الملك فيصل الاول
في البدايه علينا ان نعرف جيدآ انه لا توجد اي روابط تاريخيه او اجتماعيه تربط بين عائلة الملك فيصل الاول اول ملك توج على العراق وبين الشعب العراقي حيث يرجع الملك المتوج الى الحجاز والذي جاء به الأنكليز ووقف بجانبه الضباط الذين يطلق عليه اسم الضباط الشريفين الذين كانوا في الجيش العثماني وتحت ادارة الدوله العثمانية قبل سقوطها وقد خدموا السلطان العثماني تحت ستار الخلافه الأسلامية واطاعة خليفة المسلمين . و كان عددهم يربو على ثلاثمائة ضابط عربي خدموا في الجيش العثماني.

وقد اختار فيصل الأول المشهور بذكائه وكان دائمآ يتصرف بحنكه ودهاء , وقد وصف المستشار الأنكليزي الملك فيصل الأول بأنه كان غاية في البراعه وغايه في التعقيد وغاية في النزوع الى المناورة ، لقد اختار من الضباط الشريفيين لتنظيم نظام الحكم شله منهم مثل جعفر العسكري , ونوري السعيد , وعلي جودت الأيوبي .
توفى الملك فيصل االأول او قتل مسمومآ في سويسرا كما اشيع وجاء من بعده ولي العهد

الملك غازي ابن الملك فيصل الآول
ولد في الحجاز وتزوج ابنة عمه عاليه التي انجبت له ولي عهده الوحيد فيصل الثاني ثم انفصل عنها.
ينظر السياسيون والأنكليز الى الملك غازي بأنه لم يخلق للتاج , متهور, اتهمته زوجته عاليه بالمجون, والفجور وألأنحراف,, , تسلم زمام الحكم بعد وفاة والده عام 1933 وكان عمره 23 سنه, طالب بضم الكويت الى العراق, اسس اذاعه خاصه كان يشرف عليها في قصر الزهور, كانت تنقصه الخبره السياسيه .
توفي في حادث سيارة في في عام 1939 حيث كان يسوقها بسرعه فائقه فأصطدمت بأحد اعمدة الكهرباء , ونسجت القصص الكثيرة حول حادث وفاته ومن كان معه في السيارة , وتشيير معظم التقارير بأن حادث الوفاة كان مدبرأ من قبل الأنكليز وقسم من الساسة العراقيين.

جاء بعده الأمير عبد الآله الذي عين وصيأ على العرش بعد مقتل الملك غازي

كان عبد الآله الذي اصبح وصيآ على ابن اخته الملك فيصل الثاني ابن غازي احد المتهمين بقتل الملك غازي .

يقول حنا بطاطا في كتابه (العراق الجزء الأول صفحة 379) مما يثير الدهشه , ان نوري السعيد اخبر مستشار السفارة البريطانيه ان الملكه عاليه اقسمت انها ستعلن وثيقه تعبر عن رغبة غازي في ان يصبح اخوها عبد الأله وصيأ على العرش اذا ما تعرض الى اي حادث, نظرأ لأن ابنه ما يزال قصرآ وقد قوبل بيان عاليه بأستنكار من قبل الشعب العراق واتهامها بأنها كانت على علم بمؤآمرة قتل غازي لأنها كانت مطلقته وتكن له الكره والحقد وتميل الى اخيها عبد الأله.

عبد الأله لم يكن قد تلقى الكثير من التعليم بل كان تلميذآ فاشلآ عاش في مكه وقد اشرفت على تربيته امه الشركسيه نفيسه التي قضت ايام صباها في واحد من قصور عبد الحميد السلطان العثماني, يحدثنا الكاتب عبد الرحمن منيف عن عبد الأله كان ميالأ للعزلة والأنطواه وتعلق منذ وقت مبكر بالخيل وأنه تربى في جو غالبيته من النساء مع والدته , فقد اكتسب بعض صفاتهن واثر ذلك على سلوكه يمكن القول انه كان اقرب الى التخنث , وليست اخلاقه فوق الشبهات وخصوصآ ما يتعلق برفقته الدائمه والمبالغ بها للشاب الجوكي (فارس) من الدليم
وعندما تسلم الوصي البالغ ال27 من عمره والعديم الخبره اصبح خاضعآ كليآ لنوري السعيد, دعمه البريطانيون الى ابعد الحدود , يضيف المؤرخ حنا بطاطو : اصبح النظام الملكي الذي اوجده الأحتلال الأنكليزي بعد عام 1941 يتخذ لنفسه اكثر فأكثر سمات الحكم القسري وقت اعلنت الأحكام العرفيه بين عام 1941 وعام 1958 اربع مرات . قتل مع ابن اخته الملك فيصل الثاني بعد قيام ثورة 14 من تموز

الملك فيصل الثاني
ولد عام 1935 . بعد وفاة والده اصبح ملكأ تحت وصاية خاله عبد الأله حتى بلغ سن الرشد , اشرفت على تربيته والدته عاليه المطلقه من زوجها الملك غازي لكثرة الخلافات وألأتهامات بينهما.

تساعدها في تربيته المربيه الأنكليزيه مس ريموس درس في بغداد ثم في لندن ,خطب الأميرة التركيه فاضله كان قليل التجربه في الحكم لصغر سنه سيطر خاله على سياسة الدوله مع نوري السعيد , حتى مقتله في يوم 14تموز

القسم الثاني قيام ثورة 14 تموز المباركه

قيام ثورة 14 من تموز ومقتل العائله المالكه

كيف تم قتل الملك فيصل الثاني؟

في البدء لابد من القول لا توجد اي وثيقة او تعليمات رسميه تقر بتصفية العائله المالكه ميدانيآ حتى وان قاومت الثوار, كما لا يوجد اي توجيه حزبي من قبل جميع الأحزاب المشتركه بالجبهة الوطنيه التي ساهمت بقيام ثورة تموز تشير الى ضرورة تصفية العائله المالكه , وتنص جميع الدراسات والوثائق حول مقتل الملك فيصل الثاني وعائلته كان تصرفأ فرديآ.

ارخ المؤرخ حنا بطاطو في كتابه الشهير (العراق - الجزء الثالث الصفحه 110) حول مقتل الملك فيصل الثاني ملك العراق السابق عند الساعة الرابعة والصف صباحآ , دخل لواء العشرين الى بغداد...... وقد عبرت كتيبة عارف نفسه الثالثه الى الكرخ وكان عليها ان تضع يدها على محطة الأذاعه وبيت نوري السعيد والقصر الملكي وتم كل شيء على ما يرام وحسب ما خطط له و يبدو ان اعدام افرادالعائلة المالكه بأطلاق النار عليهم لم يكن أمرآ مقررآ واستنادآ الى الملازم فالح حنظل من الحرس الملكي.... يقول ظهر الرئيس عبد الستار سبع العبوسي  واطلق النار فجأة ومن وراء الظهور على العائله المالكه فسقط الملك فيصل الثاني مصابآ, وقد اعترف الرئيس العبوسي , الذي لم يكن عضوأ في العصيان من الأساس والذي جاء الى المكان بعد ان سمع نداء عارف الموجه من الأذاعه, وجاء في كتاب الملازم فالح حنظل رئيس الحرس الملك وقت الهجوم على القصر الملكي (اسرار مقتل العائله المالكه في العراق - صفحه 93) مايلي , في تلك اللحظه انه كان يمر بنوبه وشعور وكآن غمامة سوداء تغطي رؤيته, وانه ضغط على زناد الرشاشة بلا وعي ومن دون معرفه بما يدور حوله فأنفجر سيل من الرصاص الذي جاء من كل ناحية ومن كل من يحمل سلاحآ هذا الذي دفع الرئيس العبوسي بأطلاق الرصاص على العائله المالكه .

وهكذا انتهى الحكم الملكي في العراق واقامة النظام الجمهوري ، وما أن أذيع البيان الاول بالثورة حتى احتلت الجماهير من شمال العراق الى جنوبه جميع الشوارع والساحات مؤيدة الحدث الثوري الكبير وكان شعارهم عاش تضامن الجيش مع الشعب.

انجازات ثورة 14 من تموز

لقد حققت المنجزات الكبيرة بالرغم من عمرها ، لا يتجاوز اربعة سنوات والنصف وهو ضعف ما حققه الحكم الملكي خلال 38 سنه وما حققه الحكم الصدامي البعثي طيلة فترة حكمه وما حققه الحكم الطائفي الذي لا يزال متربعآ على سدة الحكم باسم الاسلام السياسي .

نختصر اهم الانجاز التي انجزتها ثورة 14 تموز خلال اربع سنوات ونصف

في المجال السياسي
اطلقت سراح جميع السجناء السياسيين المعتقلين ,وارجعتهم الى وظائفهم,.. سمحت بالحياة الحزبيه فأجازت الاحزاب الديمقراطيه والوطنيه ,..اجيزت الصحف على مختلف اتجاهاتها وحرية الرأي ,. ..اجيزت جميع النقابات العماليه واتحادها العام ,... اصدرت دستورآ مؤقتآ ديمقراطيآ اكد في مواده على ضمان حقوق جميع مكونات الشعب,, ساندت حركات التحرر العربيه والعالميه الغت جميع المعاهدات الاستعماريه التي عقدها الحكومه مع الدول الاستعماريه ,كحلف بغداد ,والمعاهدات الدفاعيه مع الولايات الامريكيه والبريطانيه,,كما قررت تحرير العمله العراقيه من الاسترليني فقررت الخروج منه والتعامل مع جميع العمل

اصدرت قانون الاصلاح الزراعي وتم تحريرالفلاحين حيث وزعت عليهم الاراضي الزراعيه
الغت قانون حكم العشائر ,,واصبحت القوانين المدنيه لوحدهاهي التي تفصل بين المواطنين في مشاكلهم
اصدرت قانون الاحوال الشخصيه فساوت بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات
اصدرت قانون 80 وبموجبه جرى تحرير جميع الأراضي من الشركات النفطيه التي لم تستغلها
بناء عشرات الاحياء السكنيه للفقراء كمدينة الثوره والشاكريه وغيرها
فتحت المدارس ذات الصف الواحد في جميع القرى والارياف
اسست شركة النفط الوطنيه التي اخت على عاتقها التنقيب وبيع المنتجات النفطيه
مد الخط العريض بين بغداد والبصره
عقدت المعاهدات الاقتصاديه مع جميع دول المعسكر الاشتراكي فتم بناء المصانع والمعامل الانتاجيه ومنها
انشاء معمل الادويه في سامراء ,معمل الزجاج في الرمادي , معمل الجلود وانتاج الاحذيه في الكوفه ….معمل التعليب والالبان في كربلاء....معمل الورق في البصره
بناء الميناء التجاري العميق في ام قصر

وهناك المئات من الانجازات يمكن الاطلاع عليها


اهم مصادر البحث
- العراق للباحث البرفسور حنا بطاطو
- عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراق للاستاذ عزيز سباهي
- كتاب سلام عادل, للمناضله ثمينه ناجي
- ومقالات مختلفه اخرى

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter