|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأربعاء  8 / 4 / 2015                                هيثم القّيم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

موجز حول أشكاليـّة العلاقـة بين الـعَـلمانية و الألحاد

هيـثم القـيّم *
haitham52@aol.com

يحصل خلط كبير بين الـعلمانية و الألحاد ، عند غالبيّة مُعارضي الـعَـلمانية .. وعند الكثير من أنصار و دُعاة العلمانيـّة أيضاً .. وهؤلاء الأنصار والدُعاة هم أكثر أساءة للعلمانية من مُعارضيها .. بسبب قصور معرفي في فهم المنهج العلماني وحيثـيّـاته .. وبسبب أن مِن بين الـعلمانيين من هو يـتـبنـّى الألحاد كمنهج فكري خاص بـهِ .. وهو شئ طبيعي ضمن حريـة العقيدة والفكر في النظام العلماني .. وغالباً ما يكون هو المُـتصدّي للدفاع عن العلمانية .. فينعكس ألـحادهُ على مفهوم الـعلمانية .. ليُـعطي سلاحاً مجانياً بيد مُعارضيها .. للطعن فيها و تـثـقيف أتباعهم بذلك .. حيث يترسّخ في ذهن المـُـتلـقـي أقـتران مفردة الألحاد مع مفردة العلمانية .. وبالتالـي تخسر الـعَلمانية مساحات غير مُبـرّرة من حجمها المتنامي في أوساط المجتمع الطامح للتغيير والطامح للحياة الكريمة مثل باقي البشر ..!

-
الـعَـلمانية ليست مُـلحدة ولا مُـتـديـّـنة .. وليست مُسلمة ولا بوذيـّة .. لأنها ببساطة ليست عقيدة في مواجهة باقـي الـعقائد .. وليست دين جديد في مواجهة باقـي الأديان ...!

الـعلمانية منهج للحياة .. وطريـقة لتنظيم الحياة وفق متطلـبات البشر الدنيوية في العيش بسلام و حرية و كرامة و أمان و سعادة ...! و العلمانية تستقي منهجها و قوانينها و تشريعاتها من واقع الحياة و أحتياجات الفرد و المجتمع و الدولة .. مستندة على العـِلم و ما يـُـنـتجـهُ العقل البشري من أبداعات .. و بذلك تـتميّز تلك القوانين و التشريعات بمرونة كافية تسمح بتغييرها أو أعادة صياغتها وفق تطوّر الحياة و متطلـّباتها ..! فليس من مهام العلمانية أيصال الناس للـجـنّة في ألآخـرة .. بل العمل على أن يعيشوا الجـنـّـة في الأرض ..! فتلك مُهمة الأديان في تهيئة الفرد و أعدادهِ لدخول الجـنـّـة السماوية ... لذلك العلمانية غير معنـيّة بما تؤمن و تعتنق طالما لا يتعارض مع القانون و مع الحريات العامة المكفولة للجميع ..!

بناءاً علـيه فالـعلمانية تحتضن جميع الأديان و العقائد و الأفكار تحت سقفها .. لأن هذا الأعـتناق يدخل في صُلب الحريـّة الشخصية للمواطن و المحميّة بالقانون ..! كون العلمانية تفصل بين الحياة الخاصة للمواطن و بين حياتهِ العامة .. واجبات العلمانية أن تهتم بالحياة العامة للمواطن من توفير الأمن الى الخدمات الى سبل العيش الكريم الى تهيئة الأجواء و الفرص لجميع المواطنين باستغلال عقولهم و كفاءاتهم و أبداعهم بما يخدم الفرد و عائلتهِ و بما يخدم المجتمع و الدولة .

-
لـذا يمكنك أن تكون مسلم / علماني ، و مسيحي / علماني ، و بوذي / علماني ، و ملحد / علماني .. بمعنى أن تعتنق ما تشاء من عقائد و أفكار و تمارس طقوسك الدينية و متطلـّبات عبادتك بكل حريـّة .. بشرط عدم أكراه الآخرين على تــبنـّي ما تعتنق بالقوة أو بالتعسّف ..! و تعيش في المجتمع العلماني كـفرد مُنتج و متفاعل مع الأخرين مُتـمتـّـعاً بكل حقوق المواطن على دولتهِ و مجتمعه ، و خاضع للقوانين المُنظـّمة لحركة المجتمع في نفس الوقت ...!

-
و نكرّر القول هنا أن النظام الـعلماني يمنحك الفرصة ( بالأخص المسلمين ) لكسب الحياة الدنيا و الحياة الآخرة معاً ..!
فأنت تعيش في مجتمع مُتصالح مع نفسه ، ولا توجد فرصة لأي صراعات طائفية أو دينية أو عرقية .. تعيش بسلام و كرامة و تعمل و تـُبدع و توفـّر السعادة لنفسك و عائلتك و تستمع بحياتك .. و في نفس الوقت تمارس طقوسك الدينية وعباداتك وبذلك تــُرضي ربك .. فـتكسب الدنيا و الآخرة ... و هناك ملايين المسلمين يعيشون في دول عـَلمانية ، ربحوا حياتهم و لم يخسروا دينهم ...!!

أخيراً أود التذكير بأن العلماني / الملحد .. عندما يطرح ألحادهُ ، فهو يمـثـّل ما يعـتـنقـهُ هو شخصياً من فكر و قناعات .. ولا يـُمثل العلمانية كنظام و منهج .. مثلما يطرح العلماني / المسلم ، ما يعتـنقهُ هو شخصياً من عقيدة دينيّة .. دون أن يُمـثـل العلمانية ...!!



* مستشار ثـقافـي / منظمة بلاد الـسلام لحقوق الأنسان
مـستشار أعـلامـي / مؤسسة الـتضامن للصحافـة و النشر
كـاتـب
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter