|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأثنين  30 / 11 / 2015                                هيثم القّيم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

بمناسبة ذكرى أربـعينيـّة الأمام الحسين (ع)
كلام مِن الضروري أن يٌـقال ...!!

هيـثم القـيّم *
haitham52@aol.com

يتكرّر المشهد سنوياً ، وفي العراق تحديداً منذُ أثنا عشر عاماً .. و يتكرّر معـه الأخذ والـرد والجدل والسجال حول طبيعة وطريقة أحياء ذكرى واقـعة الـطف ..!

و ينقسم السِجال بين فُـُسطاطين في الـوسط الشيعـي : الأول ينشطر الى نوعين ، نوع يتمسّك بالشعائر والطقوس والممارسات التي تـُرافق أحـياء الـذكرى ، ومنها الممارسات الغريبة والشاذّة وخصوصاً التي طرأت على المشهد خلال السنتين الأخيريتـيَن .. بـِعناد وتحدّي مصدرهُ طائفـي صـِرف مَـبني على فكرة (نحنُ موجودين .. غصباً على اليرضى و الما يـرضـى ..!) ، و خلفـيّة هذا الموقف فيها بُـعدين .. تاريخي يتعلـّق بما عاناه أتباع المذهب الشيعي على مدى مئات السنين ، مِن تهميش وظلم وتقـتيل وأقصاء .. بدءاً مِن أستلام يـزيد بن معاوية للخلافـة وراثـةً عن أبيه معاوية بن أبي سفيان .. الى منتصف الخمسينات من القرن الـعشرين ..!

والـبُـعد الآخر هو التخندق الطائفي الذي أنتعش واستشرى بعد 2003 .. وبـروز طبقـة تـجـّار السياسة وتـجـّار الشورجة وتـُـجـار المذهب ، الذين يعتاشون على تنشيط و دعم هذه الطقوس والممارسات بالكيفية التي تجري فيها ..!

النوع الثاني مِن الفسطاط الأوّل هو الذي يتبع بـوعـي أو دون وعـي رؤية التـشيّيع الصفوي لـقضـيّة الحـُسين ، التي حوّلت ثورتـهُ وتضحياته .. الى مأساة و نكـبة تستوجب النواح والعويل وحسب ..!

الفسطاط الثاني : هو موقف عُـقلاء الشيعة ومُـثّـقـّفيها وحتى من البسطاء وعديد مِن رجال الدين الشيعة .. هؤلاء يرون في الحسين ثورة تستوجب الأخذ بمعانيها وأهدافها وعِـبرها .. بدلاً عن قشورها وشكلـّياتها المُتـمثــّـلـة بالممارسات الغريبة والشاذة .. والتي هي أصلاً دخيلة على التشيّع العلوي ، كالتطبير واللطم والتلطيخ بالطين والضرب بالسوط ونطح الحيطان والزحف وآخرها الرقص على ألـ DG ..!

مِن المفارقات التي يغفل عنها الكثير مِن أهل الـفسطاط الأوّل والبعض من أهل الفسطاط الثاني .. هي أنهم دائماً ما يستشهدون بأقوال لرموز عالمية معروفة مِن أنحاء العالم مثل غاندي ومانديلاً وغيرهم ، وأِشادتهم بهذه الرموز تأتي من نظرتهم الى حركة الحسين باعتبارها مناراً للثورة على الظلم والفساد ...! لكنهم أي أهل هذا الموقف يتعاملون في نفس الوقت مع الحُسين على أنـهُ (مُـلك شيعي صـِرف) ..! في الوقت الذي يجب التعامل معها كثورة ضمن التراث الثوري العالمي .. وأعتبار الحسين رمز عالمي وليس شيعي خاص ..! هذا التوجه أفـقـَـدَ ثورة الحسين الصفة العالمية .. بينما لو تصرّفوا بالطريقة التي أشرنا لها .. لكانت رايات الحُسين مرفوعة في كل أنحاء العالم كرمز للثورة مِن أجل الحق والعدل ..!

لو تناولنا الموضوع مِن زاوية أخرى .. لوجدنا أن التشيّع الصفوي قد حـوّل الحسين من بطل مُـنتصر بوقفـتهِ .. الى مهزوم مُـنكسر .. ومِن صاحب قضيـّـة .. الى قضـيّة مظلوم .. يستدعي العويل والنحيب عليه والحزن على عطشـهِ وقطع رأسهِ وسبي نسائه ..! غافلين عمداً وخـُبثاً عن أنّ تفاصيل ومآسي مجريات موقعة الـطف قد وقعت .. وأصبحت من التاريخ ، ولا ينفع قضيـّة الحُسين بشئ العويل عليها أو نزف الدماء أو ما شابه ..! والأهم التعتيم على المعانـي الكبيرة لـوقفة الحسين وأستعدادهِ للتضحية والشهادة في سبيل مقارعـة الـظلم والأنحراف والفساد ، والتي هي ما يجب التركيز عليها وأستذكارهاً .. لأخذ العِبر ومن ثمّ تجسيدها عملياً على أرض الواقع .. وعلى طول السنة .. وليس في موسم الذكرى فقط ..!

ختاماً أقول لكي نـنصُر الحسين حقاً ولكي نحترم وقفـتهُ وتضحياتـهِ ولكي يصبح رمزاً عالمياً بحق ... علينا أن ننـظر للحسين كبطل تاريخي يستحق الأعجاب والأحترام والتمجيد ... لا أن ننـظر لـهُ كمسكين مظلوم قـُـطّعت أوصالهُ في مواجهة جيش يزيد الذي يفوقه عدداً وعدّة .. وبالتالي يستـحقّ النحيب والـعويل ، وبطرُق مُشينة واستعراضية مُثيرة للأشمئزاز في أغلبها ..!

فـلو لطمنا مليون سنة لن نخدم قضيـّة الحُسين بشيئ .. لكن لو رفعنا ظـلماً عن مظلوم واحـد ، أو حاربنا فاسداً واحداً ، أو حقـقـنا عدلاً في قضـيّة واحده .. سـنُـحيي ذكر الحسين بفخر وأعتزاز .. خيراً ألـف مـرّة مِن كل الصخب والتهريج الـذي يحصل ...!!
 


* مستشار ثـقافـي / منظمة بلاد الـسلام لحقوق الأنسان
مـستشار أعـلامـي / مؤسسة الـتضامن للصحافـة و النشر
كـاتـب
 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter