د. حسن البياتي
شجرة السرو
د. حسن البياتي
( الى شريكة حياتي فاطمة البياتي في عيد ميلادها الحادي والسبعين ومضي نصف قرن على حياتنا الزوجية المشتركة.)
أبصرتـُها ، وحمرة الاصيلْ ،
سندسةً بهية خضراءْ
تلثمها النسائم الناعمة العذراء
في بيتها الجميل –
غابتها الرحيبة الغنـّاء ... ،
أبصرتها عروسة حسناء
ترفل في حلتها الثلجية البيضاء
فتبهر العيون والقلوب والعقولْ
وتبعث الحياة في الجمادْ
وتجمع الأضداد
على بساط الرفض والقبول
والأخذ والعطاء ... ،
أبصرتها عند هطول الشمس واختفاء
مواكب الجليد غِـبَّ ساعة الرحيل ،
أبصرتها ، على مدى تعاقب الفصول ،
شجيرة هادئة وادعة سمحاء ...
في بلد مميز ممجد معطاء
غادرنا ، من زمن ٍ ، لكنه ما عادْ –
غيـّبه ، وسروتي ، الاوغاد
في غفلة من أهله الذينْ
قد عمـّروا البلاد والعباد ...
وفاض خيرهم على اليسار واليمين
في سائر الانحاء والارجاء ،
بعد انبثاق ثورة شعبية زعزعت الاوتاد
واقتلعت جذورها الخبيثة العجفاء
من كل رأس ٍ فاسد يعتمر الاوباء
ويخزن الشرور والاحقاد ...
وأمس ِ، بعد غيبة قاسية عصيبهْ ،
عادت إليَّ سروتي ، استقبلتـُها ،
عانقتها ، قبـلتها ...
لكنني ، كاد يمس نفسيَ الكئيبه
وهمٌ بأنّ سروتي الحبيبه
ما عاد فيها رونقٌ من خضرة وماء
مما تميزت به على مدى الايام والاعوامْ .
تـُرى لأن مقلتي غادرها الضياء
أم لعبت بسروتي الانواء ؟ !
لا ، أبداً . فلتخسأ الظنون والاوهام !
لمّـا تزلْ سروتنا الحسناء
فتيةً ، سخيةَ العطاء ،
مهما استطال العمر أو تطاول العناء
لأنّ في عروقها الاصيلة السماتْ
دفقاً كريماً من دم الحياة ...
لندن – 18 كانون أول/ ديسمبر 2010