| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. حسن البياتي

 

 

                                                                                        الخميس 17/5/ 2012

 

من يوميات الصبي الكادح حسوني

د. حسن البياتي

في البدء ِ كان بائعاً

أرغفة َ الخبز على رصيفْ

شويرع ٍ معبد نظيف

في حارة شرقيّ بغدادَ اسمها المألوف

في ألسن الناس ( الكرنتينهْ ) ،

محلة ٌ بيوتها عامرة بالحب والحياة والزينه ...

أمضى بها كادحنا الصغيرْ

حياتــَه حصوله على شهادة ( الليسانسْ ) ،

أحبه ، أحبهم فيها جميعُ الناس ،

إلا كلاب الليل والفئران ...

جارته – بائعة الحناء والبخورْ -

لمــّا يزل يذكرها كان اسمها بدور ،

صبية ٌ هادئة لطيفة مقلتها تنبض بالحنانْ

لطالـَما عاكسها الصِبيان

فتنزوي ، باكية حزينهْ

لكنما صبينا ، كادحنا الاصيلْ

كان يغيث دائماً جارتـَه بكفه الامينه

ذات العصا الغليظة المكينه ،

مكفكفاً ، برقة ، دموعها السخينه ،

فتنثتي باسمة ، شاكرة صنيعه الجميل ...

ومر عامان ، مضى بعدهما كادحنا ، فارسنا النبيل

يخوض ، واثـق الخطى تجربة كادحة جديدهْ

قد فتحت ادراكه على رؤى

عوالم واسعة غنية بعيده ...

صار يبيع الماءَ منذ لحظة الاصيل ،

بالقرب من مدخل ملهى اسمه المشهور ،

ملهى ليالي الصفا

يختلط الصفاء ، في احضانه ، بالجفا

فيظهر المكشوف والمستور والمحظورْ

وتفعل الكؤوس ما تشاءْ

في ذمم الرجال والنساء

تعلم الفتى ، وقد شبّ عن الطوق ، الكثير الكثيرْ

قبيل أن يحط ّ كعبيه على

أعتاب مدخل كبير ٍ كبير

لمعمل ِ السكائر الكائن في محلة ( المربـّعه ) ...

مـرّ من الشهورْ

ثلاثة أو أربعه

على الفتى ، كعامل ٍ أجير ...

وجاء عام خمسة واربعينْ

فهـزّ إضرابُ جموع الكادحين

في معمل السكائر المشهور ( لوكسْ ) ،

كيان مصاصي دماء المعدمين .

ودارت الاحداث والامور :

معاركٌ حامية نال بها كادحنا الجسور

ما نال من شتيمة وركلة و ( بوكس )

ماما ، لقد أسهمت في الاضرابْ

فسرحوني خارج الابواب ،

وليدك الصغير ، منذ لحظة الاضراب والمناوشات صارْ

يفهم ، عن وعي ، اموراً جمة كبار

يا ولدي ، يا كادحي الصغير ،

فلتبتهجْ ، خسرت في معركة الاضراب هذي العملا

لكنْ ربحت في مسيرة الحياة الأملا ،

فلتبتهج ، يا كادحي الكبير ،

اليو قد غدوت ، حقاً ، رجلا ...

واختطفت ، بـُعيد أشهر ، يد المماتْ

والدة الفتى الذي ما زالت الحياة

تمنحه الكثير

ولم يزل ، رغم الثمانين التي عانقها ، يسير
 


لندن  في الاول من ايار 2012

 




 

 

 

free web counter